الشهاب الحسني البغدادي
لعل التاريخ الإسلامي لم يشهد فاجعة أليمة مثل فاجعة الحسين بن علي وأهل بيته (عليهم السلام) ، في الوحشية التي تعامل قاتلوه معه ومع أهل بيته، ومع عظم هذه المصيبة وأثرها العميق في نفس كل مسلم، إلا أنه لا ينبغي أن تكون هذه المصيبة عامل هدم لوحدة المسلمين بعد مرور هذه السنين الطويلة عليها، ولا يجب أن يُحمّل أحدٌ من المسلمين وزرها وعارها بعد أن مضى الحسين (عليه السلام) وقاتليه إلى رب لا يُظلم عنده أحد.
نعم يجب أن نستمد منها الدروس والعبر في البطولة والفداء والتضحية؛ وأن نستذكر الحسين وما لحقه في أرض المعركة، وما لحقه من الغادرين الذين تخلوا عنه وأسلموه إلى أعدائه، وليس في عاشوراء فقط، وأن نتذكر عاقبة الظلم والظالمين الوخيمة، وأن نتحلى بالصبر والثبات أمام المحن والنائبات إقتداءً بالحسين(عليه السلام) ، خاصة إننا نعتقد ونؤمن أن هذه الحياة الدنيا ليست هي نهاية المطاف، بل هنالك حياة أخرى فيها للظالمين حساب عسير وعقاب أليم لا مجال للإفلات منه، وللمؤمنين ثواب وجنات النعيم.
وفي مقالنا هذا سنبحث اسباب التركيز على مقتل الحسين (عليه السلام) ؟
ان الفرس قد بذلوا جهودا كبيرة في غزو الفكر الاسلامي، فانما ارادوا من خلال ذلك إيقاع المسلمين في براثن لاحتواء الفارسي ، وهكذا ظلت التحديات الفارسية تستهدف رجال الاسلام في كل زمان ومكان وتحاول تدمير كل ما يمت الى الاسلام بصلة ، فمنذ ان داس اجدادنا الابطال مملكة كسرى باقدامهم والفرس يعانون من عقدة الشعور بالنقص او عقدة عدم التحضر .
فمسلسل الاغتيالات الذي كتبه واخرجه الفرس كان واضحا فقتل عمر وعثمان وعلي واكثر اهل البيت كلها كانت بأيدٍ فارسية .
والباحث عن الحقائق يرى بعين البصيرة وبصيرة العين ان الفرس وراء التركيز على حادثة الاستشهاد التي رويت بهذه الطرق العاطفية ليجيروا الجماهير الشيعية لصالحهم وليوهموا كل الأجيال إن العرب هم اعداء حقيقيون لاهل البيت وليضربوا الصف الاسلامي من داخله والسبب الاخر على التركيز على هذه الحادثة في كل محرم انما هو عمليه اكمال حزنهم على سقوط دولتهم في محرم .
بعد كل هذا القول ... ان الحسين (عليه السلام) من شباب اهل الجنة واستشهد في ساحة المعركة وهو يقاتل قتال الابطال فعلام الحزن ؟! .
لماذا قتلوا الحسين (رضي الله عنه) في عشرة محرم بالتحديد؟
كان خروج الحسين (عليه السلام) يوم عرفة من عام 60 هـ فدخل العراق أواخر ذي الحجة ، فحاصرته خيول (الحر) والمنطق يقول انك ان اردت قتل انسان قتله فورا قبل ان يرتاح ويقوي ساعده، لكن خطة الفرس لم يقتلوا الحسين في الاول من محرم ولا في الثاني ولا الحادي عشر وانما خصصوه يوم العاشر ربما لأمر معين وهو يوم عيد لدى اليهود والفرس.
على ذلك ان الفرس كانوا ينتظرون يوم العاشر من محرم الذي هو يوم عيد لدى اليهود ليقدموا دم الحسين(عليه السلام) كهدية ود ومحبة لليهود ، وهذه قرينة قوية تدل دلالة قطعية لا ظنية ان المؤامرة التي استدرج بها الحسين .انما نفذت بخطة يهودية وبيد فارسية، لان هذا التاريخ يمثل لليهود النكبة والهزيمة وهو اليوم الذي أجلاهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واسقط راياتهم ،وفي هذا اليوم اعيد المجد الفارسي المجوسي وهم بذلك يعيدون ثأرهم من العرب.
جاء في كتب التاريخ : فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم ويسمى يوم القادسية، وكان يوم الاثنين من محرم سنة15هـ!! وهي ارجح التواريخ لمعركة القادسية التي دارت على اربعة ايام، ابتدأت يوم الاثنين السادس من المحرم وانتهت في اليوم العاشر منه في السنة الخامسة عشرة من الهجرة النبوية الشريفة الموافق التاسع عشر الى الثاني والعشرين من شباط سنة 636م .
يحق لنا ان نسأل بعد ذلك ..هل عندما قتلوا الحسين في اليوم العاشر من محرم سنة 61 هـ كان ذلك صدفة ؟؟
وهل كان اختيارهم ليوم مقتل ابيه على بن ابي طالب رضي الله عنه ...يوم انتصار بدر في السابع عشر من رمضان سنة 40 هـ صدفة ايضا ؟؟
وهل عندما عبرت جيوش التتار بقيادة (باجو) أحد قادة (هولاكو) نهر دجلة في العاشر من المحرم عام 656هـ ،واستولت على الجانب الغربي من بغداد بعد أن ألحقت الهزيمة بالجيش العباسي ؟" كان صدفة كذلك؟؟
اذن مؤامرة استشهاد الحسين (عليه السلام) لا تنفصل عن المؤامرات التي أحيكت ضد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وضد صحابته الكرام ، فعمر بن الخطاب قتل بخطة يهودية فارسية ، ثم ان عثمان بن عفان(رضي الله عنه) قتل بخطة يهودية فارسية، ثم ان عليا (رضي الله عنه) .قتل بخطة يهودية فارسية والحسن والحسين(عليهم السلام) قتلا بالخطة نفسها لذلك فالمسيرة واحدة والعدو واحد والهدف واحد وهو الإسلام ورجالاته على مدار العصور والازمان لذلك يتضح مما سبق إن التآمر الفارسي جاهز في كل مكان للقضاء على نفس الامة المسلمة وعلى رجال الاسلام من خلال مسلسل الاغتيالات ومن خلال الماكنة الاعلامية المستخدمة لمحاربة الاسلام واهله.
بعد كل هذا ... أما آن الأوان أن نضع أيدينا سوية ونفضح افكار الفرس ونجعل الحذر منهم هي القضية الاوسع في تفكيرنا ؟؟.
كما يجب علينا ان نحذر من الغزو الفكري الفارسي الذي يقول ان العرب هم الذين قتلوا الحسين (رضي الله عنه) لانهم يكرهونه.
ولنترك ما صدر الينا من ايران باسم الاسلام من لطم ونياحة ولعن لبني امية ليل نهار والمقصود ببني امية هم اهل السنة والجماعة. فليس للشيعة مشكلة مع اليهود والنصارى، إنما مشكلتهم مع أهل السنة، لأنهم هم الذين قتلوا الحسين في نظرهم.
لنعلم ان الذي تريده ايران من وراء كل هذا هو اشعال نار الطائفية وجعل المسلمين يقتتلون بينهم بدعوى ثارات الحسين ومظالم اهل البيت
والذي يقرأ سطور الروايات الواردة كما في كتب القوم، عن قصة خروج الحسين (عليه السلام) واستشهاده يرى أن السبب الرئيسي يكمن في تخاذل أهل الكوفة عن نصرته بعد أن إستقدموه لينصروه ،وما يفعله الشيعة اليوم من طقوس التطبير وما يرفعونه من شعارات اليوم تتنافى تماماً مع الشعارات والأهداف التي من أجلها خرج الحسين (عليه السلام) وضحى بحياته وحياة أهل بيته.مثل شعار ( يا لثأرات الحسين ) فليست إلا شعارات طائفية الغرض منها إذكاء نار الفتنة بين السنة والشيعة وتحميل أهل السنة وزر مقتل الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) ؛ في حين أن شيعة أهل الكوفة هم الذين كانوا السبب الرئيسي في هذه الفاجعة حين إستقدموه من المدينة وقبل أن يصل إليها جبنوا عن نصرته، بل أن الجيش الذي قتله هم أنفسهم الذين دعوه ليبايعوه.
وكان عبدالله ابن مطيع أول من لقي الحسين عليه السلام عند خروجه من المدينة ليلا فقال له : "جعلت فداك أين تريد؟ قال: أما الآن فمكة وأما بعد فإني استخير الله قال: خار الله لك وجعلنا فداك فإذا أتيت مكة فإياك أن تقرب الكوفة فإنها بلدة مشئومة بها قتل أبوك وخذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه ألزم الحرم فأنت سيد العرب لا يعدل بك أهل الحجاز أحدا ويتداعى إليك الناس من كل جانب لا تفارق الحرم فداك عمي وخالي، فوالله لئن هلكت لنسترقن بعدك".
لكنه عليه السلام كان قد قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه وتوثق له، ورأى من أسباب قوة أنصار الحق وضعف أنصار الباطل ما وجب عليه الطلب والخروج. وقد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرائها.
يقول الشريف المرتضى : " وسيدنا أبو عبد الله عليه السلام لم يسر طالبا للكوفة إلا بعد توثق من القوم وعهود وعقود، وبعد أن كاتبوه طائعين غير مكرهين ومبتدئين غير مجيبين".
ولم يكن في حسابه أن القوم يغدر بعضهم، ويضعف أهل الحق عن نصرته ويتفق بما اتفق من الأمور الغريبة،حتى تحقق ذلك عندما خذل اهل الكوفة مسلم بن عقيل ،فطلب منهم قبل أن يقتل مَن يبلغ الحسين ليرجع بأهله وأصحابه ويعلمه بغدر أهلها ويقول له :إن ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في يد القوم لا يرى أنه يمسي حتى يقتل وهو يقول لك: "ارجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك ولا يغررك أهل الكوفة فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل إن أهل الكوفة قد كذبوك وليس لمكذوب رأي".
وكان مسلم كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة أن لك هاهنا مائة ألف سيف ولا تتأخر.
ولما أتاه الخبر بمقتل مسلم ، استعبر عليه السلام باكيا فأخرج للناس كتابا فقرأ عليهم فإذا فيه: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام".
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه .فلما انعكس ذلك وظهرت إمارات الغدر له عليه السلام وسوء الاتفاق رام الرجوع والمكافة والتسليم كما فعل أخوه، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه.
وفي هذا تأكيد بان الحسين (عليه السلام) لم يخرج طلباً للخلافة الإلهية التي توارثها من أبيه وأخيه ـ كما تزعم الشيعة اليوم، بل خرج ملبياً لطلب أهل الكوفة من خلال رسائلهم الكثيرة التي بعثوا بها إليه، ولولا تلك الرسائل لما خرج الحسين طلباً للخلافة لعدم وجود الناصرين له.
وهذا (برير بن خضير) احد اصحاب الحسين (عليه السلام) قال لاهل الكوفة: " ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها يا ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات بئس ما خلفتم نبيكم في ذريته ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم".
وفي هذا مايغني عن القول ، إذا كان لابد من أخذ ثأر الحسين بعد هذه الفترة، فمن أحفاد أهل الكوفة؛ وهذا المؤرخ الشيعي المسعودي يعترف بأن قتلة الحسين هم أهل الكوفة الذين كاتبوه لينصروه، :" وتولى قتله من أهل الكوفة خاصة لم يحضرهم شامي".
كما يقول محسن الأمين الشيعي في موسوعته: "فقد بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، وقتلوه".
وخطبة الحسين مشهورة معروفة ومنقولة في كتب القوم حينما خاطبهم بقوله: "تباً لكم أيتها الجماعة! وترحاً وبؤساً لكم وتعساً، حين استصرختمونا ولهين فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحششتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم ألباً على أوليائكم ويداً على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا فيكم، فهلا لكم الويلات، إذا كرهتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لم تستخصف، ولكنكم استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم كتهافت الفراش؛ ثم نقضتموها، سفهاً بعداً وسحقاً لطواغيت هذه الأمة وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب، ثم أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا، ألا لعنة الله على الظالمين" (كشف الغمة للأربل الشيعي ج2 ص18، 19، الاحتجاج للطبرسي الشيعي ص145).
ودعاؤه (عليه السلام) عليهم أيضاً مشهور معروف ذكره المفيد والطبرسي وغيرهما أنه قبل استشهاده رفع يديه ودعا، قائلا: "اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضي الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا" (الإرشاد ص241، أيضاً إعلام الورى للطبرسي ص949).
ونقل شيوخ الشيعة عن علي بن الحسن (زين العابدين) (عليه السلام) وعلى آبائه أنه قال موبخاً شيعته الذين خذلوا أباه وقتلوه قائلا: "أيها الناس نشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه، فتباً لما قدمتم لأنفسكم، وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ يقول لكم: "قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي".
... فارتفعت أصوات النساء بالبكاء من كل ناحية، وقال بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون. فقال عليه السلام: "رحم الله امرءاً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله ورسوله وأهل بيته فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة. فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا، فقال عليه السلام: هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم ويبن شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وثكل أبي وبني أبي ووجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته تجري في فراش صدري" (من قتل الحسين).
وجاء في (بحار الأنوار45 \112).على لسان فاطمة الصغرى يوم ردت من كربلاء :
" أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا .... فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنا نهبا كأنا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم قرت بذلك عيونكم وفرحت قلوبكم افتراء منكم على الله وتمضي قائلة: تبا لكم فانتظروا اللعنة والعذاب وكان قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات فَيُسْحِتَكُمْ بما كسبتم وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم وأية نفس نزعت إلى قتالنا أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا قست قلوبكم وغلظت أكبادكم وطبع على أفئدتكم وختم على سمعكم وبصركم وسول لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون تبا لكم يا أهل الكوفة أي ترات لرسول الله قبلكم وذحول له لديكم بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي وبنية عترة النبي الطاهرين الأخيار. . "
فإذا كان خذلان الحسين ينجبر بالبكاء والتطبير ولطم الصدور واخذ الثأر فحق على أهل الكوفة أن يبكوا دماً ماداموا على قيد الحياة، فبكاؤهم للحسين ليس لأنه قُتل؛ وإنما لأنهم خانوا العهد وأخلفوا الوعد، وأسلموه إلى أعدائه بعد أن إستقدموه لينصروه، فتباًّ لهم وترحاً.
تقول المصادر التاريخية أن المختار بن يوسف الثقفي الذي قاد حركة التوابين، هو الذي رفع شعار"يا لثأرات الحسين" لأن قتلة الحسين كانوا على قيد الحياة، فنحن نتساءل اليوم:
ما هي العلاقة بين هذه الشعارات التي ترفعها الشيعة اليوم والشعارات التي رفعها الحسين عليه السلام ؟!
أمازال قتلة الحسين موجودين إلى الآن بين المسلمين؟ أم أن المقصود بهم هم أهل السنة الذين تحسبهم الشيعة على بني أمية؟
إنها شعارات طائفية، كما افدنا الغرض منها إذكاء نار الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة على أساس أن أهل السنة هم الذين قتلوا الحسين عليه السلام.
فباسم مأتم الحسين..يلعن المخالفين، ويلعن الصحابة، وتلعن أمهات المؤمنين..ويكفر الصحابة، ويكفر من خالف الشيعة.. وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب. وكان قصد من سنّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة.
هذا مايفعله(البعض) في الطقوس الدينية
هناك قصة عجيبة رواها الأستاذ مختار لماني لأحد أصدقائه، التي رواها بدوره لصاحب كتاب من قتل الحسين: يقول الأستاذ مختار لماني- مبعوث جامعة الدول العربية لدى العراق -: ذهبت إلى المرجع الشيعي محمد سعيد الحكيم في إطار محاولة عقد صلح وطني بين الأطراف العراقية. وبعد أن كلمته في الموضوع الذي أتيت من أجله فوجئت به يصرخ في وجهي ويلطم بيده مقدمة صدره ويقول: "إذن لماذا قتلتم الحسين"؟ لم أكن قادراً لحظتها أن أتبين المقصود بكلامه؟ ظننت أنني أخطأت التوقيت؛ فالظاهر أن الرجل في مصيبة كبيرة، ولعل المصاب (حسين) ولده؟ بل لعل أحداً ممن كان معي دهسه بسيارته؟! لا أدري؟! كل الذي فهمته إلى الآن أن الرجل في حال من غير المناسب أن نكلمه في موضوع غير مصيبته. والتفتُّ إلى أصحابي أسألهم: من حسين هذا؟! هل هو أحد أولاد السيد الحكيم؟ هل أحد منكم أصابه بسوء؟ أو لكم علاقة بالحادث؟ هذا كل ما دار في بالي في تلك اللحظة!
وصدمت حين علمت من أحد الجالسين أن الرجل يتكلم عن مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما! ويحملنا المسئولية؟!!!
وبهتُّ فلا أدري ماذا أقول أمام هذه العقلية المغلقة لهذا الشخص التاريخي الجامد؟!!! لكنني ختمت المشهد بأن قلت له: لعلك تعلم أنني رجل من المغرب؛ فليس لي علاقة بمقتل رجل قتل عندكم في العراق.
ورجع مختار لماني محبطاً وهو يقول: هؤلاء أمام مشكلة مر عليها قرابة ألف وأربعمائة عام لم يتمكنوا من حلها لحد الآن! فمتى وكيف يتوصلون إلى حل بقية المشاكل؟!!!)).
أن هذا لا يعني أن نجعل من هذه القصة حجة في تفريق صف المسلمين وتشتيت كلمتهم، إذ أن جريمة قتل الحسين ليست هي الأولى في التاريخ ،ولن تكون الأخيرة.
قال العلماء: ان قتل الحسين(عليه السلام) ليس اعظم من قتل الانبياء ، فنبي الله يحيى قدم راسه لبغي وهو نبي وقتل زكريا وقتل غيرهم من الانبياء على يد يهود.
فإن حب الدنيا ومتاعها أغرى ويغري الكثير من الناس حتى يتخلوا أمامها عن دينهم ومبادئهم وقيمهم، ولقد رأينا في العراق بعد الإحتلال الأمريكي كيف يتقاتل أبناء العراق سنة وشيعة وعرباً وأكراداً على ذلك الكرسي اللعين؛ بل تقاتل الشيعة فيما بينهم من أجل المناصب والمكاسب الدنيوية، وسفكوا دماءً كثيرة من أجل حفنة من الدولارات، أو من أجل أن يتربع فلان أو علان على كرسي الحكم.
إن الشيعة وبحكم شعورهم بالمظلومية طوال تاريخهم، وبسبب هذه العقدة يعتقدون أن (أئمتهم) جميعا عاشوا مضطهدين، وماتوا جميعا ميتة ليست طبيعية ما بين مسموم ومقتول ومخنوق وهارب من وجه العدالة مختف في الكهوف والسراديب! مع أن الحقيقة الواقعة والمسيرة التاريخية غير ذلك!
لكن لمّا آل الأمر إليهم في العراق بعد الإحتلال الأميركي،وبسبب هذه العقدة أرادوا أن ينتقموا من أهل السنة بإعتبارهم هم الذين إغتصبوا الخلافة من علي عليه السلام إبتداءً بالخلفاء الراشدين الثلاثة، ومروراً بخلافة الأمويين، والعباسيين، ثم العثمانيين، وإنتهاءً بحكم صدام حسين، هم الذين قتلوا الحسين عليه السلام
وما يفعلونه الشيعة اليوم لا يصب في صالح الإسلام والمسلمين، وأن حب الحسين والإنتماء له لا يكون في التطبير والشعارات الفارغة التي لا معنى لها.
وإذا أردنا الحقيقة فليس الحسين إلاّ ورقة رابحة بيد المعممين والسياسيين في إستغلال عواطف الناس البسطاء ليصلوا من ورائها لتحقيق مكاسب دنيوية ومناصب سلطوية.
من خلال ممارسات التطبير واللطم التي عمقت من ناحية انتماءالعوام للمذهب ومن ناحية أخرى دربتهم عملياعلى الذبح والقتل وتعود رؤية الدماء على نحو جعل من ممارسي هذه الشعائر كتائب وحشية جاهزة للانطلاق في أية لحظة تغتنم فيها الفرصة.وهذا هو مااتضح لأعين الجميع بعداحتلال العراق وتمكن النفوذ الإيراني منها،حيث برزت جرائم الشيعة ضدالسنة في العراق والقتل على الهوية أي القتل لمجرد معرفة أنك سني ولوعن طريق الاسم كأن يكون اسمك عمر أوأبوبكر أوعثمان لأن الشيعة لاتسم بهذه الأسماء قط.
وهكذا حرفت ثورة الحسين من مضامينها الجهادية، وتضحيته بالغالي والنفيس من أجل العدالة ورفض الظلم أيّاً كان مصدره، وحولوها إلى أداة لظلم غيرهم من المسلمين إذا قدروا وتمكنوا جعلوا من الشعائر الحسينية أداة لظلم المسلمين الآخرين الذين يعيشون معهم بلا ذنب سوى أن لهم عقائد تخالف عقائدهم، أو أن لهم نظرة إلى بعض القضايا التاريخية تختلف عن نظرتهم هم.
إن حب الحسين يكمن في الإقتداء به في منع الظلم والوقوف بحزم أمام كل القوى التي تريد الشر بالإسلام والمسلمين، لاسيما أن بلدنا العراق إحتلته قوى الكفر والضلال، فحب الحسين يقتضي منّا أن نحرر بلدنا ونعز الإسلام والمسلمين وإن كان الثمن حياتنا؛ فما قُتِل الحسين إلا في دفع الظلم عن أمة الإسلام وطلبا للإصلاح في أمة جده .وهو القائل:
موت في عز خير من حياة ذل
أنبيكَ (زين العابدينَ) بأنهمْ
أحفادُ من خانوا أباكَ وغيروا
وطئوا على الصدرِ الشريف وهاهُمُ
اليوم في لطمِ الصدور ِ تجبروا
***
مَشتْ المواكبُ والنواحُ يلفُها
فعقيدةٌ فَسَدتْ ودينٌ يُنخَرُ
بأبي (حسينٌ) ما نكرتكَ إنني
لعقيدةِ القومِ الشقيةِ مُنكِرُ
***
أوَ حبُ آلِ محمدٍ لا يستوي
إلا إذا باللعنِ رُحنا نَجهرُ ..؟
بئسَ الولاءُ إن ادعيتَ موالياً
بل أنت في شرع ِ الولاية كافرُ
***
عشرٌ من الشهر المحرم قد مضتْ
والناس تضرب رأسها وتُكَسِرُ
وطقوسهمْ شابَ الصبي لهولها
بسم المحبةِ دين (أحمدَ) يُنْحَرُ
***
في (الطف) ما لطم الرجالُ صدورهم
أو شُقَ جيبُ كريمةٍ أو (طَبَروا)
لكنهم طلبوا الشهادة فانحَنَتْ
تلك السيوفُ لصوتهمْ إذ كبروا
***
من أنتمُ إذ تدّعونَ ولائهمْ ؟
حاشا لفذ ٍ بالنياحة يُنصَرُ
ذاكَ ابنُ منْ ملأ البطاحَ بطولةً
في جيش طه حيدرٌ وغضنفرُ
***
في يوم حشر الناس يَنفِضُ كفهُ
ولكلِ فعلٍ زائغٍ يستنكرُ
فلتنتفضْ تلك العقولُ لدينها
إن كان فيها مدركٌ ومفكرُ
***
يمضي محرمُ والشهورُ وأهلها
وتظل أعمال البرية تُذكَرُ
وسيلعن التاريخ كل مزيفٍ
لشريعةٍ بالزيفِ لا تتغيرُ
***
يا لاطمينَ على الصدورِ تريثوا
وتفكروا في دينكمْ وتدبروا
من كان في تلك المواكب أولٌ
سيظل في يوم القيامة آخر ُ
595 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع