بثينة خليفة قاسم
جاء رحيل الأمير سعود الفيصل، عميد الدبلوماسية العربية، في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم خبرا محزنا، ولكن لا حيلة في أمر الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
نحن نعزي أنفسنا ونعزي المملكة العربية السعودية الشقيقة ونعزي الأمة كلها في وفاة رجل ليس ككل الرجال، رجل أعطى الدبلوماسية العربية زخما ومكانة على مدار سنوات طويلة واستحق أن تخلده ذاكرة الشعوب العربية لعطائه الطويل وقدراته الثقافية واللغوية وسماته الشخصية التي قلما تتكرر.
لقد ترجل الفارس بعد عمر مديد وعطاء طويل لبلده وأمته، ولكنه رحل في لحظة تحتاج الأمة فيها إلى أمثاله من الرجال الأقوياء القادرين على مواجهة ما تمر به من مخاطر، ولكن عهدنا بالمملكة العربية السعودية أنها دائما تقدم الرجال الذين يليقون بمكانتها ورمزيتها، عربيا وإسلاميا.
الأمير سعود الفيصل من نوعية الشخصيات التي لابد أن تترك ذكرى وأثرا في كل موقف ولابد أن تدهشك وأنت تستمع إليها وتشعر أنك أمام شخص لابد أن تستمع إليه لأن لديه ما يقوله وليس من نوعية وزراء الخارجية الذين يستخدمون التعابير الغامضة التي تقبل أكثر من تأويل، خوفا من هذا أو ذاك.
صحيح أنه من الصعب أن يجمع وزير الخارجية بين الجرأة واللغة القوية الحاسمة من جهة وبين عدم إحداث مشكلات لدولته مع غيرها من الدول، ولكن الأمير سعود الفيصل استطاع أن يفعل ذلك بتفوق يجعله يظل رمزا للدبلوماسية المشرفة وأهلا للبقاء في وجدان وعقل الشعوب ورجال السياسة والدبلوماسيين.
سيبقى الموقف الذي تحدث فيه الأمير سعود الفيصل بعد عودته من عملية جراحية وهو يقول لمستمعيه إن حالته خلال تلك التجربة كانت مثل حالة أمتنا، بما فيها من فهم ومعان ومرارة وخوف على ما يمكن أن تؤول إليه أحوال الأمة.
رحمك الله أيها الوزير الإنسان، وأسكنك فسيح جنانه في شهره المبارك.
1196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع