د. بشير عبدالواحد يوسف
يحكى ان تاجراً معروفا من اهل البصرة اسمه خماس ، ولده الوحيد اسمه زهير له شلة من الأصدقاء يصرف عليهم من مال ابيه، وبعد ان تعب االاب من النصح والتوجيه دون فائدة، طرد زهير من المتجر ومن البيت.
ذهب زهير لأصدقائه في المقهى مهضوما مكضوماً وحكى لهم ماحصل .
ظنَّ أصدقاء زهير ماهيَّ الا يوم او يومين ويحن قلب الاب على ولده وترجع المياه لمجاريها ......لكن مرّ يوم ويومان وثلاثة..... وعندما أيقنوا ان صديقهم زهير مفلس انفكوا من حوله ... حتى صاحب المقهى و المطعم اخبروه بعد ان ثقلت ديونه بأنهم معذورين من طرده .... فأخذ زهير يتسكع في الشوارع بلا مأوى ولا طعام وشراب الا القليل ، وانقضى شهر وزهير من سيئ الى أسوء ..... وفكر زهير مليئاً وقرر اللجوء لأهله وشكى حاله وبكى بين يديَّ أبوه وقبل يديه .
فقال له أبوه اسمع ياولدي أنا عمري ستون عام وليَّ صديق ونصف صديق ، وانت عمرك خمسة وعشرين سنة وعندك عشرون صديق .... فتعجب زهير وسأل ابيه ما معنى نصف صديق يا أبتي !؟.
اليوم أعرفك بهم وعلى الله تفهم .
بعد ان انتصف اليل أخذ الوالد ولده وذهبا الى النصف صديق حامد ودقوا الباب والناس تنام فوق السطوح ايام زمان تجنباً لحر الصيف ... فجاء الصوت من الطارق فأجاب أنا خماس ابو زهير ... فقال أمهلني البس دشداشتي وانتعل نعلي وانزل إليك وفتح الباب وهو مستغرب ما الامر يا أبا زهير خوفتني ... قال أسمعني جيدا يا حامد، أن مراكبي التي تحمل تجارتي القادمة من بومباي غرقت فأصبحت عليه ديون ثقيلة للناس عجزت عن تسديدها بعد ان بعت كل ما املك وقد حكم عليه الخليفة بالإعدام غداً في الميدان العام وجئت الان او دعك ، فأطرق حامد وقال لا والله أنا افديك يا صديقي بمالي فلا تخف يا أبا زهير ، فودعه وذهب خماس مع ولده زهير الى الصديق جميل وطرقا الباب ، فصاح من الطارق فأجاب أنا خماس ابو زهير فنزل جميل مسرعاً بملابسه الداخلية وفتح الباب مرعوباً... ماذا حصل يا اخي ... ما الامر الجلل الذي جاء بك مع ولدك في مثل هذه الساعة فحكى له ما أصابه ... فحضن جميل صديقه خماس وبكى وقال بصوت متهدج فيه نبرة خوف ... ابشر يا اخي أنا أفديك بنفسي وعائلتي وبكل ماأملك من مال وعقار ..... اطمئن يا صديقي أنا والله ان عجزت عن خلاصك أموت قبلك ، وودع زهير صديقه جميل وعاد مع ولده الى البيت .
وعند الفجر ومع اول خيوط ضوء الصباح ذهب خماس مع ولده زهير الى الميدان العام فوجدا نصف الصديق حامد وقد جلب معه ما يملك من ذهب وفضة ونقود ليفدي بها صديقه .
ثم ذهبا الى الصديق جميل فوجداه مع عائلته وقد لبسوا أكفانهم وجلبوا معهم كل ما يملكون من مال وحلال وعقار حتى أثاث بيتهم حتى المكنسة ...... فقال الاب لولده هذا جميل صديقي وذاك حامد نصف الصديق ، فهمت الان ياولدي زهير ..... فقبل يديَّ أباه وبكى وقال فهمت يا أبتي والله فهمت ياابتي سامحني بربك سامحني .
ويبقى السؤال أيها القارئ الكريم هل بقى شئ اسمه نصف صديق !؟ ( والحر تكفيه الاشارة ) .
695 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع