بثينة خليفة قاسم
لقد وصل المتطرفون من أهل الإسلام إلى مدى كبير ومخيف في استخدام الإسلام؛ لتبرير أفعالهم الرديئة وأطماعهم التوسعية وتبرير القتل ونشر الخراب في أرجاء الأمة، وكأن الإسلام قد جاء لكي يهدم مقدرات الشعوب وإنجازات البشرية!
فتنظيم داعش يقتل ويسرق ويدمر المدن ويسحل ويحرق الناس باسم الإسلام، والعصابات الشيعية العراقية تقوم بقتل الناس دون أي سبب من أجل الإسلام أيضا!
وهذا كله نتيجة طبيعية، طالما أن هناك رموزا سنية وشيعية تنظر وتفتي وتبرر وتعلي من شأن القتلة والمجرمين وتبشرهم بالجنة، فالقرضاوي يستخدم وسيلة كبيرة من وسائل الإعلام العربية في تأييد الإرهاب وتحويل الذين يفجرون المارة بالشوارع إلى أبطال وفرسان، وعلى الجانب الآخر، وغير بعيد عنه يقوم علي خامنئي على الضفة الأخرى بتسمية الأشياء القبيحة بأسماء جميلة، وكأننا في في رواية 1984، فالخارجون على القانون الذين يطعنون أوطانهم ويرتبطون بأجندات تقسيم الأمة هم المظاليم الذين ستفتح لهم أبواب الجنة بغير حساب.
لابد أن تحترق هذه الأمة ولابد أن تتمزق طالما أن رموز هذه المرحلة التاريخية العصيبة متطرفون يسكبون الزيت على النار،فبدلا من أن يستخدموا روح الإسلام وتعاليمه السمحة في لم شمل الأمة وفي وقف الإرهاب وإخماد النار، يقدمون الفتاوى الداعمة لشذاذ الآفاق الذي ينخرون في جسد الأمة.
ماذا يقول الشباب المتحمس، وماذا يفعل عندما يستمع لرجل بهذه العمامة الكبيرة، وهو يقول إن الشعب البحريني واليمني والفلسطيني شعوب مظلومة؟
أي إسلام هذا يا إخوة الإسلام الذي يساوي بين كيان مجرم محتل وبين حكومات إسلامية ليس لها تهمة سوى رفض الطائفية ورفض هدم الدول بسلاح ولاية الفقيه؟
أي نتيجة بالضبط يريدها صاحب العمامة الكبيرة من تلبيس ثوب الإسلام للطائفية والتطرف والدعوة لنصرة المظاليم وفقا للتعريف الطائفي للظالم والمظلوم؟
ما هي الطريقة التي يريد المرشد أن ينصر بها المظاليم؟ وما هي النتيجة التي يمكن أن تترتب على ذلك في زمن الفتنة التي كانت نائمة فيما مضى ولعن الله من أيقظها؟
ماذا سيحدث لهذه الأمة إذا كان تعريف هذا المرجع الكبير للظلم مثل تعريف الولايات المتحدة للإرهاب؟
ألا يرى القرضاوي وخامنئي أن من الأفضل أن يقوما في زمن الفتنة بالدعوة للسلام والوئام وجمع الأمة على كلمة سواء، ودعوة أصحاب الأطماع للتخلي عن أطماعهم التي ستحرق الأمة وتحرقهم بها، بدلا من استخدام الدين في تبرير القتل وفي تمزيق الشعوب ودعوة المسلم إلى قتل المسلم؟
العلماء والرموز ليسوا أكبر من الدين، وليس عيبا أن يراجعوا أنفسهم ويتعاملوا مع هذه المرحلة بفقه الأولويات، إن صح هذا التعبير، وأن يحسبوا النتائج التي يمكن أن تترتب على نصرة أحدهم لمتطرفي السنة ونصرة الآخر لمتطرفي الشيعة، وأن يفكروا فيما يمكن أن يحققه الحريق الكبير الذين يشعلونه للإسلام والمسلمين؟
1037 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع