معالي التفاؤل، صفحات من سيرتي الذاتية
كتبتها الاثنين 2\2\ 2015م.
د.سهام علي السرور
أود لو أقابل أحد أولئك الأشخاص الذين يتكلمون عن التفاؤل، أو بالأحرى أود لو أقابل التفاؤل بنفسه وشخصه، أقابل التفاؤل كما هو، كما يصفونه، كما يرقّعونه بالسعادة، ويمزقون أحزاني ثيابًا له.
أود أن أخاطبه إنسانًا لإنسان! عفوًا أقصد إنسانًا لوزير، لا أعلم فقد يكون من أصحاب المعالي والعطوفة والسمو، لهذا يعزّ عليّ اللقاء به، ولهذا تسكع الحزن في شوارع قلبي منذ طفولتي بأمره أو برضاه أو جرّاء تغاضيه، ولم يكن مقاومًا أو مفاوضًا أو حتى مستنكرًا لِما أنا فيه.
عطوفة التفاؤل ألا تخجل! (والخجل بعيد عن أصحاب العطوفة الذين التقيت بهم في حياتي) من غيابك عني منذ طفولتي! لا أريد شيئًا سوى ضحكة واحدة من تلك الضحكات التي كنت أطلقها وأنا ألعب مع صغار الماعز، أو سعادة جنونية كتلك التي كانت تنتابني حين كنت أقفز وأركض خلف الدخان المتطاير من غليون جدي محاولة الإمساك به.
معالي العطوفة أقصد معالي التفاؤل (والمعالي بعيدة كل البُعد عن أصحاب المعالي الذين عرفتهم في حياتي) ألا تحب أن أمدحك بقصيدة مشطورة في عصر انشطار القذائف والمشاعر والأجساد! ألا تحب أن أبجّلك في مقالة مبتورة في عصر انبتار الحقوق وضياع الهوية! تعال لأكتب لك كل ذلك وغير ذلك الكثير من الحروف العنقودية (أرجو أن لا تفهمها قنابل).
ألا تحب أن أطوّر اسمك لا على طريقة داروين وإنما على طريقة تطور النائب إلى وزير والوزير إلى عين على طريقة تحصين اللصوص أيها التفاؤل، إن كنت تحب ذلك كله أو بعضًا منه فلماذا لا تحجز موعدًا للقائي لأخبرك ثم أكتب ما لا علاقة له بالحزن؟.
بعيدًا عن الرسميات ... عزيزي التفاؤل أين كنت البارحة؟ البارحة حين كنت أنا أسقي شجرات الزيتون مستغلة ما يتسلل من إضاءة الشارع إلى حيث حديقة منزلنا، البارحة حين جلست على الأعشاب ووضعت يدي على خدي الأيمن، وتسمّرت عيناي في الأرض، أين كنت والبرد يلف قريتي والدخان، وأنا أسمع ضحكات الأطفال وغناء الكبار يعلو كلما علا منسوب القهر في عروقي، نعم أسقي الزيتون في الشتاء... قد يكون هذا في عُرفك جنونًا ولكنه في عُرفي نوع من الهرب والاختباء بين الأشجار فيختلط نشيجي بخرير الماء وحفيف الأغصان، فلا تزعج دموعي العابرين في الطرقات أو الجالسين حول المدافئ.
عزيزي.... هذه الصفحات من حياتي تُسجّل البارحة تُسجّل الليلة الماضية لا شيء سواها، فهي ليلة الألف ليلة وليلة بالألم، وهي ليلة النكبة والنكسة والهزيمة، البارحة لم أسأل أين ذهبت فلسطين ومن دمّر العراق....؟ البارحة سألت أين أنا؟ ومن قطع آخر شعرة بيني وبين الصبر؟ من سكب جنون الدمع كالفرات على خدي؟ ومن أين انهالت أحزاني كدجلة؟ ومن صبّ نيل القهر في شرياني؟
صديقي التفاؤل..... رحمك الله، ما لي أخاطبك وقد دفنتك يا عزيزي منذ أعوام، تحديدًا منذ عام 1995م حين كنت أنا في الصف الرابع، أتذكر حين غادرت أمي الدار؟.
سلام على روحك صديقي التفاؤل، ولترقد بسلام روحك، لتسامح فضفضتي فالصديق يبوح عند قبر صديقه إنّ عزّ اللقاء.
معالي التفاؤل، صفحات من سيرتي الذاتية
كتبتها الاثنين 2\2\ 2015م.
د.سهام علي السرور
720 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع