سارة مطر
حينما أعلنت السلطات السعودية قتل المطلوب للجهات الأمنية يوسف عبداللطيف الغامدي في الطائف، أثناء تبادل لإطلاق النار معه، بعدما رفض تسليم نفسه، وقاوم رجال الأمن وبادر إلى مهاجمة القوة التي حاصرت منزله لاعتقاله، انتشر هذا الخبر على جميع القنوات الإعلامية، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، حينها أدركت أن رجال الأمن يستحقون التحية والإجلال، على ما بذلوه من شجاعة كبيرة للتصدي لكل من يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في الوطن، والوقوف لهم بالمرصاد.
في الوقت ذاته كنت أضع يدي على قلبي، حتى لا يتعاطف أي من الشباب المراهقين في «تويتر» على سبيل المثال مع مشهد قتل الإرهابي، أو يشعر أحدهم بأنه لا يستحق ذلك، وهذه مسألة خطرة جداً في ما لو عبر أحدهم عن تعاطفه مع الداعشي، متناسياً الحقيقة التي عليه أن يتواجه معها بحزم وواقعية، وهي أن هذا المجرم كان يمكنه أن يقتل عدداً كبيراً من المواطنين والوافدين أيضاً، الذين يمتلكون الحق بأن يدافع الوطن عنهم ويحميهم بالتساوي مع حمايته للمواطنين، هؤلاء المجرمون المغرر بهم «الدواعشية»، يعيشون على بطولة القتل وهتك الضمير العربي وسفك الدماء، سواء أكان ذلك في أشهرٍ حُرم أم غيرها، هؤلاء المستبدون برقعة الفكر والحريات والمساس بالأمن القومي، هم أول من فكر بقتل أخوتهم في أطهر بقاع الأرض ألا وهي المساجد، فإذاً تتضح لنا الآيديولوجية الحمقاء التي يؤمنون بها، ويديرون بها انتقالاتهم الفكرية الماسونية المتطرفة، وليس الإسلامية كما يدعون. أي حمق أو اقتراب من النهاية العقلية، إذا كنا نعتقد بأن قتل الآخر هو من أسباب الدخول إلى الجنة، وكأن مفاتيحها العظيمة لا تدخل إلا بسفك دماء الآخرين، الذين لم يكونوا على استعداد لمواجهة الموت - للأسف - على أيدي واحد من أبناء وطنهم، ورحم الله رجال الأمن الأبطال الشهداء الذين تصدوا لهؤلاء البربر من الدواعشية، وضحوا بحياتهم فداء لحماية الوطن والمقدسات الشريفة من غدر الخائنين.
البعض من المثقفين يتحدثون بنرجسية غير ملجمة تفوق الواقع، عن أن المشروع الذي تنتهجه الجماعات المتطرفة، ما هو إلا مشروع سنّي راديكالي، وبأن هذا المشروع كانت بدايته الأولى المناهج الدراسية، التي سعت إلى تغلغل فكرة هذه العصبية الدينية، وكان من الأولى مراجعة المناهج التعليمية الدينية، من أجل إعدادها بما يتناسب مع فرضية العالم اليوم، وأنا أستغرب تماماً، إذ إنني كطالبة مثل ملايين الطالبات استفدت من فهم الدين بسبب المدرسة، ولم أتحول أنا أو غيري إلى طاقات إرهابية تسعى إلى تفخيخ جسدها وقتل وإعدام المسلمين، ولو كان هذا صحيحاً لتحولنا إلى عباقرة في العلوم والرياضيات مثلاً، لأننا منذ أن انتسبنا إلى التعليم ونحن نتلقى الكثير من المعلومات العلمية لكننا لم نصبح كذلك، وإن كان غيرنا أصبح فهو يعتمد على قوة الذاكرة، وعلى رغبة كل متعلم في الوصول إلى مبتغاه، أما أن تتهم المناهج الدراسية في تعزيز الراديكالية السنية، فأنا أعتقد بأن الأمر يضج بالسخرية المريرة، لأننا تلقينا الدين في المدرسة كما يجب، والأجمل من ذلك كله أننا تلقينا علومنا بالمجان، فيما تسعى الكثير من الجاليات المسلمة لأن تدفع المئات بل الآلاف من الدولارات، من أجل إرسال أبنائهم بعد المدرسة إلى مدارس أو إلى حصص متخصصة، لتعلم أبنائها الفقه والحديث والقرآن، وعلى رغم ذلك فالمتحولون إلى الإرهاب لم يفهموا جيداً معنى الإسلام الحقيقي، ولم يلتقوا به في الأصل، إنما هم مجرد أناس مضللين من فئة إجرامية، ومصابين بأمراض فكرية ليس بسبب النهج الفقهي والديني، وإنما بسبب عدم موازنتهم وتحقيقهم للنجاح في حياتهم الاجتماعية الاعتيادية، مما دفع وجود هذا الخلل، للبحث عن التعويض وذلك عن طريق الالتحاق بفريق أو مجموعات، لكي يحظوا ببعض الاهتمام والحب، فهل رأينا صوراً لأهل دواعش وهم يقيمون الصلاة أو وهم يختمون القرآن، أو غير ذلك من الصور غير صور الإعدامات البشعة!
1160 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع