محمود سعيد
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً ........ تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
هذا بيت شعر قاله المتنبّي. مشهور جداً، للمتنبّي سمعة لا تجارى كون من أفضل شعراء العرب، إن لم يكن أفضلهم. لكنّ أحكامنا فيها كثير من الهوى والتّعصب، والتّجني مع الأسف الشّديد،
إنّنا نحبّ أن نطلق على بعض عباقرتنا ألقاباً ما أنزل الله والنّقد والأدب والمعايير من قانون. لو اكتفينا بكلمة جيّد، وممتاز، ورائع كباقي الأمم بدل ان نقول شاعر الأمة الأكبر، أو شاعر الوطن الفلاني الأعظم لكان ذلك أفضل.
وقع بيدي بيت شعر لهارون الرشيد:
النّفس تطمع والأسباب عاجزة ....... والنّفس تهلِك بين اليأس والطمع
هذا البيت يعطي معنى البيت الأوّل نفسه تماماً، وهو لا يقلّ جمالاً في المعنى والنّظم عن بيت المتنبي قطّ، فإذا نظرنا إلى فارق الزّمن بين الاثنين وهو مدة قرن ونصف تقريباً، جاز لنا أن نردّد قول القدماء إنّ للمحدث فضل لا يصل إليه المقلِّد أو المردّد، أو السّائر على نهجه.
اُتّهم المتنبّي من قبل معاصريه بأنّه أخذ كثيرا من المعاني من غيره وطورها، وصاغها بأسلوبه مع تغييرها. لكنّه لم يفعل ببيت هارون الرّشيد كذلك، فهما متكافئآن بالجمال والقوّة والمعنى.
ما أريد أن أصل إليه هو أن من الأفضل تجنّب إطلاق الأحكام العامة
730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع