ما هي الرسالة التي اراد الرؤساء الثلاثة تمريرها للبطريرك الكلداني بمغادرتهم قاعة مؤتمر الأديان قبل كلمته ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ملاحظة ذكية اشار اليها الزميلين سيزار ميخا هرمز في مقاله المعنون : خروج العراق من كأس أسيا بالمركز الرابع .. وخروج الرئاسات الثلاثة قبل كلمة البطريرك ساكو حسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771607.0.html
ومقال الزميل زيد ميشو المعنون :غبطة أبينا البطريرك... الكثير لا يفقهون وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771649.0.html
وكلاهما يشيران الى حالة واحدة وهي خروج الرؤساء الثلاثة قبل بدء البطريرك الكاثوليكي الكلداني بإلقاء كلمته .
إن اي مراقب او محلل سياسي سوف يستنتج بأن المسألة مقصودة ومدبرة ، فليس من المعقول ان تكون الشخصيات الثلاث مرتبطة بوقت واحد بمواعيد مسبقة وهم السادة رئيس الجهورية الأستاذ فؤاد معصوم ، ورئيس الوزراء الأستاذ حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب الأستاذ سليم الجبوري ، فاحتمال خروجهم كاحتجاج على موقف معين ، وارد وغير مستبعد .
لقد كان مؤتمر الوئام بين الأديان الذي نظمته مؤسسة الحكيم الدولية من المؤتمرات المهمة إذ شهد المؤتمر حضور الرؤساء الثلاثة في القيادة العليا العراقية بالأضافة الى عدد من الوزراء وعلماء الدين من مختلف الملل والنحل العراقية .
الرؤساء الثلاثة هم المعنيين اكثر من غيرهم عن مصير ابناء العراق بكل اطيافهم في المقدمة هم مسؤولين عن المسلمين من سنة وشيعة على السواء ، وبعد ذلك هم مسؤولون قانونياً وأدبياً وأخلاقياً عن مصير المكونات الصغيرة وبشكل خاص المكونات الدينية اللاإسلامية التي يطالها مختلف انواع العنف ، بحيث وصل الغلو ال حد اسر وسبي نساء هذه المكونات وبيعها في سوق النخاسة في مدينة الموصل العراقية ، وبعد ذلك يجري الأستيلاء على بيوتها وممتلكاتها ، وتباع الأثاث والأمتعة المنهوبة من بيوت المسيحيين التي جرى الأستيلاء عليها في سوق الموصل فقد افتتحت عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية سوق خاص باغراض منازل المسيحيين اضافة لمحتويات الكنائس المصادرة وقد اطلق على السوق المفتتح مؤخرا سوق (غنائم النصارى) . راجع الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=771535.0
من المؤكد ان البطريرك الكلداني كان يتطرق الى هذه الحالة التي وصلت اليها احوال المسيحيين والمكونات الدينية الأخرى فالرؤساء الثلاثة لا يريدون سماع مثل هذه الأخبار فآثروا مغادرة القاعة بدلاً من سماع تلك الأخبار .
لقد استهل البطريرك الكلداني كلمته بتأسفه على خروج الرؤساء الثلاثة :
في البداية أود ان أعرب عن عتبي على الرؤساء الثلاثة الذين انتظرناهم ساعة، فجاءوا واسمعونا ما يريدون وخرجوا من دون ان يسمعوا ما نريد. هذا مؤسف حقا.
اماكن المنسحبين خالية
هنا يطفو على السطح تساؤلات : هل كان ضيق الوقت ؟ وبهذه الحالة لا يمكن لثلاثتهم ان يكون نفس المواعيد كان لا بد ان يمكث احدهم على الأقل لسماع ما يقال ، لماذا هم قالوا كلمتهم ولم يسمعوا الى كلمة ألاخرين ؟ ان جوهر دولة القانون ان تسري القوانين والأنظمة على المواطن العادي وعلى رئيس الجمهورية وبقية المسؤولين .
ورأي آخر يقول ان خروجهم بحسب قناعتهم ان مقررات وتوصيات المؤتمر عبارة عن حبر على ورق وليس لها تأثير على الواقع ، ولماذا يصرفون من وقتهم الثمين على سماع كلمات لا تحمل اهمية في سير الأحداث فالمغادرة افضل .
ولكن برأيي المتواضع ان المغادرة الجماعية للرؤساء الثلاثة في وقت واحد وقبيل مباشرة البطريرك الكلداني لكلمته ، كانت بمثابة وقفة احتجاج على تصريحات غبطة البطريرك في بعض المناسبات السابقة ، حيث ان غبطة البطريرك لا يجامل احداً إذ يشير الى مواضع الخلل مباشرة ودون مجاملة من خلال كلمته التي القاها في المؤتمر الذي نظمه المركز العراقي لادارة التنوع
في احدى المناسبات يقول البطريرك الكلداني :(ICDM(
(ان التهديد الاكبر ليس ارهاب داعش وغيرها فحسب، بل هو منظرو هذا الفكر التكفيري ودعاتُه ومروّجوه. وكذلك بعض القوى المتنافسة على السلطة التي توظفّ الدين. .
ربما مثل هذا الكلام المباشر الصائب لا يوافق عليه بعض الساسة او رجال الدين .
كما ان للبطريرك ساكو كان قد زار في 9 / 1 السفارة الفرنسية ببغداد لتقديم تعازي الكنيسة الكلدانية على الاحداث الارهابية التي راح ضحيتها 12 شخصا وعددا من الجرحى، واعرب عن تضامن الكنيسة مع الشعب الفرنسي وعائلات الضحايا.
في مساء الثلاثاء 13/1 قام بزيارة البطريركية الكلدانية امين عام منظمة التعاون الإسلامي السيد أياد أمين مدني ، وفي الوقت الذي أكد البطريرك ساكو على ضرورة الركون إلى السلام وتخليص الخطاب الديني من كل تطرف، وخصوصا تنقية المناهج الدينية فهي التي تربي الاجيال وترسم المستقبل . في مقابل ذلك أشار السيد أياد أمين مدني إلى ضرورة أن يفهم الغربيون خطورة الاساءة إلى الرموز الدينية، فكما أن لديهم خطوطاً حمراء، لدى المقابل أيضا الشيء عينه .
قد يكون ما يطرحه غبطة البطريرك من حلول جذرية لمكافحة الأرهاب ، فالعنف والأرهاب لم تكون بدايته بقدوم داعش ، فالعمليات الإرهابية ضد المسيحيين كانت قبل داعش وبعدها ، فالدولة العراقية لم يكن لها اي دور في ايقاف هذا الأرهاب بسبب الأختلاف الديني ، وإن خطاب البطريرك ، لا يجامل اي مسؤول ، وهكذا كانت مغادرة المسؤولين قبل بداية غبطته في إلقاء كلمته ، وبتصوري كانت مغادرتهم للقاعة خارج نطاق المألوف في هذه المواقف . إن غبطة البطريرك يمثل الشعب الكلداني الأصيل والمسيحيين في العراق بشكل عام وكان يتعين على المسؤولين في الدولة ان يسمعوا على ما يقوله بصدد هموم شعبه ، فحضورهم كان كان لإسماع الآخرين رأيهم ، وكان يجدر بهم البقاء لسماع رأي ألآخرين .
إن احتمال ان يكون خروجهم لتمرير رسالة احتجاج على موقف البطريرك وارد واتمنى ان اكون مخطئاً في تقديري .
د. حبيب تومي / اوسلو في 02 / 02 / 2015
876 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع