إسرائيل هلعة من «فيسبوك»

                                         

                              ديانا مقلد

منذ أكثر من عقد تقريبا، وصف الروائي الإسرائيلي المعروف «ديفيد غروسمان» المجتمع الإسرائيلي بأنه مجتمع يعيش نوبة من الذعر المستديم.

فخلف كل مظاهر البطش والقوة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين، طردا وقتلا واعتقالا، يظهر كيف أن سياسة كل شيء مسموح لأننا عانينا من المحرقة قد أفضت إلى دولة مذعورة تغرق في ممارسات نازية يوما بعد يوم معيدة إنتاج الماضي ولكن بعد قلب الأدوار.. آخر مصادر القلق الإسرائيلي هو ما يكتبه الفلسطينيون على «فيسبوك».. فقد تعددت حالات اعتقال فلسطينيين لأنهم كتبوا تعليقات ما على صفحاتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فجرى توقيفهم وإدانتهم حتى حين لا يثبت عليهم شيء. هذا ما حدث لشاب فلسطيني تمنى أن يكون «شهيدا» في تعليق له على «فيسبوك» فاعتقل وحين لم يثبت أنه متورط في أي عمل وكان فقط يعبر عن إحباطه جرى حبسه احتياطيا لخمسة أشهر..
بعد عملية كنيس القدس الأخيرة وما أعقبها من هجمات متفرقة فردية متبادلة بين مستوطنين وفلسطينيين ها هي إسرائيل تعاود الاستسلام لنوبات الذعر فتطارد تعليقا من هنا وتغريدة من هناك على قاعدة أن ذلك تحريض. يجري هذا طبعا فيما يتم تجاهل العديد من الصفحات الفيسبوكية التي يديرها متشددون إسرائيليون يطالبون علنا بقتل الفلسطينيين بل ويستوحون من محارق النازية أفكارا لذلك يضعونها أيضا على صفحات معروفة على «فيسبوك». وما مشروع قانون مكافحة الإرهاب المطروح سوى استكمال لحملة التمييز والاستهداف الممنهج للفلسطينيين..
آخر نوبات الهلع الإسرائيلي مشروع القانون المطروح أمام الكنيسيت بشأن «يهودية إسرائيل» وهو يستهدف مباشرة الأقلية العربية داخل المجتمع الإسرائيلي والتي تشكل نسبة الربع منه فيصادر منها هويتها وما تبقى من حقوق لها. وهذا الاقتراح العنصري بامتياز ليس طارئا، فيهودية الدولة هي في صلب فلسفة الصهيونية. لكن طرحها اليوم أتى لمجابهة الدور العربي المتنامي في الداخل الإسرائيلي سواء من حيث الديموغرافيا أو من حيث الدور. لهذا جرت مقارنة اقتراح القانون هذا بقوانين الجنسية التي طرحت في ثلاثينات القرن الماضي في أوروبا في أزمنة التمييز العنصري ضد اليهود لكن الفارق اليوم أن إسرائيل هي التي تمارسه.
اليوم وبعد مرور 118 عاما على «حلم» ثيودور هيرتزل بالدولة اليهودية ها هو النقاش يرتد إلى فكرته المؤسسة، إنها يهودية الدولة. وهذا القانون إذا صدق فهو يكرس موقع إسرائيل حيث كانت ألمانيا في نهاية جمهورية «فايمار» أي دولة قومية ذات نزعة عسكرية. وبما أن الجمع بين يهودية الدولة وديمقراطيتها أمر مستحيل فهذا سيحسم موقعا استيطانيا عنصريا بالتأكيد. فالدولة التي تطلب من العالم السهر على أمنها تطلب منه أيضا الوقوف مكتوف الأيدي أمام ما ترتكبه بحجة أنها عانت من الاضطهاد..
«فيسبوك» مرة أخرى هو مرآة هلع الدولة في إسرائيل لكن هذه المرة بعد أن أصيبت بما قامت مدعية أنها ضحيته. وما الشبه بين هذا الكيان وجلاد اليهود المطلق، أي النازية، سوى خلاصة كشفها كثير من المثقفين الإسرائيليين ولكن جاء كشفهم متأخرا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

818 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع