فلسفة الحب

                                         

فلسفة الحب
بقلم الكاتبة :  سعاد الورفلي *
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إن الحب هو العامل الرئيس لكل ما يقوم به الكائن تُجاه الآخر ، فالحب قيمة عظيمة وهبها الله لنا لايستشعرها سوى من فقه فضل النعم المنعَم بها المتفضل على عباده .

الحب : كلمة بسيطة المبنى لكنها عميقة المعنى ، بحارها عريضة ، وأغوارها عميقة ، قيمة رهيبة تُؤتي أكلها كلما استحسن استعمالها .
إن الحب عامل البناء ؛ البناء الذي يساهم في التطور والتقدم والعطاء والتضحية ..
فما موت الجندي الصغير إلا نابع من حبه لبلاده ، حبه لِما قاتل من أجله ؛ فبلا حب لايوجد عطاء ، وهل هناك أعمق وأخطر من أن يضحي الإنسان بروحه ؟!
فالتضحية هي رأس الهرم لقيمة الحب ، وهي قاعدته العريضة ، وأضلاعه المتوازية..
استلْفت فيما استلْفت نظري قطة تحنو على صغارها الأربع ؛ تغمغم بأصوات غير مفهومة وهي الأولى من نوعها ، بيْد أنها كانت تموء بشراسة حينما تكون وحيدة ؛ تنحني عليهم وتقاتل دونهم وتُضرم حربا شعواء ، لو لمست إنسيا يقترب من الكوة التي تقطن فيها القطط الصغيرة ....تُرى – قلتُ في نفسي ؛ ما الداعي لهذه القطة أن تحنوَ كل هذا الحنو على قطط ستنافسها على الطعام مجرد أن يتفتق بصرها للنور ؟ قيل غريزة الأمومة لكن هذا لايكفيني لبناء فلسفتي العميقة في الحب ..
عن غريزة الأمومة مدعومة بدعامة عامة قوية ، مادخلت في شيء إلا حولته إلى قوة مضاعفة لاتشبهها باقي القوى ؛ هذه الدعامة ( دعامة الحب)
نعم ...إن هذه القطة الأم أصابها شيء من حب فأكسبها حنو غريزي  على جِراها الصغيرة ... فباتت لاتشبع قبل أن يشبعوا  ، ولاتنام أو تبحث عن رزقها حتى يناموا ، ولايهنأ قلبها وهي بعيدة وهم يتصارخون في جحرهم .
أعرفتم معنى قيمة الحب ؟
إن الحب شعور عميق تظهر سيماه في أفعالنا وأقوالنا ، دون أن نقصد نحن ذلك بأن نتعمد فعل التضحية !
إن فلسفة الحب مبنية على أساس قوي ينبع من شغاف القلب ، فكم من قاسيَ القلب حينما تمر من أمامه فتاة حسناء ؛ تنقلب سنحة وجهه إلى نضارة ، ويعتدل تقطيب الحاجبين  إلى استقامة ، وما هذا إلا بدافع محبته لما رآه ، وليس الإعجاب سوى قبس من المحبة المتأصلة ، فالمحبة موجودة لكن المحرك لها قد يخبو وتخمد جذوته حتى موعده ...
ربما تجد في مناطق نائية في دول آسيوية (أكلة الصراصير ) بينما تشمئز وتصاب بالغثيان لمجرد ذكر اسمها ، ولكن ما الذي دعاهم إلى أن "يقرمشوا " الحشرات ذات القشريات المقززة ؛ هل هو فعل المغامرة ؟ حسنا وما الذي دعاهم ودفعهم للمغامرة ؟ هل هو حب الشهرة ؟ حب الشجاعة ؟ حب الحشرات والتلذذ ؟
ألم تقرؤوا تساؤلاتي التي بدأتها بحب ؛ سواء أكان حب الظهور والشهرة أم حب المغامرة والانفلات ...إذن الدافع هو حب ذلك الشيء ..
وهذا ما أردتُ إيصاله هنا في هذه المقالة – أن الحب دافع لفعل كل شيء وأي شيء ...
فهناك الحب القاهر الذي يجتاز كل السدود والحدود ليصل إلى مبتغاه .
إن الإنسان في أضعف حالاته يقوى بالحب ، والقوي في أشرس وأعتى  حالاته يرِقٌّ بالحب ...أو يضعف !
والعنيد إذا أحب تنازل ، والقوي إذا أحب لاَن َ..
الحب بفلسفته ومعناه لانستطيع سبر أغواره ، عودوا إلى التاريخ واقرؤوا ما تيسر من مواقف متنوعة وأحوال مختلفة لاقت ، وعانت ، وهاجرت ، وكافحت ، كل ذلك بفعل الحب ...!
نحن عندما نقوم بالعبادات ، فإن الدافع لنا هو حب الله –عزوجل- نحن نعبد الله لحبنا له ولحبنا لأوامره وشرائعه تولّد فينا (فعل الطاعة ).
فالحب أن تفعل ما يرضي المحبوب ، رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- زرع قيمة الحب في قلوبنا ودعمها بقوله "حتى أكون أحبَّ إليه " فلقيمة الفعل يجب أن يكون مقرونا بالحب .
ذكّرني أحدُهم  قائلا : ليس بالضرورة أن تكون أغلب أعمالنا نابعة من الحب ...فهو صدق في كلامه لكنه لم يستشعر ما نتفلسف –الآن –حوله ، إن الحب طيف رقيق يتغلغل في النفس ليس بالضرورة أن يظهر شاخصا أمامك ليشعرك أنك الآن في حالة حب ، ولهذا تفعل هذا ...كلا..  كانت هكذا إجابتي وردي على المعترض لما ذهبتُ إليه .فالحب كامن في النفس فأنت تقوم صباحا وتتوجه إلى عملك ، ليس لأنك تريد أن تعمل وتحصل على النقود ، بل هناك نشاط داخلي منبعه محبتك لكل لحظة تبتدئ فيها عملك ..صحيح أن هناك أمزجة قاهرة قد تشوب وتشوش سماء الحب وتكدر صفاءها ؛ هذه الأمزجة أن تقوم مكدرا مثلا أو كارها لمدير العمل  ، أو ناقما على الروتين ؛ لكن دافعية الحب للعمل ، هو وَقود حركتك ونشاطك ؛ هي إكسير حياتك .
ولهذا تنوعت فلسفة الحب بما يطرأ على النفس من مشاغل تمنعها من تذوق القيمة دون حجب ...

وللمقال بقية وللفلسفة طرح آخر في عدد قادم إن شاء الله

*كاتبة وقاصة من ليبيا

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

955 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع