عدنان حسين
أمر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الخميس الماضي باحتجاز مجموعة من المحسوبين على التيار متّهمين باستيلائهم على أراض حكومية في محافظة النجف الاشرف، بينهم موظف كبير في وزارة النقل.
هذا الخبر بقدر ما يثير مشاعر الارتياح للوهلة الاولى، يبعث أيضاً على الحزن وخيبة الأمل، لأننا ما كنا سنحتاج الى إجراء من هذا النوع لو لم تكن الدولة غائبة والقانون فيها مغيباً، وثمن ذلك الغياب وهذا التغييب باهظ، فالقضية أكبر بكثير من استيلاء بضعة أفراد من المحسوبين على التيار الصدري في محافظة النجف على أراض حكومية.. المستولون على الأراضي والعقارات العامة والخاصة منتشرون في كل المحافظات، وهم أعضاء وقادة في القوى والأحزاب والكتل المتنفذة في السلطة، وأغلبها إسلامي، شيعي وسني سواء بسواء، حوّلوا دولتنا الى دويلات، عديدها بعديد هذه القوى والأحزاب والكتل ومكاتب كبار المسؤولين في الحكومة والبرلمان والقضاء.
ونهب الأراضي والعقارات تجاوز الأملاك الحكومية الى أملاك خاصة بعشرات الآلاف
وإلى أملاك بعشرات الآلاف أيضاً من المفترض أن تؤول ملكيتها الى الدولة كونها كانت مسجلة باسم الحزب الحاكم في عهد النظام السابق.
منذ أيام كشف عضو مجلس محافظة بغداد، محمد الربيعي، عن أن 70 بالمئة من بيوت المسيحيين المهاجرين من بغداد "تم الاستيلاء عليها من قبل جهات متنفذة"، وأوضح أن "متنفذين قاموا بتزوير ملفات هذه الدور في دوائر التسجيل العقاري". وبالطبع فان محنة المسيحيين المهاجرين والمهجّرين عنوة تتجاوز حدود العاصمة بغداد لتمتد الى الموصل شمالاً والبصرة جنوباً، ونهب ممتلكاتهم لم يزل يجري تحت سمع وبصر السلطات الحكومية في بغداد وسائر المحافظات، وما مِن أحد يتحرك! ومن المؤكد ان هناك تواطؤات تحول دون التحرك المفترض.
ونهب الأراضي والعقارات الحكومية والخاصة هو جزء من عملية كبرى تتورط فيها القوى والأحزاب المتنفذة في السلطة، فسرقة العصر، بل سرقة كل العصور، التي تحدث عنها أحد أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب ضالعة فيها القوى المتنفذة أيضاً.
عضو اللجنة أحمد حمه أعلن أخيراً ان لجنته تحقّق الآن في ملف تحويل مبلغ 312 مليار دولار الى خارج البلاد خلال العشر سنوات الماضية بطرق مشبوهة، مشيراً إلى تورط عدد كبير من الشخصيات العامة في تحويل هذه المبالغ، وأوضح ان " أغلب هذه الأموال حُوّل الى حسابات شركات استثمارية وجهات سياسية ورجال أعمال عن طريق شركات التحويل المالي"، لافتاً الى ان التحويلات في بعض الحسابات "وصلت الى أرقام فلكية"، ومشيراً الى "إمكانية تهريب هذه الاموال من قبل جهات سياسية ورجال متنفذين بالدولة آنذاك".
الشقّ، على صعيد نهب الأملاك العامة والخاصة، كبير للغاية.. إنه بحجم يتجاوز مساحة مدينة النجف الى مساحة العراق برمّته، فمن أين لنا برقعة بهذه المساحة؟
1151 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع