عدنان حسين
يحقّ لنا الآن الطلب من إدارة موسوعة "غينيس" أن تفتح لنا أوسع أبواب هذه الموسوعة قاطبة، فدخولنا فيها لن يكون بعده خروج، لأن أحداً لن يستطيع، ولو بعد ألف سنة، أن يحطّم الرقم القياسي الذي نسجله الآن.
نحن الآن البلد الوحيد في العالم الذي يملك عدداً خرافياً من "الفضائيين". فضائيونا بالطبع ما من علاقة قريبة أو بعيدة لهم بالقنوات الإذاعية والتلفزيونية الفضائية، ولا بأي شيء يتصل بالفضاء الخارجي الذي يسبح فيه الرواد ومركباتهم منذ عهد الرفيق الخالد يوري غاغارين قبل ثلاث وخمسين سنة. "الفضائيون" تعبير عراقي خالص يعكس براعتنا في نحت اللغة واختراع مفردات جديدة لم يسبقنا اليها أحد، مثل "قفّاصة" (مخادعون) و"علّاسة" (مخبرون أو جواسيس) و"حواسم" ( الذين يستولون على أملاك الغير) وصكّاكة (قتلة) و"خوشيّة" (مبتزّون ومحصلو الخاوة) و"صفّارة" (سارقو الصفر أو النحاس).
عُرِفَ فضائيونا في البداية على انهم الجنود ، وسائر العسكريين ، المتغيبون على نحو دائم عن وحداتهم لقاء دفع جزء معتبر من رواتبهم الى ضباطهم، ثم تبيّن ان المصطلح يشمل جنوداً وعسكريين لا وجود لهم البتة الا على الورق، وهؤلاء أشخاص وهميّون يقبض الضباط رواتبهم على أنهم في الخدمة الفعلية! وعرفنا أخيراً ان رواتب الفضائيين لا يستحوذ عليها ضباطهم المباشرون وحدهم وإنما يتقاسمها هؤلاء مع الضباط الأعلى درجات ومناصب وصولاً الى ضباط في مكتب القائد العام، كما نُشر أخيراً.
كنّا نعرف الكثير من هذه المعلومات في السابق، وكان بعضنا يرددها في ما يشبه السر، وإن كان بعض كتابنا الشجعان قد سلّط بعض الضوء على هذا الظاهرة المخزية. لكن ينبغي أن نسجّل للحكومة الحالية الفضل في السماح بنشر غسيلنا القذر هذا تحت الشمس الساطعة، عندما تصرّف رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي بروح الوطنية الحقّة وبكامل المسؤولية لرجل الدولة، ففتح أمام مجلس النواب هذا الملف الذي يتبيّن لنا الآن كم هو مهول في حجمه ووقائعه.
هذه الأيام يتبدّى لنا ان فضائيينا لا يقتصر وجودهم على مؤسسات الجيش والشرطة والأمن، فوزارة التربية لها فضائيوها وكذا وزارات الخارجية والتجارة والعمل والصناعة ... وسائر الوزارات والمؤسسات والهيئات.. حتى المحافظات تعجّ بجيوش الفضائيين، كما ظهر أخيراً بخصوص عمال الأجور اليومية في البصرة مثلاً.
الخلاصة ان فضائيينا متغلغلون في كل زوايا البلد وممتدون الى جميع خلايا المجتمع. ومادام رئيس الحكومة قد أفصح عن وجود 50 ألف فضائي في أربعة فقط من فرق الجيش، فمن دون تردد يمكننا أن نتوقع وجود ما يزيد عن مليون فضائي في دولتنا.
من أجل هذا أتطلع الى أن تفتح لنا موسوعة "غينيس" أوسع أبوابها لنتربع مرة والى الأبد على عرش "الفضائية".
606 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع