القطار المجهول .. الحلقة الرابعة

                                               

تأليف / الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر/ أستاذ جامعات
بغداد والفاتح (ليبيا) وصفاقس(تونس) / ســابقاً  
الحلقة الرابعة..

ما ان نطقت الخاله بمكان الكنز, حتى  فارقت الحياة, فحزنت "صبرية" عليها وضاقت بها الدنيا, ألا ان جيرانها, وخاصـة المختار وزوجته  ام رزوقي, خففوا من صـدمتها, وبمرور الأيام ضاقت بها سُـبل العيش , فالتجأت الى كنزالليرات الذهبية الذي تركته الخالة,..  واســتلت منه  بعض الليرات وصَرفتها عند صــايغ الذهب.
قررت "صبرية",.. توظيف تلك الثروة الهائلة لرفع شأنها في المجتمع البغدادي, والتخطيط للأنتقام من ابو عزام الذي لم يعترف بزواجه ولا بأبنته "نيران" وهكذا,... وبمساعدة المختارابو رزوقي وزوجته, كونت لنفسها مكانة مُلفتة للنظرفي المجتمع الأرستقراطي في العاصمة بغداد, حيث اشترت داراً فخمة في شارع الزهاوي,...
قرب البلاط الملكي الذي يعتبرمن المناطق الراقية في ذلك الحين.
***
تقدم العمر بابي عزام وفاق الى نفسه بعد تصرفاته الرعناء ايام الشباب, ولذا راح يدافع عن الحرية والعدالة والأنسانية,.. وذاع صيته في بغداد كألمع محامي في تلك الحقبة, وبعد فترة, شجعته زوجته راغبه خاتون  على خوض الأنتخابات ودخول البرلمان,... ومن ثم التفكيربالوزارة !
رشح ابو عزام نفسه كنائب عن منطقته,... واغدقت راغبه خاتون المال الكثير على الحملة الأنتخابية,... وطلبت من عمها الباشا رئيس الوزراء مساندته,  وبعد اشـهر تحقق حلمها,  وصار المحامي عضوا بمجلس النواب,.. ثم وزيرا للمعارف (التربية) !
فرحت راغبه خاتون بنجاحها, متأملة تطويع زوجها  وجعله تحت  امرتها لتطويعه لذاتها فقط !,... فقد صار زوجها وجها مرمومقا في المجتمع ومسؤلاً في الدولة.
***
كبرت "نيران" واكملت الرابعة من عمرها وهو السن الذي يؤهلها لدخول الروضة, واختارت الأم لها ارقى روضة في بغداد مخصصة لأبناء الســلطة ووجهاء  المجتمع البغدادي,وتمر الأيام وتشاء الصدف ان يرعى حفل التخرج لطلبة تلك الروضة,... ســعادة وزيرالمعارف الســيد عزوز الثعلبيي (ابو عزام) ويفاجئ بوجود "صبرية" ام نيران  تجلــس خلفه مباشــرة,... فراوده الشك,... ولم يصدق ان هذه السيدة الأرستقراطية هي زوجته وحبيبته "صبريه",  فسأل مديرة المدرســة عنها, وقالت له انها " لهيب" ام الطفلة نيران عزوز,... فجن جنونه!    وهكذا حقق  القدرلصبريه رغبتها, فقد حرقته برؤية ابنته  نيران,..  ألهبت حبه لها, وغَـيرت اســمها الى"لهيب" لكي يتماشى مع طبقتها,
ثم تدوي في القاعة أغنية المطربة الراحلة عفيفه أسكندر,جوز منهم !


جوز منهم لا تعاتبهم بعد جوز
شلك عدهم ناس ما الهم عهد جوز
شلون جازونه بهجر و بلا عذر  
تالي باعونه بسعر ما ينذكر
هاي هم قسمة و وعد, جوز منهم
احنه ربينه و تعبنه و شفنه لوعات و سهر
و احنه دارينه و شربنه كاس مر من الزهر
******
احنه ربينه و تعبنه و شفنه لوعات و سهر
و احنه دارينه و شربنه كاس مر من الزهر
من هواهم
تعب كلبي و شيبت
من جفاهم
الف موضوع كتبت
يظلمون
و يعلم الله شكثر من شوقي حزنت
من هواهم
ضاع دربي و تيهت
من جفاهم
الف موال سمعت
و يعلم الله شكثر من شوقي حزنت

***
استغل ابوعزام نفوذه, وتمكن من معرفة كل الحقيقة عن صبريه,... وراح يغريها بالعودة له كزوجة بالسـرلحين وفاة زوجته,... او سقوط الوزارة! .. الا انها  رفضت  كل المغريات,.. واشترطت ان يُعلن عن زواجه بالمحكمة الشرعية على سُــنة الله ورسوله, فأصل الزواج هو الأعلان , وقد عَـلمت صبرية بتلك الحقيقة بعد فوات الأوان !

****  
اشــترت "صــبرية" المشــتمل الملاصق لدارها ولم توافق على تأجيره للعديد من المــستأجرين ,... الا انها وافقت على تأجيره الى الدكتور سـرحان, اســتاذ الأدب العربي في  دار المعلمين العالية عندما علمت انه من ابناء الشــطرة!
   تم التعارف مع الدكتور"سرحان" وعائلته بعد عدة ايام من سكنهم ودعتهم الى وليمة عشاء في دارها, وتمعَنت "صبريه" في"نســمه", زوجة الدكتور"سـرحان" وحدســت انها هي با ئعة الكيمرالتي أعتدى عليها زوجها القائمقام في حديقة دارها في الشطرة قبل اكثرمن اربعة ســنوات!, وانتابها الشــك؟!,... وبعد تبادل عدة اسئلة اسـتنباطية, بين "نسمة" و"صبريه",... صَرخن في آن واحد!, لتقول كُلاً منهن للثانية...(هي انت!؟),.. ثم يتعانقان عناقا مُفعما بالعواطف, وتتراقص في مخيلتهن صورة الســنين الغابرة, عندما طرد القائمقام من الشطرة
***
تنهمر الدموع بغزارة , و"سرحان" ينظر للمسرحية كالأطرش بالزفه  ثم تهدأ العواطف,.. وينجلي الموقف وتشرح كلا منهن  ســيرة حياتها بالتفصيل,...وتحمدان الله,... الذي جمعهن بغير ميعاد!
كان للدكتورسرحان طفل صغيربعمرنيران اسمه "احمد", وبمرور الأيام توطت العلاقة الحميمة بين"نسمه وصبريه" التي غيرت اسمها الى "لهيب", وأعدن الذكريات الأليمة التي مرت بهن في الشطرة.
***  
كان "لسرحان" صديق اسمه "دايخ !" ... انقطعت اخباره  منذ فترة طويلة,...وفي يوم من الأيام,... ألتقى الصديقان في احد مخازن بغداد, ويتم العناق ويتعرف كلا منهما على ســيرة الآخر :
 
" فدايخ",... طبيب  مرموق, و"سرحان" دكتور جامعي في بغداد,  وهكذا عادت علاقتهما ويدعو"سرحان" زميله "دايخ" لتناول العشاء معه في داره, وحددا موعودا للقاء,... وافترقا.
وجهت "نســمه" الدعودة الى "السيده لهيب" لمشاركتها السهرة مع صديق "سرحان" وقد ارادت "نسمه" ان تمهد لصديقتها الأختلاط  بالمجتمع فعسى ان يطرق بابها أبن الحلال ليعوضها حرمان الســنين او قل شقاء ليالي الشــطرة!,  يوم تركها زوجها ابوعزام وفر بجلده!
حضرت" لهيب" مبكرا الى دار"سرحان" لتعاون" نسمه" في اعداد المائده, وفي الموعد يصل الطبيب "دايخ" ويرحب به "سرحان" بشدة ثم ينادي على زوجته للتعرف على صديقه دكتور"دايخ" وتدخل نسمه وبصحبتها "لهيب"و يقدم "سرحان" زميله "دايخ" الى "لهيب" ويمد كلاً منهما يده الى الآخر فيخيم الصــمت الرهيب عليهما ,... وتغص الكلمات! ولاتجد لها مخرجا فينتاب "سرحان" الذعروتصاب "نسمه" بالدهشة, و"لهيب" تذرف الموع ودايخ يخرج منديله ويجفف دموعها, وتندفع "نســمه" بســرعة نحو"لهيب" وتحضنها وتسحبها بعيدا الى غرفة اخرى.
تهدأ النفوس,.. وتشرح "لهيب لنسمه" علاقتها مع الطبيب دايخ بن خالها وخطيبها منذ الطفولة, ففهم"سرحان" الموقف وفرح الجميع لما آلت اليه الصدفه !,...ثم عادت نسمه مع لهيب,لأعداد مائده العشـاء,.. وعَـمَ الجميع الفرح على انغام اغنية (  الأطلال ) لأم كلثوم :
ثم توجهت "نسمه" نحو "صبريه" وضمتها بحنان وراحت تهمس بأذنها مقاطع من اغنية الأطلال  المعبرة عن حالة "صبرية",.. منها:
   وحنيني لك يكوي اضلعي            والثواني جمرات في دمي
 ***
يستوعب الطبيب "دايخ" قصة بنت عمته, ويعدها بالوقوف بجانبها واسترداد حقوقها الشرعية من زوجها الوزير, وضم ســرحان صوته الى زميله وقررا البدأ بذلك فورا.
يبدأ الصراع الفعلي بين معالي الوزير وزوجته" صبريه/ لهيب", التي تزوجها عُرفيا,  ويريد الآن ان يتبنى ابنته نيران لعدم شــجاعته على اعلان زواجه خوفا من زوجته راغبه خاتون التي تملك القدرة لعزله من الوزارة  فورا.
حاول معالي الوزيرتغييرموقف زوجته" لهيب" بشتى الطرق, ولم يفلح, حيث صـارت اكثرقوة من السابق,لأمتلاكها المال ووجود  بنتها نيران والأصدقاء وحبيب الطفولة ابن العمة دايخ ,.. والذي يعتبرالآن وليها الشــرعي.
يتبع في الحلقة/ 5 ,...مع محبتي

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

http://www.algardenia.com/maqalat/17119-2015-06-09-07-22-47.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

966 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع