زينب حفني
احتفل العالم في الثامن من شهر مارس بيوم المرأة العالمي. وقد لفت انتباهي قيام موقع "سي إن إن" الإخباري على شبكة الإنترنت بطرح استفتاء يدور حول أربعة ميادين برعت فيها المرأة العربية بمجال الفن والسياسة وحقوق الإنسان والإعلام، وبالطبع تمَّ الاستعانة بإعلامنا العربي في اختيار الأسماء المطروحة! وقد تملكني الذهول بالفعل وأنا ألاحق بعينيَّ الأسماء المدرجة ونسب أدوار بطوليّة خياليّة لبعضها!
هناك في الجراب أسماء كثيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمَّ إدراج اسم المحاميّة آمال علم الدين، التي لم تكن معروفة عربيّاً قبل أن تقترن بالممثل العالمي جورج كلوني، وأرى بأنها لم تُقدّم شيئاً يُذكر للمرأة العربية عامة والمرأة اللبنانيّة حيث تعود جذورها إلى هناك، خاصة في الشأن المتعلّق بملف العنف وتكرر حوادث قتل الزوجات في لبنان على أيدي أزواجهم! فإذا ما انتقلنا إلى اليمنيّة توكل كرمان الحاصلة على جائزة نويل للسلام، نجد بأنها قد تسببت في خلق فوضى ببلادها أدّت إلى وقوعها بأيدي الحوثيين وانقلابهم على الحكومة الشرعيّة هناك، لتفرَّ بعدها هاربة إلى تركيا التي منحتها الجنسيّة التركيّة!
من وجهة نظري هناك أسماء تستحق أن يُطرح حولها استفتاءً، وبعضها من العيب إدراجها أصلاً! ولكنني لاحظتُ بأن أي امرأة تُريد أن تكون في الواجهة، عليها أن تتزوّج مليونيراً أو رجلاً مشهوراً وبعدها تترك للإعلام إكمال المهمة! ليست هكذا تُصنع البطولات الحقيقيّة للمرأة العربية! لكن إعلامنا العربي متورّط بالدليل القاطع في الترويج لشخصيات كانت في الظلال وقامت بدفعها إلى الواجهة! مما يعني أنّه صار يُرسل رسائل ضمنية للأجيال الصاعدة من الفتيات السعي بمجهوداتهن الشخصيّة لتطبيق هذه النصيحة المائعة!
معروف أنَّ هناك أسماء مهمة ناضلت من أجل قضايا المرأة ببلادها، لكن تمَّ تهميشها لعوامل خفيّة وأخرى ظاهرة! فمع حلول الأزمة الأوكرانيّة الروسيّة برز مؤخراً اسم الطيّارة الأوكرانيّة ناديا شفشنكو البالغة من العمر 33 عاماً، والتي أصبحت رمزاً للمقاومة بعد سقوط طائرتها وأسرها من قبل الانفصاليين المواليين لروسيا، أثناء مهمة قتاليّة لها شرق أوكرانيا، مع هذا لم يُذكر اسمها وغيرها كثيرات!
لقد توّلدت لديَّ قناعة بأن إعلامنا ساهم في بيع الوهم لمجتمعاتنا العربيّة، وفي صناعة المرأة «السوبر» المنفوخة «على الفاضي» كما نقول في أمثالنا الحجازيّة! لكن هل الإعلام وحده يتحمّل المسؤولية، أم أن مجتمعاتنا متورطة هي الأخرى وأصبحت تهتم بالقشور على حساب اللب؟
أتذكّر بأنني قابلتُ إحدى الأسر البريطانية في لندن، وعرج الحديث على (باريس هيلتون) التي ورثت عن عائلتها سلسلة فنادق هيلتون الشهيرة، لتُعلّق ابنة من الأسرة على اسمها بالقول (هي لا شيء من دون أموال أسرتها)! هذه الفتاة لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها لكنها تربّت على ثقافة مستنيرة بأن قيمة المرأة تنبع من مقدار ما تصنع وما تُقدّم لوطنها، بصرف النظر عن زواجها من شخصيّة مشهورة أو كونها ابنة لرجل ثري!
يجب على الإعلام أن يكون حيّادياً حيال الأمور المطروحة على الساحة، وأن لا يُساهم عمداً في صنع دمى بلاستيكيّة تُصبح مع مرور الوقت قدوة للأجيال الصاعدة من الفتيات! لكن المشكلة أن مجتمعاتنا العربيّة واقعة في فخ ما تعرضه قنواتنا الإعلاميّة المختلفة، وتتقبّل بطيب خاطر كل ما تُصدره إلينا دون أن تُناقش كي تفهم وتستوعب وتتخذ قرارات سليمة، وبعدها نشير بإصبع الاتهام للشابات الصغيرات وننعتهنَّ بالسطحيّة وأنهنَّ لا ينظرنَ لأبعد من مواقع أقدامهنَّ، متناسين بأننا من دفعناهنَّ لهذا الطريق وعلمناهنَّ من دون قصد أن التهليل صباحاً ومساءً يصنع النجوم الساطعة!
570 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع