بثينة خليفة قاسم
الولايات المتحدة لم تكتف باستخدام الفيتو الأميركي الظالم على مدار عقود لمنع المجتمع الدولي من اتخاذ أية قرارات ضد إسرائيل رغم الجرائم التي ارتكبتها على مر تاريخها الأسود، ولكنها قامت بالاعتراض على قرار المحكمة الدولية بقبول الطلب الفلسطيني الخاص بمحاكمة القادة الإسرائيليين على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الفلسيطينيين.
بمجرد أن قبلت هيئة المحكمة عمل تحقيق مبدئي، أطلقت الولايات المتحدة تصريحاتها المعادية للمحكمة ووصفت الأمر بأنه مهزلة، على الرغم من أن المسألة لم تحسم نهائيا، حيث يمكن أن تتوقف المحكمة عن نظر القضية إن هي لم تجد مبررا معقولا حسب تقييمها للأمور، فما الذي ستقوله الولايات المتحدة إذا حدث وأدانت المحكمة شخصيات إسرائيلية؟
الكل يعلم أن أحكام المحكمة الدولية يمكن أن تصبح بلا قيمة حقيقية ما لم تجد قوة تقوم بتنفيذ هذه الأحكام،والكل يعلم أن الولايات المتحدة التي اخترعت الفيتو لتحمي به إسرائيل من أية إدانة لن تدعم أي حكم يصدر بحق الإسرائيليين، لن تسمح بتنفيذ أي قرار ضد اي جندي إسرائيلي، ومع ذلك تستكثر على الفلسطينيين مجرد الانتصار المعنوي، فهل هناك ظلم واستهتار بأقدار الشعوب أكثر من هذا؟
الأدهى والأمر أن الناطق باسم الخارجية في تعليقه على الخبر وضع إسرائيل في موضوع الضحية أو موضع من يدافع عن نفسه في مواجهة الإرهاب والصواريخ الفلسطينية، ناسيا أن بلاده بمثل هذه المواقف تصنع اليأس، واليأس لا ينتج إلا الإرهاب!
ماذا بوسع الفلسطينيين أن يفعلوا إذا كانت مقاومتهم إرهابا وكان سعيهم للحصول على حقهم سلميا مرفوضا ومنتقدا من أكبر قوة في العالم؟
ولماذا يتحدث العالم عن الإرهاب ويسمي به المسلمين دون غيرهم، طالما أن هناك معايير مزدوجة في التعامل مع الدول وفي الحكم على الأمور؟
القوة فقط هي التي تحكم العالم، ولا قيمة لأية هيئات دولية طالما أن هذه الهيئات تحت إمرة الأقوياء وحدهم،والشرعية هي ما يراه الكبار، وكما قال كيسنجر “الشرعية لا تعني الحق، ولكن الشرعية هي مجموعة من الترتيبات الدولية التي يضعها اللاعبون الكبار، وعلى بقية اللاعبين الصغار أن يلتزموا بهذه الترتيبات.
وتشتمل هذه الترتيبات التي يضعها الكبار على إنشاء هيئات دولية ومحاكم دولية تقوم بتزيين أفعال الكبار وتأديب من يخطئ من الصغار، ولا تكون قراراتها نافذة إلا إذا تلاقت مع هوى الكبار؟
الذي يريد أن تكون له كرامة في هذا العالم عليه أن يجمع من أسباب القوة ما يحقق له ذلك، وإما أن يرضى بالعيش وفقا لترتيبات اللاعبين الكبار أو أن يصبح إرهابيا.
584 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع