بغياب النقيض السوفيتي وجد النقيض الاخر بديلا عنه

                                           

                               فلاح ميرزا

 العودة الى الماضى قد يعوق جهود التخطيط للمستقبل فنحن بامس الحاجة اليوم الى قراءة واقعنا والبحث عن اليات التى تحكمه صحيح اننا نعيش لحظة تاريخية حرجة الا اننا بحاجة الى قراءة فاحصة وعلمية لماذا حصل هذا وهل ماتت الحكمة لدى هولاء؟ الذين تغلب عليهم منطق القوة والتسلط  فلابد لنا ان نتعرف على رموز هذا الواقع فى ظل التجاذبات العالمية التى اتت على الكثير من  المقومات فى الوقت الذى تتداخل مناطق النفوذ فى المنطقة كان لزاما طرح السؤال عن مواطن القوى وقدرتها على الفعل حاضرا ومستقبلا  ,

فالعالم الذى تقوده الولايات المتحدة الامريكية لم ياتى من رد فعل على سياسات عربية معادية بل ان منطق التوسع وانتشار المصالح بعد انتصارها فى الحرب العالمية الثانية شغل اغلب محلليها ومفكيرها فأسسوا لها عقائد استراتجية عالمية لانها بالاساس دولة تكونت من مجاميع بشرية مهاجرة من اوطان شتى استطاعت خلال قرون قليلة فرض سلطانها الامبراطورى على الاخرين واصبح لمعظم قراراتها والتطورات الحادثة فيها تاثيرها المباشر على الاوضاع فى العالم  الامر الذى حفز كثير من السياسيين والكتاب الى البحث فى هذه الظاهرة  الفريدة ومحاولة تحديد الاسس الفكرية والايدلوجية الموجهة لهذه الدولة و هي ثلاثة اسس اولاها الاساس الفكرى والدينى او الايدلوجية الدينية والثانى الاساس الفكرى السياسى والاقتصادى والثالث الاساس الفكرى البرغماتى . وكان الاساس الدينى يتبع العقيدة االبروتستانتيه وكان لها الاثر الكبير فى صياغة الشخصية الامريكية على الصعيد الاجتماعى وصناعة العقل الامريكى ومنهج التفكير السياسى فى السياسة الخارجية مشيرا الى ان المعتقدات الدينية التى جاء بها المهاجرون قادت الى نتائج سياسية راسخة عن قناعة ايدلوجية دينية ثابتة مضمونها ان امريكا تحمل رسالة عالمية تفرض عليها الخروج من قيود الحتمية الجغرافية للمضى قدما الى افاق ارحب يهدف الى التمدد والتوسع وقد ساعدها بذلك الافكار والمبادئ التى جاء بها عصر النهضة فى الحرية الفردية والفلسفة السياسية والاقتصادية وكذلك ساعدعامل العزلة الجغرافية على تكريس هذه الجهود وابقاها بعيدة عن مشكلات القارة الاوروبية المزكومة بازماتها السياسية وحروبها العسكرية الى جانب القوة الاقتصادية المتمثلة بوفرة المواد الاولية , لذلك فان جزء كبير من التفكيرالاستراتجي الامريكى فى مرحلة مابعد الحرب الباردة كان منصبا على تفعيل فكرة استخدام القوة العسكرية خارج اراضيها وتاكيد الحاجة  المتزايدة الى امتلاك قوات عسكرية تعمل جنبا الى جنب مع منظومة اسلحة تكنوملوماتية متطورة  بمقدورها حماية قائمة طويلة من المصالح  الامريكة وقد وجد  هذا التوجه  دعما كبيرا بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبروالحرب الوقائية  التى جرى تطبيقها فى افغانستان والعراق واريد بها استهلال عصر جديد وفق افكار نخبة قيادة امريكية (المحافظون الجدد) تعطى للقوة العسكرية اولوية على بقية الخيارات وبذلك تعطى للاخرين مفادها انها القوة الوحيدة القادرة على حل مشكلاتها حتى بدون حلفائها .. ان هذه العقيدة تجاوزت عتبة الرد التقليدى كما كانت تتبعها فى السابق وتم تطبيق ذلك فى العراق .  برجينسكى مستشار الامن القومى يقول فى كتابه رقعة الشطرنج الكبرى بان حلفاء الولايات المتحدة هم توابع وخدم ودافعى جزية بينما يقول اخر فى ادارة كلنتون  ان على الامركيين ان لاينسوا الحقيقة ان امريكاهى الامة الاكثرعدة والافضل نموذج للمستقبل فالعالم يواجه خلال الفترة الراهنة زخما متداخلا ومركباومتناميا من التحديات والمخاطروالتهديدات التى تؤثرفى صياغة مستقبله بعضها تدور داخل الدول مثل الاعراق والمذاهب والاخر يجرى بين الدول كالتنافس فى تحقيق المصالح الاستراتجية من هنا ومع غياب هذه الاسس الجديدة والمعايير الاخلاقية والانسانية فان اسئلة كثيرة تخص مضمون هذا التحول وقيمته ودلالاته تضل الحاجة الى اجابات واضحة خاصة بثورى العرب ودولهم الذين يعيشون فى هذه المنطقة الهامةمن العالم ولابد لنا فى البحث عن الكيفيات التى نستطيع من خلالها ان نجد  حلا لازماتنا يخرجنا من حالة التجاذب الدولى والانفعال بالاحداث المتلاحقة الى التقاط الانفاس والفعل من اجل مواجهة استحقاقات هذا التحول الكبيرفى هيكل النظام الدولى الجديد(النظام العالمى الجديد) كما تسميه امريكا وهو بالحقيقة ليس اختراعا امريكيا وانما اول من دعى اليه هو صاحب البروستريكا الروسى مخائيل كورباجوف المتمثلة بالانتقال من مرحلة الصراع الايدلوجي الى مرحلة التعايش القائم على التعاون وحل المشاكل بصورة سلمية الى جانب اعتبار الديمقراطية قيمة انسانية حقيقية وكبيرة يجب تكريسها الا ان هذا النظام لم يتبلور بعد لحد الان لعدم وجود عملية تعريف واضحة له وواضحة ومتكاملة تعبر بوضوح عن الرؤية والهدف والمفهوم وعلى الرغم من محاولات الولايات المتحدة  فى توظيف قوتها العسكرية لفرض هيمنتها ونفوذها على العالم  الا ان كثير من المحللين يرون تراجع تاثير القوة العسكرية فى حل النزاعات  ويستبعد هنرى كسنجر استخدام القوة العسكرية فى حل النزاعات لانها بدات بالتناقص ويقول اننا نعيش فى عالم يتكون من سته اوسبع قوى عالمية وبغياب النقيض( الاتحاد السوفيتى ) اوجدت محله نقيض جديد  وهوالاصولية الاسلامية وتهدف هذه المحاولة الى الحفاظ على حالة القوة والتماسك الداخلي لان بغياب النقيض كما يرى المحللون الاستراتجيون يؤدى الى غياب المحفزات والعناصر المحركة للمجتمع الامريكى لذلك فانها تسعى من خلالها الى المواجهة مع الحالة الاسلامية الى توضيف هذا الهدف فى الابقاء على حالة الاستنفار والتعبئة خوفا من غياب النقيض فانه يؤدى الى حالة الضعف والوهن وهذا يمكن ان يسارع فى انهيارها خصوصا وان المجتمع الامريكى ذو ثقافة خاصة وانه يتشكل من اعراق مختلفة وان دلالات كهذه تعطى  مؤشرا بهذا الاتجاه ومن هذا الوصف يتعين على القوى الوطنية العربية شعبا وحكومات ان تعلن وبكل الوسائل ان الذى تبحث عنه الولايات المتحدة لتحافظ على مصالحها لاياتى لها كما تريد باستخدامها الاصولية الاسلامية ولان مسلمى المنطقة وبالاخص العرب منهم يدركون هذا التوجة  ويعنى ذلك بان الافضل لها ان تجد طرقا اكثر قبولا لتامين مصالحها وفق الفائدة المشتركة مع دول المنطقة وشعوبها  وان محاولتها اقحام اسرائيل فى جسم الامة العربية لن ياتى لها سوى الكراهية والعداء وهو كالذى يرمى الحجر فى الظلام لان موضوعا كهذا قبل ان يكون قضية عربية فانه قضية ذكرها القران وبتفاصيل وبيقين(المسجد الاقصى والاسراءوالمعراج) ) يعرفها المسلمون بكل بقاع الارض ولانه له من القدسية بمكان بحيث لايطيقون تفسيراخرله ولان موضوع كهذا افقدها محاولات قبول الشعوب الاسلامية بما تصبوا اليه وعوضا ان يتقرب اليها نراه يلجأ الى التعبير عن عداءه لها , فالامم تقام بالعدل وتنصربالعدل وان الذى تسعى اليه الولايات المتحدة بمشاريعها تمزيق شعوب المنطقة باسم النظام العالمى الجديد الذى  ولد ميتا وان اتباعه من الذين يشبهون الجن فى قصة النبى سليمان (ع) الذين ظلوا غائبين عن حقيقة موته واكتشوفه لاحقا  لذلك فان الامة المؤمنة برسالتها سوف لن يخيفها النظام العالمي الجيد مادامت على حق وستنتصر به

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1263 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع