د.عبدالرزاق محمد جعفر
أعمى بطريق مظلم !/ الحقة26
وصل "صابر" وولده الى عَمان عاصمة الأردن ,وعلى الفور اشترى تذكرتيْ طائرة ذهاباً وإياباً الى ماليزيا،...وبعد مراجعة السفارة "الماليزية" في عمان,علم أن الدخول إلى ماليزيا من دون"تأشيرة" ويسمح للأقامة فيها لمدة أسبوعين,... ولا يمكن تمديدها إلا وفق شروط تعجيزية, أوالسفر إلى أي قطرآخر,... ثم العودة من جديد الى ماليزيا ,لأعادة,..لأعادة(السيناريو) عند زيارتك الأولى الى الجمهورية الماليزية !, ولذا بقى "صابر" وولده في عمان
من أجل تدبيروضعهما,... بعد أن اغلقت فرص الأقامة لهم في اي قطرعربي أو أسلامي!,..وحاول "صابر" أن يجد أي عمل وفق الإعلانات التي نشرتها جامعات الأردن ولم يحصل منهم غير المواعيد ،... وفي تلك الفترة بدأ بأجراء مراسلات مع دكتورعراقي حول إتمام عقد قران ولده على أبنته الحاملة للجنسية الأمريكية منذ ولادتها أثناء حصول والدها على الدكتوراه من نفس الولاية المقيم فيها بن "صابر" البكر!,... وهكذا أتصل "صابر" بابن أخته في بغداد طالباً منه ان يتوجه إلى المنطقة التي تقطنها عائلة ذلك الدكتور,... والاستفسارمن جيرانهم أومن أي صاحب دكان قريب من دارهم عن سـمعتهم في المحلة, وعن سلوك سمعة ابنتهم في المحلة,... ومحاولة رؤيتها لمعرفة مستوى جمالها!
***
وبعد أسبوع اتصل الدكتور "صابر" بابن أخته وقال له: اليوم تعرفت على تلك العائلة, وزرتهم عدة مرات, ووجدت كل شيئ على ما يرام , والبنت في غاية الجمال ثم حددنا موعداً لزيارتهم في نهاية الأسبوع ومفاتحتهم لإعلان الخطبة !
استمرت الفاكسات والتلفونات والرسائل بين "صابر"ووالد البنت المرشحة وأبن أخته، ثم تحدد موعد قدوم العروسة,.. وسارت الأيام, ووصلت العروسة الى عمان بتاريخ 1/7/2001,
وحـلً الجميع ضيوفاً في بيت "صابر" في عمان, وبعد عدة ايام من الجلسات العائلية, وافق بن "صابر" بالزواج من تلك الفتاة,.. و بدأ الأعداد لعقد الزواج رسمياً,وبدأت معركة تجديد جواز سفر العروسة الأمريكي, وبرزت معوقات عديدة ، فقد ارتابت موظفة السفارة الأمريكية أن تكون صاحبة الجوازهي نفسها العروسة,... فمن المحتمل أن تكون أختها, وبعد التحريات اقتنعت الموظفة بالمعلومات,وطلبت تصاوير العروس عندما كانت طفلة في امريكا,..وعلى الفور بدأت الاتصالات ببغداد من أجل إرسال التصاويرعندما كانت العروسة طفلة في أمريكا، ومرًت الأيام إلى أن تمت معاملة الجواز الأمريكي.
وفي أحد الأيام أعلمتهم شركة الطيران عن توفر حجز إلى ماليزيا وبسرعة توجهوا الى مركز مدينة عَمان, وتوجهوا الى المطار, ليستقلوا طائرة ضخمة تابعة للخطوط القطرية,.. متوجهة الى العاصمة الماليزية كوالا لامبور. وقد اسـتغرقت الرحلة من عمان الى الدوحة حوالي الثلاث ساعات, وبعد توقف دام ثلاثة ساعات,تابعت الطائرة رحلتها نحو ماليزيا,...ثم وصلت العاصمة كوالا لامبور بعد تسعة ساعات,.. وقد كانت الرحلة متعبة بسبب الجلوس لفترة طويلة, الا ان خدمات التغذية والبرامج التلفزيونية كانت ممتازة , ولم تحدث أية متاعب او مطبات للطائرة اثناء الطيران .
***
وصل "صابر" وابنه وعروسته صباحاً إلى كوالا لامبورعاصمة ماليزيا, الموسومة بأسمها المختصر (K.L)،,... وبعد فحص تأشيرة الدخول و إجراءات الكمارك ، تمكن "صابر" من الحجز في فندق ملائم ، بالقرب من أشهرمنطقة في العاصمة,...الواقع فيها البرج الشهير الموسوم بـ ( التوأم), وهو متكون من برجين متصلين برابط من منطقة الوسط ومتشابهين تماماً في هندستهما , كما يعتبران من أعلى الأبراج في العالم في ذلك الحين !
البرجين التؤم في ماليزيا
***
وبعد استراحة قصيرة في الفندق , خرج "صابر" ومرافقيه الى شوارع كوالا لامبور المدهشة والتي تعتبر "جنة الله في أرضه"، وبعد يومين توجه الأبن برفقة عروسته قاصدين السفارة الأمريكية لأجل تقديم وثاق الفيزة, وقد رافقهم "صابر" من اجل المساعدة في الترجمة,.. وبعد فحص الوثائق , أعطيت لهم أوراق رسمية لملئها، وفعل "صابر" ما طلب منه إلا أن الموظفة الأمريكية كانت من أصل "صيني", لم يستطع صابر فهم لهجتها, .. وما ان طلب منها اعادة السؤال حتى انزعجت واجابت بعصبية وطلبت منه أن يدفع رسوم التأشيرة (الفيزة) في بنك يقع وسط المدينة!
حضر "صابر" ومرافقيه في الموعد الى مبنى السفارة الأمريكية وسلم الوثائق لقاء وصل فيه رقم المعاملة وموعد اللقاء القادم ، ولم يسمحوا إلا بدخول "صابر",... وقيل له :
في المـوعد التالي , يجب ان يحضر ولدك ومعه "مترجم",.. حيث انك والد طالب الفيزة فذعن "صابر" للأمر,.. وشعربصلافة ذلك الموظف، وتعمده الإساءة وتأخير المعاملة !
***
في مساء ذلك اليوم سأل "صابر" أحد العاملين في استعلامات الفندق المقيم فيه ، أن كان لديه علم عن شخص عربي يتقن اللغة الإنكليزية ،... فقال العامل:
نعم لدينا (المستركمال) من الأردن!... فرح "صابر" لذلك النبأ، وبعد لحظات اتصلوا به من الاستعلامات وطلبوا منه الحضورلمواجهة (المستركمال),... فهرع نحوالاستعلامات وتكلم مع العامل، ثم فهم منه,... أن ذلك الرجل الواقف هو (المستر كمال)،... وتعرف إليه ، وقدم (المستر كمال), نفسه على أنه مدير لشركة تعمل في حقل الصناعات الغذائية،...وهو على أتم الاستعداد لتقديم المساعدة ،.. إلا أن "صابر" فـهـم من لهجته أنه سوري وليس أردني , ..ولما استفسر منه عن ذلك اعترف وقال:
"نعم أنا سوري", وأني هنا منذ أربعة عشرعاماً، وقد هربت من الحكم في سوريا مع والدي منذ ان استولى حافظ الأسـد على الحكم في سوريا , وأنني متزوج أمرأة ماليزية ، ولدي منها ثلاثة أطفال ، وأنني هنا أعمل مع شريكي السعودي!
صدق "صابر" كل ما نطق به ذلك الشاب الوديع المهذب، وودعه على أمل اللقاء معه غداً للذهاب إلى السفارة الأمريكية.
***
وفي صباح اليوم التالي , تهيأ "صابر" برفقة ابنه وزوجته الأمريكية ، وتوجهوا وفق الموعد إلى مكان شركة (المستر كمال), ووجدوا سيارته الخاصة وسائقها ,..الذي هَمَ بفتح الباب للضيوف,.. وتوجه بهم وفق أمرسيده نحو السفارة ، وفي الطريق راح (المستر كمال), يتحدث تلفونياً عدة مرات مع شخص ما ومع السائق باللغة الماليزية, وبعد كل بضعة دقائق يرحب بالضيوف، والدكتور "صابر" يحمد ربه الذي عرفهم بالمستركمال,.. لكي يـساعدهم على إنجازمعاملة ســفرابنه وزوجته الى امريكا!
***
تمت مقابلة بن "صابر" و زوجته والمستر كمال مع القنصلـة, وبقى صابر بالانتظار خارج القنصلية، وبعد فترة، خرج ولد "صابر" وقال لوالده : "القنصل يرغب بمقابلتك! "
وعلى الفورتوجه "صابر" مع ابنه إلى قاعة الأجتماعات وهناك وجد القنصله ومساعدها والمترجم (المستر كمال) وزوجة ولده ،.. وبعد التحية والتعارف ,.. شرح "صابر" سـيرة حياته , وعرض على الجميع كل الوثائق التي بحوزته, وقد استغربت القنصله وقالت لصابر:
"انك تجيد التكلم باللغة الإنكليزية "، ثم أطرَت على مواهب الدكتور "صابر" العلمية، ثم عرض عليها مؤلفاته وأبحاثه والكتب الصادرة بحقه من جامعة لويزيانا في أمريكا, ونظرت القنصله لتلك الوثائق والمترجم ( المستر كمال) صامت كأبي الهول،.. وانتهى الحديث بطلب القنصله من الدكتور "صابر" تهيئة وثائق أخرى، والحضور في موعد آخر.
عاد الجميع إلى الفندق والقلق يغمرهم بسبب قرب انتهاء اقامتهم في ماليزيا ، .... الا ان (المستر كمال), ابدى استعداده لتمديد إقامة "صابر" وولده في ماليزيا من دون أن يخرجوا إلى دولة أخرى وفق نظام الهجرة والجوازات في ماليزيا، حيث يسمح للزائر بتأشيرة سياحية لمدة أسبوعين وتمدد في حالة خروجه من البلد إلى قطر مجاور,.. إلا أن ( المستر كمال), طمأن الجميع وأعلمهم بقدراته الهائلة وعلاقاته العامة، وإنه قادرعلى التمديد لمدة قد تزيد على ثلاثة اشهر ومن دون السفر إلى الخارج، لقاء دفع مقدار بسيط من المال وشراء تذاكرسفرمن أجل عرضها على المسؤولين!
***
صدق "صابر" كل كلمة تفوه بها هذا المحسن الكريم المتواضع والمؤدب،... حيث كان يـُقـبل يَد "صابر" كلما يلتقي به !,..ويسحب "صابر" يده ويدعو له بالخير ويشكرالله الذي وضعه بطريقهم!,.. وبعد يومين طلب منه (مبلغ 400 رنكت) تحت الحساب (100 دولار تساوي 350 رنكت)، وفي الحال سلمـه "صابر" ذلك المبلغ !,..وأستمرت طلباته الى أن فاحت منه رائحة النصب والأحتيال التي تدل على مهنية عالية, وقع فيها "صابر" لا لغباءه, بل لثقته العمياء بالبشر ,.. وسنقرأها في,.... الحلقة 27 ,...مع محبتي لكل قراء الكاردينيا الغراء.
***
للراغبين الأطلاع على الحلقة 25
http://www.algardenia.com/maqalat/14554-2015-01-19-10-36-30.html
632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع