الشبكات الإلكترونيّة.. والتنظيمات الإرهابيّة!

                                                        

                                     زينب حفني

أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي أهمية كبرى في حياة كافة مجتمعات الأرض حتّى وصل لحد الهوس بها! وقد تنبّهت التنظيمات الإرهابيّة لأهميتها واستغلتها في عمل دعاية كبيرة لنفسها وتوضيح أهدافها، ونجحت بالفعل في الاستفادة من هذه الشبكات الإلكترونيّة بإغراء شباب من دول عربيّة وغربيّة متفرقة وحثّهم على مبايعتها ومن ثمَّ تجنيدهم واستخدامهم كقنابل بشريّة بعد تزويدهم بالأماكن المستهدفة!

بعد حوادث الهجوم المسلح في مناطق متفرقة من السعودية، دعا البعض إلى وجوب حجب مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الأخص "تويتر" في السعوديّة، حين أثبتت التحريات استخدام التنظيمات الإرهابيّة لها بشكل كبير. وقد برروا مطلبهم بأن هذه المواقع ومن دون قصد فتحت الطريق أمام التنظيمات الإرهابيّة للضحك على الشباب الغض وغسل أدمغته ليُصبح تحت سيطرتها ويقوم بتنفيذ مخططاتها الإرهابيّة!

السؤال.. هل حجب مواقع التواصل الاجتماعي سيجزُّ المشكلة من جذورها، أم سيكون مُسكّناً وقتياً لن يُحقق النتيجة المرجوة منه مستقبلاً؟ ماذا عن المواطن العادي الذي فتحت له مواقع التواصل الاجتماعي آفاقاً رحبة من المعرفة والتواصل مع الآخر وإنْ كان في أقاصي الأرض؟ لماذا نجعله يدفع ثمن ما اقترفته أيادي غيره الآثمة؟ لماذا الإصرار على رمي المشكلة في شبكة الآخرين، دون التمعّن في منبع المشكلة؟

لقد طالب أغلبية المثقفين السعوديين مؤخراً بوجوب سن قوانين تُجرّم من يُحرّض على التمييز الطائفي والمذهبي بعد حادثة القديح المؤلمة التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى، والتي كادت أن تُشعل نار الفتنة الطائفيّة في بلادنا لولا وعي الناس وإدراكهم بأن هناك من يُحاول جرّهم لها! لكن للأسف تمَّ الالتفاف على هذه المطالبات وتمَّ التنديد بحوادث القتل دون سن قوانين رادعة!

دولة الإمارات العربيّة، انتبهت مبكراً لهذه المشكلة، وقامت بإصدار قانون لمكافحة الكراهيّة وتحريم كافة أشكال التمييز الطائفي والمذهبي ومكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات وتطبيق عقوبات رادعة تصل لحد الإعدام للفعاليات الداعية لازدراء الأديان والمقدسات. وقد أظهر بعض المثقفين تخوفهم من البند الأخير، ومحاولة بعض الدعاة استغلاله للتخلص من خصومهم بالإدعاء عليهم والدعوة إلى تطبيق القصاص فيهم! لكن أعتقد من وجهة نظري بأن الأمر لن يكون بهذه السهولة، حيث لا بد من وجود قرائن وأدلة ثابتة ستأخذ بها المحاكم الشرعية قبل النيل من هذا المتهم أو ذاك!

وعودة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، أرى بأن من الصعب أن نعزل أنفسنا عن العالم لمجرد أن التنظيمات الإرهابيّة تستخدمه للتغرير بالشباب. أجد بأن الأسرة عليها يقع العبء الأكبر في مراقبة أبنائها، وألا تترك لهم الحبل على الغارب، وأخص بالذكر الأم التي تمضي وقتاً طويلاً مع أبنائها ولديها حاسة قويّة في التقاط أنفاسهم وتحسس الخطر حين يحوم فوق رؤوسهم.

قلت مراراً بأن جذور المشكلة تكمن في مناهجنا التعليميّة التي إلى اليوم تُروّج لأفكار متطرفة! تكمن في منابر مساجدنا من خلال الخطب الناريّة التي يُلقيها دعاة متطرفون وتصب بتلقائيّة في آذان الناشئة. وتكمن في القنوات الدينيّة ببرامجها المتطرفة التي تستضيف دعاة متشددين يتبنون علناً الفكر الدموي!

نحن نعيش مرحلة من أسوأ المراحل التي مر بها عالمنا العربي الحديث، وتحتاج منّا أن نعي ونتفهّم طبيعة ما يجري! أن نقر بأن العلم والمعرفة لم تكن أبداً ضد البشرية، بل صنعتها أيادٍ إنسانيّة عظيمة، لكننا ما زلنا نعيش بعقلية الماضي، ونُعلّق شمّاعة أخطائنا على غيرنا! ولو تأملنا ما يجري سندرك بسهولة أننا ندفع يوميّاً فاتورة ما تبنيناه من أفكار ومعتقدات هدّامة على مدى عقود طويلة! لا يُولد شيء من فراغ!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

939 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع