الناقد مسرحي مغربي الدراماتورج: بنيحيى علي عزاوي
التاريخ البشري النظيف سجل بذهب ومن ماس جذور إنسانية الإنسان ومعاناة آدمية أهل العراق الطيبين، وبحروف من نور كلألأة في علياء السماء لإنس MEZOPOTAMIA ، المختلف الأجناس والأعراق، فهذه الحروف النورانية منقوشة في ذاكرة الشعب العراقي العظيم وفي سجِل مرقوم عند الله بحسبان و بدرجات قياس أحداث الزمان..أجل، وفي كل لحظة من لحظاته دُوِنت من لدن الشرفاء العراقيين بالتمام..كل حرف من حروف كلمات التاريخ النظيف هي كمثقال ذرة كأنها اللؤلؤ المكنون لخلائقه المؤمنين بوحدانية الرحيم الرحمن..كل شئ في أرض العراق ،من بشر وتراب وحيوان وحجر وأشجار ومن نخيل وفواكه ذات أفنان... وحتى الشمس والقمر العراقي يسبحان لله ويسجدان.. فجعل العزيز القوي الجبار شعب العراق أديانا وأعراق في نسيج تام مفعم بروعة الجمال،.. تتداخل الهويات بعضها بعض في أرض العراق الطيبة فعاشوا سواسية منسجمين ملتحمين في الماضي البعيد والقريب يعرفه النبلاء من ذوي الألباب، فكان العرب والتركمان والكرد والمسلمون السنة والشيعة والمسيحيون الأرثودكس والروم والصائبة والآشوريين إلى جانب اليهود والايزيديين والسريان، يعيشون في سلم وسلام وأمن وأمان.
الأديان والأعراق هي العروة الوثقى في الترابط الروحي العراقي كالبنيان المرصوص بالتمام والكمال، وهذه السلسلة المترابطة استفزت الأمم التي هبت وجاءت غازية إلى بلاد الرافدينmezopotamia ، مما جعل الوافدين الغزاة يستبصرون فيما لم يعهدون في أراضيهم وقاراتهم البعيدة المنال..ومع الاحتلال المتعاقب تم تمزيق الجسد العراقي إلى خطوط فيروسية وبائية في عمق الجسد الموحد ثم بحكم الوافدين الكثرة الغزاة تم تمزيق الجسد العراقي طولا وعرضا وأفقا وعموديا حتى انشطر جسد العراق إلى شيعة وسنة ومسلمين ومسيحيين ويهود وايزيديين وملل أخرى،وأخيرا حطت رحالها الشوفينية بأنظمتها الاستبدادية التي حكمت العالم العربي بالحديد والنار لتستثمر الجسد العراقي المترهل في كل شئ لخدمة استمرارها في الحكم المطلق بما في ذلك تمزيق الوحدة الوطنية في المجتمعات العربية في استجابة مباشرة للتعصب الصهيوني وخلقت تعصبا عربيا زائفا مارسته الحكومات أكثر مما مارسته الشعوب على بعضها البعض.
كم من سنة وأعوام والشاعر العراقي الفذ الناقد العالمي:"سامي مريه" يسأل القدر بحنين وإيمان قوي في حق خلائقه الأبرياء؟.. ثم يتساءل مع القضاء الذي هو من صنع الإنسان ....ويقول في تأملاته وخلوته في الغربة والاغتراب.. لِمَ هذا الإنسان البشر الذي خُلق هلوعا جزوعا وللخير منوعا يتعمد صنع الشر شرورا ويمنع الخير مَنوعا.؟ لِمَ هو صانع الشرور باسم الثقافة الاستبدادية التي عملت على تدجيل غلاظ الأكباد وغسيل عقولهم حتى يجرمون بقلب وحشي سادي في القتل والتنكيل لإنسانية الإنسان ولا رحمة ولا شفقة لأخيه الإنسان؟. في هذا التساؤل الفلسفي للدكتور الناقد العالمي "سامي موريه" قرر تطويع شعرية الشعر بإرادة عقله الإنساني المتنور فحفز ذاكرته الانفعالية للغوص في اللاشعور الجمعي للشعب العراقي الذي هو من أبنائه الأبرار والذين إذا أقسموا على الله لأبرهم..وبعد مخاض عسير جادت قريحته وخواطر أفكاره ثم استفاضت مشاعره حنينا للوطن الأم العراق mezopotamia..وهو يقول في مطلع قصيدته العصماء من عيون الشِعرالمعنونة:
"أتبكي النخيل مثل الرجال؟":
((الشوق والخوف والأحزان.....تنتاب عشاق العراق...حتى العصافير والنخيل والأطفال أحباب العراق...يا وطنا كتب عليه الذبح والنواح والعويل والجوع والسبي والحزن والعار... قدرَا أسود، كسواد ثياب أرامل العراق...أهذا قضاء الله لا مرد له...أم خضوع الرجال في العراق؟..)).
كم من سنين مرت على فاجعة الدكتور الناقد العالمي "سامي موريه" المفعمة بالمرارة والأحزان، لكن حنين الشوق والهيام الروحي لأرضه العراق لازال متجذرا راسخا في كيانه شاخا كأوتاد الجبال.. ..وبالرغم من عذابه وأهله ثم غيره من الاثنيات وما تعرضوا له من تشريد وخاصة عائلته ،تم استصدار أملاكهم بدون ذنب ولا حسيب ولا رقيب عما اقترفت هذه الساكنة من جرم في أرض أجدادها الذي اسمه "العراق..mezopotamia". وبالرغم هذا الظلم لازال الحب المفعم يكسو جسده وقلبه الولهان حتى عندما يسألوه الصحفيون يقول: الناقد العالمي البروفيسور: "سامي موريه": لغتي العربية هي صبابة الروح الأبدية ووطني هو العراق، هو الأم الحنون والنبتة الروحانية للشجرة المباركة،جذورها في الأرض وفروعها في السماء فيها فواكة مختلفة الأشكال وطعمتها موحدة في اللذة والمذاق لا مقطوعة ولا ممنوعة ومن لدن خالقها ترزق من حيث لا تحتسب.. والأصل في الشجرة ثابت في قلوب كل العراقيين والعرب المتنورين وفروعها موردة يانعة في أبراج سماء عالم البشرية المؤمنين بإنسانية الإنسان،.. ثم يبتسم البروفيسور"سامي موريه"ابتسامة الفلاسفة الكبار ويقول عبر مغناطيسية الأرواح:كم من أعوام مرت ولازالت ذاكرتي تنتحب بغرام مشتعل بنار صبابة ولوعة الحنين في الوجدان على وطني العراق وأنا دوما أتساءل: أليس من الحق وعدل الله الذي سوى كل خلائقه في العيش الكريم وفي كل جزء من العالم وخاصة في هذه الأرض الجميلة "العراق"و العيش بسلام ؟؟،ثم تَقدِم نخبة حاكمة بعنصرية مبيَتة وبدون مبرر منطقي ولا جريمة تذكر على هذه الأقليات الإبراهيمية التي توحد الله في كل مكان وزمان؟،تعرضت سنة 1951 ميلادية للإهانة والمذلة بدون شفقة ولا رحمة كما يدعون الشوفنيون وباسم لله ويتحدثون بدون حياء يتبجحون ويظنون أن الله لا يعرف سواهم ويتشدقون بصفاقة:
" نحن الرحمة والسلم والسلام"؟ عند هذا الشعار يتساءل شاعرنا الإنسان المخضرم الراقي"سامي موريه": ما الإسلام عندهم؟ الإسلام عند أهل بيتنا اليهودي أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان رحيما عادلا حيث كان يحترم أهل الكتاب ولا يؤذي المؤمنين بتوحيد الرحيم الرحمن الصمد... لماذا الديانة اليهودية وأقليات وأخرى تعرضت للنفي والمذلة والاهانه ولكل أنواع الشماتة لكونهم يهود فقط..؟؟، ويتهموننا بمناصرة الصهاينة، من قال لكم هذا؟ أترقبون على قلوب عباده المؤمنين بوحدانيته وعظمته وجلاله؟، لِمَ هذا الافتراء المفترى وهم عراقيون من أب لجد، يعشقون أرضهم "العراق mezopotamia " ..وكما نعلم من خلال السيرة الذاتية للبروفيسور"سامي موريه"، قررت كل عائلة الدكتور الرحيل من أرضهم العراق إلا أن والده أبى إلا أن يبقى في أرضه العراق ويموت فيها ولا يذهب إلى أي مكان آخر لأنه يعشق العراق إلى حد الثمالة كما أكد لأسرته في ذاك الوقت العصيب...ودارت الأيام بسرعة حتى تعرض هذا الإنسان "الأب" العراقي العاشق لأرضه للإهانة واستصدروا أمواله من البنك وقيل له حتى البيت وكل شئ متواجد بداخله من أثاث بعد أسبوع سيصبح ملك الدولة...عجيب أمر هؤلاء الحكام في العراق ...؟؟ باسم سياسة التعصب الديني يحكمون ويأمرون وباسم شيطانيتهم على هذه الأقليات لكونها تنتمي إلى الإبراهيمية بطقس يخالف غلاظ القلوب منذ غابر الأزمان.. ..ولكن الله يمهل ولا يُهمل حتى انفضًت منهم في كل عشر سنوات من الزمان نعمة الله ، وفي كل عقد من الزمان يتكرر على الحكام الدكتاتورين المذلة وتلحقهم اللعنة من الله وذلك هو آية من قصاص الرحمن في الدنيا قبل الآخرة جزاء لنصرة المظلومين وذنب كافة أهل الأرض الذين هم من خلائق الرحمن.... كم سنون فاتت وهيام الحنين لازال مرسخا في قلب شاعرنا كالنخلة البورية الباسقة ثمارها في علياء السماء تخاطب بصوت رخيم أهل وأرض العراق..
((أتبكي النخيل مثل الرجال؟))
((منذ أن كرَ البلاء في وقعة الطف الأليمة....تحالف الحجاج وهولاكو وجنكيز خان... قضاء الله يسرح ويمرح بسيف الجريمة...والموت يصبح في ربوعها"هل من مزيد"...أنا داعش والغرباء في سباق مع الموت الزؤام....)) هذا الموت الذي وصفه الناقد العالمي" سامي موريه" هو الموت الكريه السريع الذي ضاق مرارته إنسان العراق منذ أن صال وجال الحجاج إلى آخر دكتاتور في الأرض الطيبة لأهل العراق..
التاريخ الإنساني لا يرحم المجرمين الذين أذنبوا في حق الشعوب والأقليات التي عاشت على أرض العراق منذ أكثر 2500 سنة...عاش المسلمون واليهود وكل الأثنيات في احترام وحب ووئام ..وهنا يتذكر شاعرنا المخضرم الناقد العالمي"سامي موريه" بشاعرية جياشة مفعمة بالهيام الروحي الذي كان سائدا عند أهل العراق من رحمة ومودة وأخوة وسلم وسلام ووئام، لكن حتمية وصدق الشعر رحلت به إلى أغوار النفس البشرية وصناع الحرب والدمار حيث يقول:
((أتبكي النخيل مثل الرجال؟))
((في حديقة داري زرعت نخلة لذكراك يا عراق...اغني لها كلما قتلني الحنين...اليوم قتلني الخوف عليك يا عراق...زرت نخلتي،"سلام عليك يا ذكرى العراق!"... بُغِتٌ، يا رب ماذا جرى؟ ... بلحها صار أحمر اللون قان...بلون شوارع بغداد بعد دخول الغزاة...بلون دماء الأطفال في العراق...بلون دموع السبايا المغتصبات...ترى هل تبكي النخيل على البعد!!...ورغم البعاد...مصائب النخيل في الوطن الخراب؟؟؟من دخول داعش العراق..)).
الشعر الراقي المحمَل بالرؤية الفلسفية يغزو العاطفة وعقل الإنسان بطقس كثارسيسي يحاكي المحاكاة ويحفر في الواقع والمتوقع ثم الكائن والممكن كما أبدع بقلمه الخلاق وأتحفنا بقصيدته العصماء الناقد العالمي البروفيسور "سامي موريه". الشعر الإنساني هو الذي يستطيع كتابة "تأريخ التاريخ" بالصور والألوان والظلال والرموز ودلالات سيميولوجية تبحر في عمق الذات الإنسانية التي هي موضوع البحث والتنقيب من لدن العباقرة الإنسانيين الأبرار، وهذا النوع الرائع من الشعر كان في كل زمان ومكان، طبعا بالحروف النورانية والكلمات ذات التموجات السانفونية الجمالية التي تحفر في اللاشعور الجمعي الذي صوره لنا ناقدنا العالمي الشاعر الفذ "سامي موريه" وذلك بشعرية شاعرية لها لغة حية كأنها تتحدث بلسان الإنسان، أجل ما أروعها من قصيدة عصماء بعيون شعر راقي، أمتعتنا على مستوى العاطفة ثم أحزنتنا بمعاناة الإنسان العراقي الذي هو جزء من معاناة الإنسان في كل مكان.
1055 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع