السيادة كلمة ذات معنى أخلاقي ومعنوي كبير للإنسان الحر الذي يعيش على أرضه كريما وعزيزا , هذا ماقرأناه وتعلمناه على مر السنين لمفهوم السيادة بل حارب أجدادنا لأجلها وفقدناها نحن بفضل تسلط وجهل قادتنا على مر هذه السنون , الخرق بالسيادة العراقية أصبح حقيقيا في وقتنا الحاضر من قبل كل من هب ودب فتارة من المحتل الأمريكي وأخرى من قبل دول الجوار دون رادع حقيقي لهذه الخروقات من قبل المسئولين الحاليين هذا إذا لم يكونوا هم السبب بالتفريط لهذه السيادة .
قبل أيام قليلة بدأت وسائل الإعلام تتناقل خبر يخص صفقة طائرات ا لاف – 16 الأمريكية ومفاده " وجود أجهزة تجسس إسرائيلية داخل طائرات "أف 16" التي تعاقد العراق على شرائها مع الولايات المتحدة الأمريكية" وأكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي على لسان عضو اللجنة حاكم الزاملي هذا الخبر ، عندما صرح بأن هناك معلومات تشير إلى وجود أجهزة تجسس إسرائيلية الصنع داخل طائرات ال "أف 16" التي تعاقد العراق عليها مع الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرا أن هذا الأمر يشكل خطرا على الأمن القومي العراقي , لقد كان العراق قد وقع اتفاقا مع الولايات المتحدة لشراء 36 طائرة مقاتلة طراز أف 16 ضمن خطة تسليح الجيش , وهو حق مشروع, ولكن هل تم دراسة هذا الأمر من جوانبه التعبوية والفنية ؟ سؤال يتبادر إلى الأذهان ؟ وخصوصا أن الأخبار الواردة تنشر وجود جهاز من نوع "TEAC" من إنتاج شركة"RADA" الإسرائيلية الخاص بتسجيل المعلومات خلال تحليق الطائرة في الهواء , وهو جهاز بإمكانه التجسس على الطائرة من ساعة طيرانها ولحين انتهاء مهمتها, كما بإمكان هذا الجهاز السيطرة التامة على الطائرة أثناء طيرانها من خلال إيقافها أو تدميرها , فتكنولوجيا الالكترونات أصبحت تتحكم بهذه الطائرات عن بعد بالاستفادة من منظومة ال GPS بعد وضع جبات خاصة (الدوائر المتكاملة للالكترونيات) التي من خلالها يمكن ان تقطع وصول الوقود للمحرك مثلا , أو تعطيل منظومة التسليح أوالطيار الآلي وغيرها من منظومات الطائرة , بدون أن يتجشموا عناء تجنيد الطيار للعمل لصالحهم كما كان يحصل سابقا.
ألا يعتبر هذا خرقا للسيادة العراقية يضاف إلى سجل الخروقات الأخرى ؟ السيادة، التي يخرقها الأميركيون تارة، كون قواتهم في العراق هي قوات احتلال، والإيرانيون تارة أخرى , وهي السيادة نفسها التي يخرقها المتدخلون في شأن العراق من خلال إضافة هذه الأجهزة الإسرائيلية المتطورة ويستخدمون في سبيل ذلك محاولات الرشوة المالية حيناً والضغوط التي تصل إلى حد التهديدات الجسدية أحيانا أخرى , إن مكانة ووضع أي دولة في العالم تقاس من خلال قوتها ومتانتها ,ولكي نحافظ على هذه المكانة والسيادة بين الدول الأخرى يجب ان ننمي هذه القوة لكي نحافظ على سيادة وأمن العراق وبدون تدخلات ولايتم ذلك إلا من خلال حكومة وطنية ومهنية بنفس الوقت شعارها ""وضع الشخص المناسب بالمكان المناسب"", وكما نعلم ان الإسلام حث على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وذلك مراعاةً لظروف العمل ومتطلباته وقدرات الفرد وإمكانياته ، وقد أنعكس ذلك فيما بعد على نجاح هذه الرسالة السماوية ، وحين ابتعد الناس ذلك سارت الأمور الى الخراب والاستئثار بالحكم والقضاء دون علم أو حكمة وهذا مانحن عليه حاليا , من سوء إدارة العمل وضعف القرار المتخذ و عدم الخبرة في التعامل مع الآخرين مهما كانت صفاتهم وهذا الأمر لايعود إلى وجود مشكلة أو خلل في الوظيفة أو العمل فحسب ، بل لأن هناك خلل في عدم قدرة من يديرها ويتحمل مسؤوليتها , لإن تطبيق قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب لا تشمل فقط المناصب العليا القيادية في الحكومة بل أنها تتوافق مع كل مستويات الوظائف الموجودة ، فإن تنظيم هيكل الوظائف يعتمد على وجود مواصفات فنية أومهارية وعلمية لكل مستوى من هذه الوظائف تعتمد بالأساس على نوع المورد البشري المؤهل لشغل المسؤولية في كل واحدة من هذه الوظائف.
أنّ العراق يمرّ بمرحلة حرجة يتطلّب منا جميعاً أن نختار أفضل الناس وأكثرها خبرة ودراية وعلماً لبناء الدولة العراقية ، بعيداً عن المجاملات والمكاسب الحزبية والطائفية التي ساهمت بتراجع مكانة العراق الدولية ، وضمور الدولة ، وتدهور المجتمع العراقي . فالحقيقة الأكيدة أنّ من سيخسر في النهاية اثنان لاثالث لهما : الشعب والوطن !
652 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع