د.محمد المسفر
1
تناولت في مقالات سابقة أهمية صلاة الجمعة وخطبتها؛ ناقدا أداء بعض الخطباء وعدم الاهتمام بالإعداد الجيد للخطبة، رغم أنهم يتلقون مكافأة مالية نظير إعداد خطبهم وإمامة الصلاة، ولم أجد فيما كتبت ردود أفعال على المنابر تحسينا في الأداء وإعدادا جيدا لخطبة الجمعة.
(2)
لابد من كلمة شكر وتقدير لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن صالح المحمود، أستاذ العقيدة في جامعة الإمام بالمملكة العربية السعودية الذي تناول موضوع خطبة الجمعة في حديثه مع أئمة وخطباء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بجامع محمد بن عبدالوهاب في الدوحة. قال فضيلته مخاطبا ثلة من أئمة وخطباء الجمعة: "إن الخطيب ينطلق في خطبته من رسالة الإسلام الخالدة والصالحة لكل مكان وزمان، وهي ليست مجرد كتاب خطبة يقرأه الخطيب، وإنما رسالة ينبغي أن يحمل همها، ومسؤوليتها.
كما أنها في ذات الوقت ميسرة بأسلوبها "السهل الممتنع"، إذا وفيت حقها من الإعداد والإتقان والاجتهاد والعناية باللغة العربية الفصحى في الخطبة".
أذكّر أنني كتبت في تاريخ 18 / 4 / 2014 مقالا نشر في هذه الصحيفة عنوانه "التعليم والمسجد مهام واجبة المتابعة، وقلت إن صلاة الجمعة لها وضع خاص بين الصلوات، ونزل فيها سورة كاملة في القرآن الكريم "سورة الجمعة"، وأن يوم الجمعة يوم مميز يجتمع فيه الناس في كامل الطهر وحسن الملبس والتطيب وغير ذلك من التزين، وذكرت أن خطيب الجمعة له صفة القيادة وعند صعوده على المنبر مخاطبا الناس يختار موضوع خطبته بعناية.. إن يوم الجمعة عندي أشبه بمؤتمر للناس عامة يناقش فيه الخطيب حالهم ويجدّ أمامهم في اقتراح الحلول طبقا لقواعد الشريعة.
(3)
اليوم فضيلة الشيخ المحمود بارك الله له في علمه وعمله وصحته نصح الأئمة والخطباء "بالاقتداء بالسلف الصالح بالإخلاص، والصدق، والصبر، وأوضح أن الخطيب الناجح عليه أن يحسن إعداد خطبته، ولا يكون مثل بعضهم الذي لا يفكر في موضوع خطبته إلا ليلة الجمعة أو صباحها أو قبل صعود المنبر بوقت قصير، وعلى الخطيب أن تخاطب خطبته الواقع الذي يعيشه الناس والمسائل العلمية والأحكام الموعظية والتذكير حتى تلين القلوب، وأن يسعى الخطيب لتوصيل أفكاره بكل سلاسة ومراعاة وقتها وعدم الإطالة. على الخطيب كما قال فضيلته النظر في مشاكل الخلق المعاصرة وأن يضع في ذهنه أن المسجد منارة ونور".
(4)
مع الأسف الشديد لقد أصبحت خطبة الجمعة في بعض المساجد ولا أقول الكل، خطبا باهتة بلا موضوع وينتقل الخطيب من موضوع إلى موضوع دون ربط بين مواضيع خطبته، الأمر الذي يشتت ذهن الناس ويدفع بالملل. والحق أنني رأيت في ساحة أحد المساجد يوم جمعة عددا من الناس جلوسا في سياراتهم والخطيب على المنبر، دفعني الفضول إلى أن أسأل أحدهم لماذا لا يحضر الخطبة قال دون تفكير "أعرف ما يقول الخطيب، فقط جئت لصلاة الجماعة" حقا إنها ظاهرة خطيرة جدا يجب الاهتمام بها قبل أن تستفحل بين الناس.
آخر القول: لا يجب أن يكون التذكير بيوم القيامة هو موضوع خطبة كل الجمعة، وتجاهل حال الأمة الإسلامية والعربية وما تتعرض له من ويلات، والخطيب العالم المجتهد يعرف كيف يختار موضوع خطابه في شأن الأمة دون إثارة أو تحريض سياسي أو اجتماعي.
717 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع