بثينة خليفة قاسم
في كتابه المنشور في عام 2008 تحت عنوان “الشيطان الذي نعرفه” يقول روبرت بيير الذي كان يعمل ضابطا بالمخابرات الأميركية الـ CIA “إن الولايات المتحدة تتعامل مع إيران منذ عشرين عاما بالعزل والتهديدات والعقوبات..
ومع ذلك لم يتم حل أي من المشكلات الكبيرة مع إيران وإن الفرصة الوحيدة التي سيكون لها فرص نجاح كبيرة هي فتح الحوار غير المشروط مع إيران على مستوى دبلوماسي رفيع ونزع فتيل الأزمة بين أميركا وإيران عن طريق وقف تمويل برامج نشر الديمقراطية في إيران لأنها تساوي الدعوة إلى تغيير النظام.
ويستند مؤلف هذا الكتاب في دعوته للتفاهم بين أميركا وإيران إلى القاعدة الأميركية التي تقول: “الشيطان الذي نعرفه أفضل من الشيطان الذي لا نعرفه”.
يتحدى “بيير” ضابط المخابرات المركزية السابق في كتابه هذا الرؤية التقليدية التي ينظر بها الأميركيون إلى إيران ويقول إن إيران كسبت حتى الآن نصف الحرب غير المعلنة التي استمرت ثلاثين عاما مع الولايات المتحدة وتمضي بسرعة نحو تحقيق حلمها في أن تكون قوة عظمى.
يقول “بيير” إن إيران نجحت بسبب استخدامها الجيد للوكلاء مثل حزب الله اللبناني واستخدامها الجيد للطائفية بين المسلمين العرب وإنها في طريقها لتأسيس امبراطورية في الخليج (الفارسي). ويرى “بيير” أنها طالما أن الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط أضحت أمرا واقعا فإنه ليس من خيار مجد أمام الولايات المتحدة سوى السعي إلى المهادنة مع إيران وأن تدخل في مفاوضات معها وأن تكون مستعدة لرفع العقوبات المفروضة عليها وأن تقبل بتقسيم العراق الذي ضاع بالفعل بلا رجعة حيث ضم الإيرانيون جنوب العراق.
يقول بيير بصفته أحد رجال “السي آي إيه” السابقين إنه في الثلاثين عاما التي مضت والتي غضت الولايات المتحدة الطرف فيهما عن إيران، برزت الأخيرة كدولة قادرة على تغيير مصير الولايات المتحدة مثل القوى العظمى التقليدية كروسيا والصين وإيران نقلت نفسها إلى مصاف الدول العظمى اعتمادا على الفهم الخاطئ للأميركيين حول “ماهية إيران” - إيران التي تركت الأميركيين يعتقدون أنها دولة يحكمها حفنة من المتشددين الدينيين المعنيين أكثر بالنواحي الثيوقراطية والأجندات الإرهابية وراحت في الوقت نفسه تقوي دعائمها السياسية والاقتصادية.
ويرى الكاتب أن إيران استطاعت من خلال حزب الله أن تهزم إسرائيل في عام 2006 وأنها في الوقت الحالي تواصل تغلغلها في الشرق الأوسط، وأن آلية الحرب بالوكالة التي أتقنتها مع حزب الله اللبناني يجري تصديرها إلى أنحاء المنطقة حيث أصبحت تسيطر الآن على جزء كبير من جنوب العراق وتحاول مد نفوذها إلى الأردن ومصر، وأنها ستستطيع خلال وقت قصير السيطرة على ينابيع النفط.
ولا يتردد الكاتب في القول إن إيران ليست دولة مارقة على الإطلاق بل دولة عاقلة تتمتع بمهارة كبيرة في لعبة الأمم وتقوم باقتدار بإحباط الاستعمار الغربي بقولها إنه حتى خصومها السنة على استعداد للقتال تحت لوائها.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة لابد لها من التحالف مع إيران حيث الخيارات قد غدت ضيقة جدا أما صناع السياسة الأميركية، فإما أن يتركوا أهم موارد النفط في العالم إلى دولة يمكن أن تنافس أميركا عسكريا وإما أن يتعاملوا مع الشيطان الذي نعرفه، ولن يكون ذلك إلا بالتحالف مع إيران، وهو التحالف الذي لن يضمن أمن الولايات المتحدة وحدها ولكن أمن جميع دول الشرق الأوسط. ويصر الكاتب على أن أي خيار آخر لن يحقق سوى المزيد من حفز إيران لبسط هيمنتها على العالم الإسلامي.
573 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع