الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: بنيحيى علي عزاوي
الأمل مثله كمثل الزئبقي، انفلت في يوم معلوم من بين أصابع المشاعر الجياشة ،وفجأة غاب عن منصبه فتركه شاغرا،فخيم وجثم "اليأس الميئوس" الذي هو من أخوات حروف العلة على صدر المشاعر الفياضة بتسلطه الاستبدادي بعد غياب "الأمل" ولم تعد تستجيب المشاعر الجياشة لتعليمات القلب الولهان، فغضب القلب غضبا مرعبا وأسرع بطلب شكوى تظلم إلى إرادة الإنسان،و بسرعة مغناطيسية قررت إرادة الإنسان البحث عن"الأمل" من خلال عناصر أخرى في الذات ومن بينها العقل الذي يعتبر السلطة التنفيذية فيصغى صائغا لإرادة الإنسان التي لها حق الحكم العادل باسم القانون البشري الذي صنعه الله لبني البشر لكي تنعم الذات البشرية بالسعادة، لهذا فإرادة الإنسان هي من تملك السلطة التشريعية المنتخبة بصفة أزلية وهي الرقيب على ما يجري في فضاء الذات البشرية فأمرت العقل بالحضور عاجلا إلى البرلمان لكي يُستجوب حول هروب "الأمل" بدون علم القلب الولهان، فطار من المشاعر الزاهية لماذا يقول الفريق المعارض؟ طأطأ رأسه العقل ثم دعا بالنفي حسب تقرير وزارة " المخبرات” التي تثبت أن لا علم لها بما جرى للأمل فترك مكانه فارغا للمشاعر الحيوية فأصبحت تنتحب من هذا الهجر الغير المرتقب والغير المبرر والقلب يؤنبها ليل نهار على تهاونها واللامبالاة التي جعلت منها مضغة سهلة لحروف العلة وابتلتها بالفساد و ملذات الشهوات الماديات التي تحاك بإيديولوجيات شوفينية حول الهيام الروحي الهمام ،والتخلي عن المبادئ السامية لإنسانية الأنام. وفي هذه الصرخة المخبارتية المدوية كالبركان قررت الإرادة السلطة العليا للذات الآدمية،أن تأمر العقل بالبحث عن القوانين الجنائية والمدنية والتجارية وكل القوانين الإنسانية بما فيها الثقافة الشعبوية علّ وعسى يجد البرلمان مواد قانونية تجرم كل من هرب من الذات بدون مبرر ولا حجج دلائل بالبيان، لأن هذه الظاهرة حول هروب "الأمل" لأول مرة، تجنح للإخلال بالتوازن في الذات البشرية وليس عند أنس الجنوب فحسب بل أصبحت بكثرة التكاثر عند بشر الشمال.....وبسرعة البحث عن الحلول الناجعة أمر العقل باجتماع عاجل لحكومته الموقرة في فضاء الذات البشرية...فحضر الاجتماع كل من: الذاكرة الانفعالية ثم الخيال ثم المشاعر ثم اللاشعور ثم القلب وأخيرا نائب العقل "الرقيب" ...افتتح العقل الاجتماع بكلمة لم تكن في حسبان المجلس الوزاري... فقال: علمتنا الحياة أن نتعامل مع كل عناصر الذات كالنحو اللغوي والصرف وعلوم الإعراب. فقهقه ههههه طويلا..ثم عم الصمت الجلسة الطارئة وفجأة نطق الكورال بصوت واحد لجميع الوزراء: وضح يا عقل..!! ما القصد والمقصود.؟ وما العمل..؟؟ قال العقل بارتقاء حكمة فن كلام دبلوماسي رفيع وبليغ بحركاته يديه مشيرا إلى اللاشعور والمشاعر الجياشة ثم ابتسم وسكت.. وعم الصمت من جديد والوزراء مندهشين في هذا الصمت الصائت الناتج عن هروب عنصر الأمل من الذات البشرية،وبغثة قال العقل بصوت رخيم:تعلمون جيدا أن بعض العناصر من الأخلاقيات البشرية المكتسبة تستحق الرفع،وأخرى تسحق بالجر أو الجزم وأخرى لا محل لها عندنا من الإعراب مثل الثقافة الشعبوية المكتسبة من الكتب الصفراء التي تبجل العنعنة والقلقلة التي شاخت وتساقطت أوراقها في زمن الدهشة والاندهاش ، إذن لزاما علينا أن ننفض الغبار عن أعيننا لتحييدها وعدمها من اللاشعور الخزان لكل تحركاتنا وسلوكياتنا على مستوى قياس الزمان في ساعتنا البيولوجية بالتمام، وحتى لا نتركه بدون مراقبة لأنه استعظم وتجبر واستبد ثم قهر عناصر المشاعرالجياشة وهيمن عليها بالأساطير والخرافات حتى كاد القلب يفقد مناعته الاستبصارية في البحث عن توائم الأرواح التي خلقها الله منفعة نعماء في هذه الدنيا الدانية بالهيام الروحي لأن ثماره قريبة التناول إذ تجنى بالتجاذب المغناطيسي للأرواح المختلفة والمتباينة ثم المتنافرة وحتى المتناقضة والمتنوعة ثم المؤتلفة والشبيهة المتماثلة والمنسجمة لكل من ازدواجية الخلق البشري لهو آية لذوي الألباب من: أنثى وذكر لاستمرارية الحياة بإلزام وتكليف وفرض الأمر العظيم الإلهي بخلق شهية حب البقاء المتجلية في روعة اللذة الكبرى ما بين الذكر والأنثى التي تعتبر لذتها اشتهاء شهية ميل للطرفين من أريج رغد زلال ماء دافق، سائغ سلس حلو لذيذ كأنه ماء سلسبيل الشميم الذي يخرج من نواة القلب الجليل،وتفهمون جيدا يا سادة أن بعض العناصر في الذات البشرية مكتسبة ولم ترق بعدُ إلى السمو المراد تفعيلته من لدن الإنسان الكوني فهي تستحق الكسر والنفي ثم العدم والسحق والتحييد والمحق المبين مثل اليأس اللعين الذي هو سأم وضجر وقنوط وابتئاس ،إذن وجب عليكم البحث عنه في خلايا الدم وقتله سريعا لكي يعود الأمل إلى تشوقه وتطلعه في رغبته المستديمة في ترقبه لكل أماني التمني لأنه أكبر صادق في منصبه الجليل وهو الكنترول السامي الرتبة والرقيب للقلب الماجد المهيب، وأما عناصر أخرى أراها كالأنعام منذ أن أصدرنا في حقها الجر فتحولت إلى جار ومجرور ثم تحولت إلى حروف العلة المعلولة فهي فيروس أخبث من السرطان، والكثير من عناصر الذات لا محل لها من الأعراب في قاموسنا للذات البشرية الحضارية وخاصة نحن في أوائل القرن21لأن الإنسان الكوني كما تعرفون، أنه في حالة فورة رقي وازدهار وانتعاش وإنماء وتقدم وتمدن وحضارة تنامي....صفق الوزراء بحرارة ورفعت الجلسة للبحث في كينونة الإنسان من جديد....
1071 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع