د.نسرين مراد
يحق لأية دولة اقتناء أية تقنية علمية، طالما أنها لا تهدد السلم المحلي أو الإقليمي أو الدولي، أو الجميع معاً. التقنيات الصناعية والزراعية والتطبيقية وحتى النووية ليست حكراً على دولة أو مدنية دون أخرى. فالتقنية، النووية خاصةً، سلاح حاد ذو حدين.
إذا لم تحسن الدول استعمالها، سيعود بالضرر الهائل عليها وعلى جيرانها، وعلى البشرية جمعاء. المجتمع الدولي يبذل كل جهده في سبيل الحد من الانتشار النووي، خشية وصول تلك التقنيات إلى أيدي أفراد أو جماعات أو كيانات سياسية غير مسؤولة اتجاه السلام العالمي بما فيه الكفاية. ذلك ما يجعل أمر امتلاك أسلحة نووية غايةً في المخاطرة والخطورة. كيانات مأزومة سياسياً وفكرياً عقائدياً وتاريخياً، تقتني تكنولوجيا نووية، أمر غاية في الخطورة،
هنالك عدة أنظمة سياسية عبر التاريخ الحديث، على المجتمع الدولي ألا يتركها تتقدم في مجال التقنية النووية. يشمل ذلك المراقبة الفاعلة عن كثب، أو حتى بوقف المشاريع والأنشطة النووية، خاصةً ذات الطبيعة المزدوجة، أي التي يمكن تحويلها بسهولة إلى عسكرية حربية.
النظام الإيراني يشكل خطراً واضحاً على كافة أنواع السلم، المحلي والإقليمي والدولي. لديه مشاكل «أزلية أبدية» مع مكونات شعبه، خاصةً العرقيات والإثنيات الكردية والعربية والبلوشية والسنية والبهائية وغيرها. هو في صراع شبه مصيري مع جيرانه الأتراك والباكستانيين والعرب. يعتقد بأن له تفوق نوعي على هذه، وأن إيران قوة عظمى إقليمياً، يستمد ذلك من تاريخ الإمبراطورية الفارسية.
دولياً، نصّب النظام الإيراني نفسه كمقاتل أو مناضل عنيد ضد الاستكبار العالمي والصهيونية والشيوعية والفكر القومي الراديكالي.
تحت الظروف أعلاه، وغيرها، فإن امتلاك النظام الإيراني للتقنية النووية، وخاصة العسكرية، سيجعل من أمر إحلال سلام محلي أو إقليمي أو دولي، في حكم العسير، بل شبه المستحيل. بعبارة أخرى، هنالك تهديد لعرب الأحواز وأكراد شمالي إيران وبلوش الشرق الإيراني. إقليمياً، هنالك تهديد واضح لعواصم ومدن عديدة من السياسة الإيرانية المتطرفة، مدعوماً بترسانة نووية، ولو ببضعة رؤوس نووية محمولة على صواريخ قصيرة أو متوسطة المدى.
كثيراً ما ألمح الزعماء السياسيون الإيرانيون، خاصةً المعممون منهم، بإمكانية استعمال السلاح النووي ضد أعداء مفترضين أو حقيقيين لهم. أيقظت التصريحات النارية الإيرانية، الأصدقاء والجيران والأعداء، لا سيما أن النظام الإيراني يتبنى سياسة طائفية، يمكن أن تتحول بين عشية وضحاها إلى نووية أو ذات نواجذ نووية.
هذه السياسة يمكن أن تهدد دون هوادة، ولو نظرياً، عشرات العواصم والمدن والبلدات المعادية، وتحولها إلى ركام وأنقاض بعد مرور النووي الإيراني عليها. ذلك ما يجعل نار الاحتلال الصهيوني أو خطر الاستعمار والإمبريالية أو الاستكبار، برداً وسلاماً أمام الحرية والثورة والجنة الموعودة من المعممين.
دفع النظام السوري، ومعه الأحزاب المقاوِمة، ثمناً باهظاً، بل وجودياً، بسبب الاصطفاف وراء النظام الإيراني النووي، أو شبه النووي حتى الآن. الدولة السورية دُمّرت بشكل شبه كامل، ولن تقوم لها قائمة في العقود القادمة من السنين.
الحرب الآن تنتقل إلى عقر دار حزب الله، الذي لن يكون حظه، وحظ لبنان معه، أقل بؤساً وعسراً. ذلك ما لم تحدث تغييرات جوهرية راديكالية في المواقف السياسية والتنظيمية لحزب الله، ومن يدور في فلكه.
اليمن كذلك يدفع ثمن الاصطفاف الحوثي إلى جانب النظام الإيراني المطلوب دولياً، بسبب ملفه النووي المثير للجدل، على الأقل. إيران تعبث الآن بأمن الأردن شديد الحساسية الأمنية والسياسية في المنطقة. من المعتقد أن التحالف الدولي السياسي والعسكري، حزم أمره النهائي باتجاه التخلص من النظام السياسي الإيراني الملالي، تحت ذرائع كثيرة، أهمها، أو في مقدمها، الملف النووي المرعب.
1223 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع