د.علي حسين علي
كثرت التحليلات والاحتمالات حول سبب ظهور تنظيم الدوله الاسلاميه ( داعش ) واتهمت اطراف كثيره منها الولايات المتحده الامريكيه والسعوديه وايران وحتى اسرائيل ولكن لحد الان لم يتمكن احد من اثبات ذلك وبالرجوع الى الاوضاع والاحداث الي سبقت ظهور داعش سنجد حتما الاسباب التي توصلنا الى النتيجه ..
مرت منطقة الشرق الاوسط والمغرب العربي بعمليه سميت بالربيع العربي ايقظت روح التغيير واسقاط الانظمه واشاعة الفوضى والاقتتال الداخلي والفساد المخيف وتحرك الاقليات ونشر الاثنيات والشوفينيه وتولت قيادة البلاد وخاصة في العراق حكومه طائفيه افرغت حقد وعقد تاريخيه دفينه والتي ادت الى تهجير وقتل واذلال شريحه كبيره من المسلمين السنه وهم في العراق ينظر اليهم من قبل العالم الاسلامي كطليعه في الرأي والعلم والدين وخاصة كون بغداد لها تاريخ مجيد في هذا المجال الامر الذي نمى وشحذ الكثير من عقول الشباب باتجاه الثأر ومحاربة عقيده يعتبرها الكثير من السنه عقيده فاسده وغير مقبوله يضاف الى ذلك ترسبات القضيه الفلسطينيه وتدعيات الافعال الاسرائيليه ويضاف وجود انظمه فاسده وعميله وضياع ثروات المسلمين وانتهاك مشاعرهم واخيرا السعي الايراني لاعاده الامبراطوريه الفارسيه تحت غطاء التشيع الممنهج من قبل الحركه الصفويه تاريخيا وبشكل وعلى مراحل ..
بعد الاحتلال الامريكي لافغانستان والعراق والحمله ضد الاسلام عموما تحت ذريعة الارهاب وانحسار فعالية تنظيم القاعده حتى بات اسيرا لبقعة ارض يختفي فيها الامر الذي دعى اعضائه يفكرون بعد التداعيات التي تطرقنا اليها اعلاه في التفكير للانشقاق عن التنظيم وتكوين تنظيم جديد فعال يعوض الخمول الذي اصاب القاعده ,,
كان للمقاومه الافغانيه الاسلاميه والمقاومه العراقيه الاسلاميه والتي حققت الكثير من الانتصارات على العدوان الامريكي وكان ذلك حافزا واثرا كبيرا في انشاء هذا التنظيم الجديد الذي بدأت ملامحه تظهر في عام 2004 وبقيادة ابو مصعب الزرقاوي وكان كرد فعل ضد الاحتلال وضعف الاراده العربيه الاسلاميه في تلك الفتره ..
تمكن هذا التنظيم من حشد الشباب والمقاتلين وكانت الحكومات العراقيه من اهم الاسباب التي عززت هذا التنظيم ومواقف الشيعه العراقيين والايرانيين غذا بشكل ما الطائفيه التي دفعت بالكثير الى الانضمام الى هذا التنظيم واكسبه قوه بعد ان هاجم المالكي بعمليه غبيه تجمعات سنيه تحتج وتطالب بحقوق مشروعه الامر الذي اضاع فرصة التوصل الى حل مشاكل العراق والذي ادى الى تعزيز التنظيم بالكثير من الناقمين السنه حتى بات الكثير منهم يرون ان اعتصاماتهم السلميه جوبهت بالقتل الاعتقالات وعليه فأن الانضمام الى داعش اهون بكثير والحقيقه هذا كان تفكير المالكي او لنقل خطة ايران ومشورتها ان تدفع السنه في احضان داعش بعد الضغط عليها ..
كان ظهور داعش بهذا الشكل القوي امرا مفاجئا وتمكنه من الاستيلاء على محافظة الموصل وهي ثاني اكبر مدينه في العراق واعلان دولة الخلافه وبالتالي التهيؤ لاعاده تشكيل التاريخ للمنطقه باسرها .
هجوم داعش على الموصل في حزيران عام 2014 وما ترتب عنه من انهيار الجيش العراقي أخذ القادة العراقيين والدوليين على حين غرة، وأربك وسائل الإعلام والمحللين على حد سواء. وعلى الرغم من أنّ إنشاء ما يُسمى الدولة الإسلامية كان مفاجئًا، ونجحت في البقاء في عامها الأول، لكنّ ظهور داعش استغرق عشر سنوات.
قبل عام من الاستيلاء على الموصل كانت هناك الكثير من المساجلات والمناقشات في وسائل الإعلام، وأُلقي اللوم في صعود داعش وقتها على سياسات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الغبيه و تعود ايضا إلى العملية السياسية الهشة التي ظهرت تحت سُلطة التحالف المؤقتة بقيادة أمريكا، التي ورثها قادة العراق بعد ذلك وعلاوة على ذلك، كانت الحرب الأهلية السورية بمثابة الفراغ الذي سمح لداعش بإعادة تجميع صفوفها وتمييز نفسها عن تنظيم القاعدة، كجماعة إسلامية مسلحة قوية في المنطقة وبغض النظر عن مصير ومستقبل داعش فأن أحداث صيف عام 2014 تعد بمثابة تحول محوري في تاريخ الشرق الأوسط والدين الإسلامي .
كان ظهور تنظيم داعش وإعلانه إقامة دولة إسلامية، وفشل الدولة العراقية والسورية في التعامل مع هذا التهديد، حدثًا لم يسبق له أي مثيل في تاريخ النظام العربي الذي تشكّل بعد الحرب العالميه الاولى عام 1919.
وللمرة الأولى، تؤسس جماعة إسلامية غير تابعة للدولة، وهي الآن جماعة عابرة للحدود، دولة جديدة في العالم العربي، وهو نظام من الدول التي ظلت حدودها دون تغيير خلال القرن الماضي.
على الرغم من أن قيام دولة إسرائيل عام 1948قد غيّر الحدود ضمن هذا النظام، لكن الفرق في حالة الدولة الإسلامية هو أنّها خاضعة لحُكم الخليفة، أبو بكر البغدادي، الذي يمتلك السُلطة الدينية والدنيوية بين المؤمنين داخل دولته وفي العالم ..
أدى الغزوالامريكي للعراق إلى استلام الشيعه الاثني عشريه للحكم لمدة اكثر من عشر سنوات من أول حكومة عراقية تقودها الشيعة ولحد الان ، وأصبح العراق الدولة الأولى في العالم العربي التي تقودها هذه الطائفة.علاوة على ذلك، نشطَ تنظيم داعش مرة أخرى نتيجة للتمرد ضد سوريا التي يقودها الشيعة العلويين، وضد أحد أقدم الأنظمة العربية منذ صعود حافظ الأسد في عام 1970.وهذا مايفسر الانقلاب المفاجيء في موقف الحكومه العراقيه تجاه سوريه والوقوف معها مما بعد ان كان العراق يصف سوريا بالارهاب والعداء وقد زاد في الطين بله حيث اصبحت العمليه تحزب طائفي ضد السنه بالرغم من اختلاف الايديولوجيات بين حزب ديني شيعي وبين حزب علماني ,, وعلى الرغم من أنّ تنظيم داعش ظهر نتيجة لضعف المؤسسات السياسية الناشئة في العراق بعد عام 2003 وانهيار المؤسسات السياسية في سوريا بعد عام 2011، لكنه ظهر أيضًا كرد فعل ضد هاتين الدولتين الشعيتين و من قِبل جماعة معادية للشيعة.
صوّر تنظيم داعش عملياته الهجومية كإجراء تصحيحي لحدثين مؤلمين للعرب نتجا عن الحرب العالميه الاولى . عندما سيطرت قواته على منطقة حدودية بين سوريا والعراق على طريق الموصل في العام الماضي، صنعت مشهدًا حظي بتغطية إعلامية كبيرة وهو إزالة ما يُعرف باسم حدود “سايكس بيكو” الامر الذي بعث ارتياح كبير في نفوس بعض العرب والمسلمين وكان هذا المشهد بمثابة تصحيح لمعاهدة الحلفاء السرية التي كانت مقدمة لنظام الانتداب، والهدف منه هو إلغاء المعاهدة، التي من وجهة نظر داعش وغيرهم من الإسلاميين قسّمت الجوهر العربي الأصيل في العالم الإسلامي والتي جعلت اعادة الخلافه مكسب على طريق اعادة تاريخ العرب ..
في صيف واحد، حقق تنظيم داعش النصر الدنيوي والديني الذي فشلت في تحقيقه الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي طوال فترة ما بعد الحرب.ومنها ماناضل من اجله عبد الناصر وصدام حسين ومعمر القذافي والملك فيصل بن عبد العزيز وغيرهم على مدى عقود وتمكنت داعش من تحقيق جزء مهم منه في غضون ايام تمكن من تحقيق الحلم .القومي والحلم الديني في آن واحد .
ايران ومحاربتها لداعش
لايخفى العداء الشديد بين التنظيم الاسلامي خصوصا والتنظيمات الاسلاميه السنيه عموما مع التنظيمات الشعيه وخاصة التي تنحى منحى صفوي من اتخاذ اسلوب اللعن والشتم والتكفير والاتهامات وغيرها ولذلك قيام داعش وخاصة في سوريا حرك العقل الايراني باتجاه المقاومه وعندما اقترب الخطر واصبح في العراق وعلى مشارف كربلاء والنجف اشتركت ايران فعليا في مقاتلة داعش بعدة وسائل منها الاشتراك الفعلي ومنها الاسناد والمشوره ومنها الدعم اللوجستي واليوم تعج الاراضي السوريه بالشيعه من المتطوعين من الافغان والباكستان والعراق والبحرين واللبنانيين وغيرهم وفي العراق ابتدعت ايران وسيله لم تتمكن من انشائها في سوريا وهي ما سمي بالحشد الشعبي ومن الشيعه وبقياده ايرانيه مغطاة بعملاء ايران من العراقيين ولذلك فأن اي نجاح لتنظيم الخلافه الاسلاميه يعني بالمقابل ضعف وتراجع لايران والشيعه عموما ومن المحتمل اذا ما حققت الخلافه الاسلاميه انتصارات لاحقه سيكون هناك صراع مباشر بينها وبين ايران على ارض العراق ..
الدكتور
علي حسين علي
1181 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع