هل يفعلها وزير الثقافة؟

                                         

                             عدنان حسين

وزير الثقافة يستقبل، منذ أيام، القاص راسم قاسم موسى والشاعر إسماعيل عبيد ليحتفي بهما بمناسبة فوزهما بجائزة الطيب صالح. هذا أمر جيد بالطبع، لكن الأجود منه كان سيكون بحصول هذين الأديبين وسواهما من مبدعي العراق الكُثر على جوائز وطنية قبل نيلهم جوائز عربية أو دولية، أي أن يكرّموا في وطنهم أولاً، فلجائزة الوطن طعم خاص ومعنى خاص وتأثير خاص، حتى لو كانت قيمتها المادية متدنية.

الوزير فرياد رواندزي عبّر في كلمته عن إدراكه هذه الحقيقة ووعد بتحقيق ذلك من دون أن يحدد شكل التحقيق، لكنه أكد ضرورة أن تكون لوزارة الثقافة "جوائز مختلفة ومتميزة"، مشيراً إلى عزمه على "تشكيل لجنة استشارية من قامات الثقافة العراقية التي من شأنها أن تكون سنداً له في إعطاء المشورة وتزويده بكل التطورات الثقافية الخاصة بالمبدعين في الساحة الداخلية والخارجية".

الجوائز تعني الفلوس ووزارة الثقافة من أفقر الوزارات في عهدنا "الديمقراطي" الراهن.. حكومات هذا العهد كلها تعاملت معها بوصفها وزارة من الدرجة العاشرة، حتى ان وزيرها السابق مثلاً لم يحفل بالدوام فيها على مدى أربع سنوات ونقل مبالغ كبيرة من موازنتها لحساب وزارته الثانية بالوكالة (الدفاع)!
والآن فإن وزارة الثقافة في حال أسوأ في بعدما ورثت الحكومة الحالية من سابقتها موازنة بعجز هائل زاد منه انخفاض أسعار النفط، سلعة العراق الوحيدة، الى النصف.
لكن وزارة الثقافة مع ذلك في وسعها أن تخصص جوائز سنوية كثيرة ومرموقة للمبدعين في مجالات الآداب والعلوم والفنون والإعلام، فهي توزع سنوياً 25 مليار دينار أو أكثر على أعضاء النقابات والاتحادات الأدبية والفنية والإعلامية في صيغة منحة لا تتجاوز المليون دينار لكل فرد، لكن أكثر من نصف هذا المبلغ يذهب الى أناس لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالأدب والفن والإعلام (موظفون إداريون في دوائر الدولة، سائقو تاكسي، مصلحو سيارات، باعة أجهزة منزلية، أفراد عائلات) فالنقابات والإتحادات التي أوكل اليها تقديم أسماء مستحقي هذه المنح وهبت عضويتها للآلاف من الأشخاص الذين لا يستحقون العضوية ولا المنحة.. أعطيت لهم العضوية بناء على مصالح شخصية للمتنفذين في هذه النقابات والإتحادات.
أفضل إجراء يمكن أن يتخذه الوزير رواندزي هو أن يحوّل مبالغ المنحة السنوية إلى جوائز سنوية لأفضل الأعمال والمنجزات الأدبية والفنية والعلمية والإعلامية، ولتكريم الرواد والمتميزين في هذه الحقول. الـ 25 مليار دينار يمكنها أن تتحول الى أكثر من ألف جائزة معتبرة تتراوح قيمتها المادية ما بين 15 مليون و30 مليون دينار ولتكريم 50 أو أكثر من الرواد.
بهذا الشكل يمكن أن تسهم الـ 25 مليار دينار في خلق نهضة أدبية وفنية وعلمية وإعلامية في البلاد، وأن تكرّم الأدباء والفنانين والعلماء والإعلاميين الحقيقيين.
لا يحتاج الوزير رواندزي سوى الى أيسر قدر من الشجاعة لاتخاذ قرار في هذا الشأن.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع