د. منار الشوربجي
ثلاثة أخبار من الولايات المتحدة هذا الأسبوع أكدت على أن كراهية الآخر المختلف بسبب دينه هي الوجه الآخر لكراهية الآخر بسبب لون بشرته.
فهي كلها كراهية مبنية لا على شيء اقترفه ذلك الآخر وانما مبنية على كونه من هو! الخبر الأول يتعلق بعضو الكونجرس الديمقراطي أندري كارسون، والثاني يتعلق بعضو الكونجرس الجمهوري ستيف سكاليز والثالث يتعلق بالمقعد الذي شغر في ولاية نيويورك بإدانة نائب الدائرة الجمهوري مايكل جريم بالتهرب الضريبي.
فقد قامت الدنيا ولم تقعد في أوساط اليمين الأمريكي المتطرف حين أعلنت قيادة الحزب الديمقراطي في مجلس النواب منح أحد مقاعد اللجنة الدائمة للاستخبارات في المجلس للنائب المسلم أندري كارسون.
وأندري كارسون هو النائب الأفريقي الأمريكي عن إحدى دوائر ولاية إنديانا المحافظة. وهو تولى مقعده في مجلس النواب 2008 حين رشحه الحزب في الولاية لتولي المقعد الذي شغر بوفاة جدته عضو المجلس الديمقراطية جوليا كارسون.
ولكن منذ ذلك التاريخ نجح كارسون في الاحتفاظ بمقعده في ثلاثة انتخابات تشريعية تالية. كارسون، وكيث أليسون، هما النائبان المسلمان الوحيدان في الكونجرس وكلاهما من أصول أفريقية. والانتقادات التي وجهها اليمين لكارسون لا علاقة لها بأدائه ولا حتى بسجله السياسي، وانما تتعلق فقط بديانته.
فقد أطلقت عليه بعض القوى المحافظة «حصان طروادة» في لجنة الاستخبارات المسؤولة عن الرقابة على أجهزة الاستخبارات الأمريكية واعتبروا أنه من غير المقبول أن يتولى مسلم ذلك المقعد فيطلع من خلاله على أسرار الأمن القومي الأمريكي. واليمين المتطرف بذلك لا يعترف بمواطنة كارسون الذي هو أمريكي مثله مثل كل الأمريكيين من أصحاب الديانات الأخرى.
والتطرف دائما أعمى.فهو لا يرى سجل كارسون المهني. فأندري كارسون قبل أن يترشح لمنصبه في مجلس النواب عمل في مناصب أخرى حساسة. فهو بعد أن حصل على البكالوريوس في العدل الجنائي والماجستير في إدارة الأعمال، عمل بجهاز الشرطة في ولاية إنديانا، ثم عمل لاحقا مع وزارة الأمن الوطني.
تولي مثل تلك المناصب والمهام يعني بالضرورة أن كارسون قد خضع لفحص الأجهزة المعنية ويحظى بثقتها.
والدوائر التي أقامت الدنيا لمناهضة ترشيح كارسون لذلك المنصب هي نفسها التي دافعت عن ستيف سكاليز، الذي يتولى المنصب القيادي الثالث في الحزب الجمهوري في مجلس النواب، حين تبين أنه كان قد ألقى كلمة في عام 2002 في واحدة من أكثر المنظمات عنصرية ضد السود في ولاية لويزيانا.
فالمنظمة التي تدعى «وحدة الأوروبيين الأمريكيين وحقوقهم» واحدة من المنظمات العنصرية التي تروج لنظرية التفوق الأبيض وتقف ضد حقوق السود وغيرهم من الأقليات.
والحقيقة أن تلك المنظمات بطبيعة تكوينها تعادي كل من هو مختلف ليس فقط على أساس العرق وانما أيضا على أساس الدين وربما المذهب الديني أيضا. لكن قيادات الحزب الجمهوري وقفت إلى جانب سكاليز في تلك الضجة رغم الانتقادات التي وجهها بعض رموز الحزب الذين طالبوا بإقالة الرجل من موقعه القيادي. لكن لعل أخطر ما حدث في واقعة ستيف سكاليز تلك هي التهديد الذي أطلقه العنصري المعروف ديفيد ديوك ضد أي محاولة للنيل من سكاليز.
دفاع قيادات الحزب الجمهوري عن سكاليز وبقائه في منصبه يطرح تساؤلات كثيرة حول قدرة الحزب في انتخابات 2016 الرئاسية على الخروج من أزمته مع الناخبين غير البيض. وهو ما ينقلنا إلى الخبر الثالث.
فالحزب الجمهوري الذي يسعى بكل الطرق إلى إلغاء القرار التنفيذي الذي أصدره أوباما بخصوص الهجرة، التي هي قضية محورية بالنسبة للأمريكيين من أصول لاتينية، هو نفسه الذي لم يجد مرشحا لمقعد مجلس النواب الذي شغر في ولاية نيويورك سوى ممثل النيابة، دانيال دونافان، الذي كان مسؤولا عن صدور قرار المحلفين بعدم إدانة الضابط الذي قتل إريك جارنر! وقد أدى اختيار مسؤولي الحزب في الولاية لدونافان للترشح للمقعد لاستياء واسع ليس فقط في أوساط السود بل في أوساط الكثير من الجمهوريين المعتدلين في الكونجرس وخارجه.
848 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع