د.عبدالقادر القيسي
نتناول الشق الأول من مقالتنا ونقول:
تتفاوت النظرة إلى مهمة رجل المرور بصورة واضحة بين رأيين، الأول يقول: إن هذه المهمة هي مهمة فنية لا علاقة لها بأي هدف اجتماعي بعيد المدى وإنما تهدف إلى السيطرة على حركة المرور في الشوارع وضمان الانسيابية فيها، وبذلك لا يجوز ان نحملها ابعادا اجتماعية ابعد منها وابعد من مسافة الشارع وما يقع فيه من احداث، والرأي الثاني يقول: مادام الامر يتعلق بالتنظيم وضمان انسيابية الشارع، والحد من الحوادث المؤسفة ومنع التجاوز واحقاق حركة الشارع ضمن الأسبقية القانونية والأخلاقية فإنها بالتأكيد تحمل أبعادا اكبر من المساهمة التي تتم فيها، وان بعديها الاجتماعي والأخلاقي هما الطابع المتميز فيها، والراي الثاني هو الأعم دلالة والأقوى حجة في تأكيد أهمية الواجب والمنهج الذي يعتمده رجل المرور في تنظيم حركات المركبات والناس اذ بدون هذا التنظيم تسود الفوضى ويعم التخلخل في المجتمع إذا أخذنا في الحسبان ان حركة الشارع هي جزء من حركة المجتمع اليومية .
اظهرت شاشات التلفاز السبت، 31 كانون الثاني، 2015 شرطي مرور عراقياً، وقد تورمت احدى عينيه، نتيجة تعرضه للضرب هو وزملاؤه من قبل حماية وزير حقوق الانسان العراقي، واشار الى ان عقيداً في المرور تعرض للضرب بأخمص البندقية، وذكر العقيد مهند سعدون ان "شرطة المرور الذين كانوا يتواجدون بالمنطقة لم يقطعوا الطريق استناداً لأمر رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، بعدم القيام بذلك لأي مسؤول مهما كان منصبه، فضلاً عن الزخم المروري الكثيف بالمنطقة الذي يحول دون ذلك". ونُقل بعض منتسبي المرور الى المستشفى بسبب اصابات تعرضوا لها، واتهمنا الوزير بتعمد تأخير موكبه دائماً، ووجود من يحرضنا على ذلك كوننا بعثيين وصداميين".
بدءاً نقول ان العراق يعد من الدول النادرة التي فيها وزارة لحقوق الانسان، لأن تلك الحقوق لا تتابعها وزارة، وانما هيئات او مفوضيات كما في مفوضيتنا التي لا نسمع لها صوت، ولا اعرف كيف يمكن ان نصدق ان يكون في دولة مفوضية ووزارة؟؟؟؟ لكن في وضعنا العراقي؛ الذي يشهد فوضى وتوتر سياسي لم يقر له قرار طوال سنوات، يجوز ذلك؛ لان المناصب توزع على اساس المحاصصة.
ان وزارة حقوق الإنسان هدفها الأول ان تحمي الإنسان وتحافظ على حقوقه وحرياته، الغريب وزارة حقوق الأنسان في العراق هي من يعتدي على الأنسان وتصادر حقوقه متمثلة بوزيرها وحمايته، أي أن عملها ازهاق حقوق الانسان، وأن الحقوق على الورق فقط.
ان ما حدث يقع مباشرة في صلب واجب وزير حقوق الانسان، وان ما فعلته حمايته بشرطي المرور إهانة للنظام والدولة، وما قال به وزير حقوق الانسان لعقيد المرور (مهنا سعدون) يعد استخفاف بالمواطن، وتقصير فاضح في أداء الوزارة واعتداء مباشر على منتسب عراقي يؤدي واجبه الرسمي، لكن في المقابل فإن رجل المرور يتحمل مسؤولية تجاوزات غير مبررة يقوم بها من حين لآخر كفرض غرامات غير قانونية ومزاجية.
ويذكرنا قول وزير حقوق الانسان بما قاله الناطق الإعلامي لأمانة بغداد لقناة هنا بغداد(المواطن منو المواطن ؟؟. شنو المواطن ؟؟. الفساد موجود منذ زمن الأنبياء)، وما قاله امين العاصمة، الذي تهجم على من ينتقد ادائه ويهددهم بأنهم تحت (نعاله) مع جل احترامي للقراء، فهذا كلام قاسي ومتعسف وغير شفاف، فسلطان الكلمة يتأتى من صحتها، لا من قسوتها وتعسفها، في حين نراه يزيد في انعدام شفافيته عندما يرد على أحد المواطنين عبر احدى الفضائيات (بسورة الفسفس) انها (سُبّة) واهانة جديدة، وبهذه الشكلية، ربما قد فقد كل مقوماته الاخلاقية عندما يبدأ بالاستهزاء بالآيات الكريمة للقرآن ومسمياتها.
ونذكر، أن الدولة تتكون من الوطن والمواطن، والمواطن له حقوق وواجبات، من واجب الحكومة عدم تجاهلها ولا تعني المواطنة أن يسمح للوزير او لأي مسؤول تنفيذي، التطاول على المواطن والاستخفاف به.
والوزير والمسؤول خادم للمواطن، وعليه أن ينظر لمسؤولياته على أنها واجبات ملزمة التطبيق.
لقد أوعز رئيس الوزراء الموقر بتشكيل لجنة للتحقيق في حيثيات الاعتداء، وهذا جيد ان كانت اعمال اللجنة تنصب على محاسبة الوزير نفسه، أي ان اللجنة تأديبية بحق موظف بالدولة اساء التصرف بقواعد الوظيفة العامة، ونتمنى ان تكون لجنة فعالة ويترشح عن عملها اثرا قانونيا واداريا وعاجلا، اما من ناحية الاعتداء على منتسبي الشرطة فنعتقد ان ذلك من اختصاص القضاء العراقي وهناك نصوص قانونية شُرِعت لحماية الموظف أثناء تأدية واجبة وهي عدم الاعتداء عليه من أي جهة مهما علت مكانتها في المجتمع، وأي اعتداء عليه يعتبر اعتداء على كل الدولة العراقية ومن خلال شكوى يقيمها المجنى عليهم من منتسبي المرور وفق المادة(230 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 وتعديلاته).
ان إخفاقنا في التوصل لبناء دولة مؤسسات تعتمد على تكريس حقوق الناس، وتطبيق القانون، أدى الى ضعف النظام السياسي لدولة العراق؛ ولنا في دول العالم المتحضرة امثلة على معاقبة مسؤولين كبار بضمنهم رؤساء وملوك وابناؤهم بسبب تصرفات مخالفة لقوانين المرور في بلدانهم (كتصرف ملك السويد مع ابنه المخالف لقواعد المرور)، وقبل أيام عوقب رئيس لجنة المرور في البرلمان الألماني، بسحب رخصة قيادته وغًرم 2400 يورو بسبب ارتكابه مخالفة مرورية جسيمة، حيث احتك خلال قيادة سيارته بسيارة أخرى، من دون أن يتوقف على الفور، كما يقضي القانون.
فلماذا يشذ العراق عن التطبيق السليم للقوانين التي اقرها دستوره وتشريعاته، ومنها تشديده العقوبة بحق من يعتدي على موظف في اثناء عمله؟ وهو ما جرى لشرطة المرور.
نتناول الشق الثاني في مقالتنا ونقول:
صرح النائب صلاح الجبوري بتاريخ الإثنين، 2/ شباط/ 2015 في بيان ان "مدير ناحية ابو صيدا المدعو حارث الربيعي هدد باتصال هاتفي كل نواب ديالى وأعضاء مجلس المحافظة وعوائلهم بمن فيهم رئيس مجلس النواب بالقتل، على خلفية فتح تحقيق بقضية جريمة احداث بروانه وغيرها من الأحداث التي وقعت بالمحافظة".
وأضاف الجبوري في بيانه "بالرغم من التهديدات العلنية وعبر الاتصال الهاتفي بالقتل من قبل مدير ناحية ابو صيدا الا ان الجهات الأمنية لم تحرك ساكنا لإلقاء القبض عليه ولم تقم بأية إجراءات التي من شانها حماية نواب ديالى وعوائلهم من تلك التهديدات".
ان التهديد بالقتل يندرج تحت وصف المادة(431) من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 وتعديلاته وبالتالي على السيد النائب إقامة الشكوى الجزائية بحق مدير الناحية في قضاء محافظة ديالى، لا ان ينتظر الجهات الأمنية ان تلقي القبض عليه لان الجهات الأمنية لا تستطيع ان تلقي القبض عليه بدون امر قضائي، لكننا نشك ان يستطيع النائب صلاح الجبوري وجميع نواب ديالى وعلى راسهم رئيس مجلس النواب ان يقيموا شكوى بذلك خصوصا التهديد طال رئيس السلطة التشريعية في البلد، بل هم لا يستطيعوا ان يدخلوا محافظتهم بدون موافقة مسبقة من من منعهم أصلا من الدخول، وقد وجه لهم سابقا رصاص المليشيات، عندما كان السيد رئيس مجلس النواب رئيس لجنة حقوق الانسان ومعه النائب رعد الدهلكي في ديالى، وفي وقتها أيضا لم يقدموا أي شكوى بذلك بل منعوا من دخول محافظة ديالى، اني استغرب لرئيس سلطة تشريعية يتعرض للتهديد بالقتل وليس هناك تحرك من الدولة ولا من مجلس النواب الذي تم تهديد رئيسه ولا حتى بيان استنكار او شجب يصدر عن الجكومة او رئاسة الجمهورية او حتى من البرلمان نفسه لاسيما ان تهديد رئيس البرلمان معناه تهديد لمجلس النواب بأكمله، أي هراء واي فوضى هذه الذي نعيشها؟
في أي دولة، يهدد مدير ناحية في محافظة رئيس السلطة التشريعية وعدد من النواب؟ الإجابة اتركها للأحزاب والكتل ؛؛؛؛؛؛؛؛؛.
قبل أسبوع مواجهات في الكرادة بين فصائل مسلحة يستخدم فيها السلاح الثقيل ويخرج علينا السيد (معن) كعادته يبسط الامر ويقول سيارتين وبعدها بيومين 2/2/2015 يخرج علينا السيد (وميض العكيلي) الناطق الإعلامي للمحمداوي على قناة الشرقية ويؤكد ان هناك تسع سيارات مضللة قد خطفت المحمداوي، وان هناك سلاح ثقيل استخدم، والجميع يعتقد ان الموضوع برمته صراع على المكاسب والمغانم.
ان تهديدات مدير ناحية ابي صيدا تأتي على خلفية جريمة بروانه التي سيتم إخفاء معالمها والجهات المتورطة فيها، وتحت يافطة الترغيب والترهيب؛ لاسيما ان لجنة وزير الدفاع (من اتحاد القوى الوطنية)، لم تصل لحد الان الى مسرح الجريمة واللجنة البرلمانية خلت من نواب ديالى المعنيين بالأمر، وسيتم تسويف نتائجها لان الكتاب واضح من عنوانه ورغم انف رئيس مجلس النواب ونواب قائمة ديالى هويتنا؛ لانهم ليس لديهم الا تصدر المنصات والصراخ والعويل ومحافظهم الهمام الذي أيضا اوكل اليه منصب المحافظ بصفقة مشبوهة (بتامر على عمر الحميري)، ليس لديه حل لأي مشكلة، لأنه ماركة مسجلة في التصريحات عن انتهاكات الأجهزة الأمنية في ديالى وبدون حلول، وليس لديه أي سلطة الا على موظفي مكتبه فهو خارج بناية المحافظة لا يستطيع ان يأمر شرطي لفعل امر ما، وهذا هو الواقع الذي يجب ان يعرفه أي مسؤول يتسلم منصبه عن طريق اتفاقات محاطة بظلمة الاستغفال وفيها من المصالح ما يخفى، يكون ضعيف وذليل ولا يستطيع ان يفعل شيء لجمهوره وتلك والله خيانة عظمى وكبيرة من الكبائر يتحملها أي مسؤول تقلد منصبه وفق ذلك.
وأخيرا، إن رئيس البرلمان العراقي الذي دخل الانتخابات الاخيرة باسم قائمة انتخابية هي «ديالى هويتنا»، باعتباره من اهالي هذه المحافظة وهي محافظتي العزيزة، هل يستطيع اليوم أن يقول لأهالي ديالى، ما هي المفاســـد التي استطاع درأها عن أهله في تلك المحافظة، وهو يتربع على كرسي أعلى سلطة في البلد؟ وما هي المنافع التي استطاع جلبها إليهم؟
512 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع