«نوستراداموس» وعام 2015

                                  

                           زينب حفني

عند المجتمع المصري عادة مألوفة، فعندما يحرص أحدهم على أن تكون عتبة بيته الجديد مباركة، يقول للزائر«خش برجلك اليمين».

هذه العبارة تنطبق على سنتنا الجديدة التي ما زالت تنفض عن كتفيها غبار السفر بعد رحلة طويلة لتتسلّم مهامها من السنة الفائتة، متمنيين بأن تكون أجمل من سابقاتها. لا أحد يعلم ماذا يدور بذهن السنة الجديدة! هل تُريد إسعادنا أم ستنقضُّ علينا بجملة من الكوارث، كي تجعلنا نلهث خلفها ونستجدي عطفها، لترأف بحالنا وتستجيب لأمانينا؟ فنُلاحظ بأن المنجمون بكافة أرجاء العالم ينشطون مع نهاية كل عام لنشر تنبؤاتهم عن السنة الجديدة، وإذا ما كانت مختلفة الطابع والصورة!

مع استهلال كل عام جديد لا يُمكن أن تغفل الصحف العالمية ذكر اسم العالم الفلكي الشهير «نوستراداموس»، الذي ما زالت تنبؤاته رغم مرور خمسمائة عام على وفاته، تشغل الناس بكافة أقطار الأرض! ورغم ظهور علماء فلكيين بارزين جاؤوا من بعده، إلا أن شعبيّة «نوستراداموس» لم تزل الرائدة بمجال التنبؤ بما سيحصل في العالم السنوات القادمة. من ضمن تنبؤات «نوستراداموس» لعام 2015 بأنها ستكون سنة مليئة بالأحداث المرعبة والنزاعات العسكريّة والاختراعات الجذريّة التي ستغيّر حياة البشر، ومن ضمنها النجاح في اختراع (أكسير الحياة) الذي سيُطيل عمر الإنسان ليصل إلى 200 سنة. إضافة إلى محاولة اغتيال لأربعة رؤساء من الدول الكبرى، وأزمات اقتصاديّة خطيرة بألمانيا وفرنسا. ومن أخطر تنبؤاته أن الأرض ستتعرّض لإشعاع قوي سيؤدي إلى وفاة الإنسان في سن صغير.

النبوءة التي استوقفتني حقيقة، اكتشاف أكسير للشباب، ولا أعرف لماذا يسعى الإنسان ليعيش حتى يُصبح عمره مئتي عام! أعتقد بأنه عندما يصل لسن معيّنة يشعر بالضجر من حياته كلها، وهذا ليس كلاماً مبالغاً فيه فقد شاهدته بأم ِّعيني في عدد من أقاربي الذين توفوا بسن متأخرة والكلمة المعهودة التي كان يُرددها جميعهم.. متّى سيجيء الموت؟ لقد سئمتُ من حياتي!

بالنسبة للأرض وأنها ستتعرّض للإشعاعات التي ستؤدي إلى قصف عمر الإنسان مبكراً! أعتقد أننا بدأنا نجني آثام ما فعله العلماء بالأرض، من كم التجارب النووية التي كان الإنسان ضحيتها الأولى وفتكت بصحته وأصابته بأمراض قاتلة!

قرأتُ سيرة «نوستراداموس» بمراهقتي، حين كنتُ أنهل من كل كتاب، وأتوقّف عند كل سيرة مثيرة للجدل، وأعترف بأن حياة هذا الرجل بكل ما يُحيط بها من غموض، قد أثارت حينها فضولي وإعجابي بنفس الوقت، لما تركته تنبؤاته من أثر على عصره وعلى العصور التي تلته.

الهوس بالتبصّر ليست رغبة حديثة بل موغلة في القدم! وهي ليست مقتصرة على الفئة المحدودة التعليم والثقافة، بل تجاوزته للطبقة المثقفة التي لها مكانة عالية بمجتمعها. فقد كان كتاب التنبؤات لـ«نوستراداموس»، محط اهتمام العديد من حكّام وقادة العالم والذي كان من ضمنهم الإمبراطور نابليون بونابرت، حيث كان يحمله معه أينما ذهب. وفي العصر الحديث استعان العديد من رؤساء وحكّام العالم بالفلكين قبل الإقدام على قرار معيّن، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي السابق ريجان وزوجته نانسي التي كان لهما منجّم خاص لاستشارته في الكثير من الأمور التي تخصُّ البيت الأبيض وتخصُّ حياتهما الشخصيّة.

أعتقد بأنني لا أبالغ إذا قلت بأننا جميعاً نتمنى لو نستشرف الغيب فيما يخصُّ مستقبلنا! لكن يظل الجانب القدري هو الأجمل، لأننا لو علمنا بما يجري في سطور أقدارنا، لكففنا عن السعي لتحقيق ما نريد ولتقاعسنا عن المثابرة لنيل ثمرة مجهوداتنا. رفع الستار عن الحقيقة لا يجلب الراحة بل في الأغلب يقضُّ مضاجعنا!


  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

964 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع