كتابة - إيمان البستاني
دُعيت مرة على مآدبة غداء في دار البروفسور الدكتور طارق اسماعيل , العراقي الاصل , والذي يشغل منصب رئيس قسم العلوم السياسية والقانون الدولي بجامعة كالكري الكندية
الرجل اختزل كل العراق في شخصه , حديثه لا يمل , ذكرياته تفرش المحيط واليابسة ولا تنتهي , أما داره ( عمرّها الله ) فهي معرض مفتوح مجاني للفن العراقي , لوحات وتحف وسبح ونحاسيات , يكفي الجلوس في صالته والتمعن بكل هذا الجمال كأنك قد سافرت سفرة مجانية لشارع النهر ومقترباته
جلسنا على مائدة طعام عامرة , واذا بلوحات قد شغلت حائطاً كاملاً صُبغ بلون ارجواني , كان بمواجهتي من مكاني على الطاولة , اللوحات جميعها بالابيض والاسود , رُسمت بقلم وبأحساس فنان كان فيه الحس المعماري اقرب من رسام عادي , جميع اللوحات لشناشيل ودرابين بغدادية
لم اهنأ بطعامي , بقيت عيني شاخصة على ذلك الحائط قبالتي , ومع اول ما أنفض الجميع من الزاد , هرولت كالقطة لذلك الحائط لاقرأ فقط من هو صاحب هذه الغيمة التي نزلت على رأسي , فاذا به
مؤيد المعتصم
بقى الاسم في ذاكرتي يدق كناقوس كنيسة , الى ان فتحت لي صفحة في هذا الاختراع المسمى ( الفيسبوك ) , حيث اني حديثة عهد بأستخدامه
من ضمن قائمة طلب الاضافة الذين كانوا في البداية هم من اصدقائي و زملائي في مجلة الكاردينيا الثقافية , كان اسمه من بينهم , ( مؤيد المعتصم ) , أيعقل ان يكون هو من حرمني الغداء بروعة لوحاته المسيطرة على جدار كامل
تشككت في بادئ الامر من تشابه اسماء , وعندما فتحت صفحته وجدت خلفية للوحة منفذة بنفس الاسلوب , فرحت ولكن الشك رجع يقول لي , يمكن ان يكون صاحبنا هنا من هو معجب بمؤيد المعتصم فاستخدم اسمه ولوحته , سألته صراحة , هل انت هو انت , رجل الجدار الارجواني بلوحات تقفز اليك من جمالها , فأجاب نعم
ومنذ ذلك اليوم وللحين وجدت فيه الصديق والاخ والاستاذ, المثقف , الخجول , الحريص على متابعة ماأنشر , سألته اكثر من مرة عن لوحاته , يبقى صامتاً , وكأنه يخفي وراء صمته , خيبة امل سنين
أيعقل من رسم كل هذا الجمال .....نتركه صامتاً لا ينطق ؟
في آمان الله
1006 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع