د. محمد صالح المسفر
لا أخفي تحفظاتي على زيارة أي مسؤول من دول مجلس التعاون إلى العراق شماله أو وسطه في الظروف الراهنة،هناك استبداد بأهل السنة في العراق إلى حد القتل والتدمير والتهجير والسلب والنهب لممتلكات أتباع سنة رسول الله محمد عليه السلام من قبل السلطات الحاكمة في بغداد وميليشياتها الطائفية الموغلة في الأحقاد وارتكاب الجرائم بالتعاون مع جحافل جيش القدس الإيرانيين والحرس الثوري القادمين عبر الحدود من أجل الانتقام والتشفي من أهل الأنبار.
(2)
ليس عندي شك بأن تنظيم الدولة الإسلامية " داعش " يرتكب جرائم ضد الإنسانية في العراق وغيره وندين كل أعماله الوحشية ولا نقره على ما يفعل في العراق وسورية وأي مكان آخر في هذا الكون. في الوقت نفسه نطالب العالم الحر، الذي يشكل تحالفا عالميا ضد تنظيم الدولة الإسلامية " داعش " أن يشكل بنفس القوة والاتجاه تحلفا ضد الميليشيات الشيعية التي تديرها وتمولها وتسلحها حكومة بغداد وطهران على حد سواء من أجل قتل وتدمير أهلنا في العراق مسيحيين ومسلمين.
إن الاستفراد بتنظيم الدولة الإسلامية وشن الحرب عليه لن يؤدي إلى القضاء على دوامة العنف في الشرق الأوسط ما لم يؤخذ في الاعتبار وبنفس القوة الموقف من الميليشيات والتنظيمات الشيعية في العراق ولبنان واليمن وسورية. أذكّر العرب والغرب أن حرب أفغانستان ولدت تنظيم القاعدة، الموصوف بالإرهاب، وأن طغيان النظام في كل من بغداد المالكي ومن بعده، ودمشق الأسد ولد تنظيم داعش الذي نحاربه اليوم بكل قوة، وأن الحرب على داعش اليوم سيولد ويربي تنظيم " خراسان "والذي قد يكون أشد عنفا وأشرس تنظيما وأكثر انتشارا سيواجهنا في قادم الأيام، فهل أنتم مبصرون؟
(3)
أعود إلى موضوعنا، وزير خارجية دولة قطر الدكتور خالد العطية مرة أخرى في العراق، المرة الأولى كان في بغداد في 28 مايو الماضي، وقد عبرنا عن رأينا في تلك الزيارة، بأنها زيارة لم تكن موفقة، ولم نرحب بمشروع عودة سفيري المملكة العربية السعودية ودولة قطر إلى بغداد، في ظل الاحتلال الإيراني لها، وتحت قيادة حزب الدعوة الحاكم في بغداد بقيادة العبادي الذين يحرقون الناس أحياء كما شاهدنا في الأسبوع الماضي.
هل سمعتم ما قاله نوري المالكي "رضيع المارينز الأمريكي" نائب الرئيس العراقي "إنه يطالب المجتمع الدولي أن توضع السعودية تحت الوصاية الدولية" بعد تطاوله على القيادة السياسية في الرياض، واتهم قطر بأنها تمول الإرهاب الدولي، وأن جيش الحسين، الحشد الشيعي يقاتل جيش يزيد، يعني يقاتل أهل السنة في العراق، وأن القبلة كربلاء. فهل بعد هذا وغيره تجوز الزيارة لبغداد قبل عودة الدولة العراقية إلى أصحابها الشرعيين وتحريرها من براثن الطائفية الفارسية؟
(4)
بالآمس العطية في كردستان العراق في التفاتة قطرية حميدة نحو إخواننا العراقيين المهجرين عنوة من أراضيهم وأملاكهم في العراق من قبل ميليشيات الحشد الشعبي الشيعي، وبتوجيهات من سمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وتزامنا مع أيام عيد الفطر المبارك قدم وزير الخارجية العطية دعما ماليا للنازحين واللاجئين إلى إقليم كردستان العراق القادمين من محافظات أهل السنة هروبا من طغيان ميليشيات الحشد الشعبي الشيعي في الأنبار، وقد أكد الوزير العطية أن هذا الدعم يأتي انطلاقا من حرص دولة قطر المستمر على دعم الأشقاء وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأوضاع المأساوية في العديد من الدول المتضررة خاصة سورية والعراق، علما بأن هذا الدعم يتم بمعرفة السلطات الحاكمة في كردستان العراق.
(5)
لنا كل الحق أن نقول لأميرنا شكرا ياصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على هذه الالتفاتة النبيلة في يوم عيد الفطر المبارك نحو إخواننا العراقيين المهجرين من ممتلكاتهم بالقوة الظالمة، ولتخرس كل الألسنة الناطقة بالرذيلة بعد اليوم، لقد أكد النائب الكردي جمال جوكر القول: بأن زيارة وزير خارجية دولة قطر لكردستان العراق كانت لدعم النازحين واللاجئين، والبالغ عددهم مليونا ونصف إنسان، وإن افتتاح قنصلية هناك كان بهدف رعاية أحوال هؤلاء النازحين. كما نهيب ببقية الدول العربية على كل الصعد الاهتمام بحال إخواننا العراقيين والسوريين والفلسطينيين المعذبين في الأرض ولا نتركهم فريسة لحيتان البحر الأبيض المتوسط تنهش أجسادهم. شكرا يا صاحب السمو الشيخ تميم ثانية وثالثة ورابعة على اهتمامكم بأهلنا في غزة المحاصرة وما قدمتموه وتقدموه لهم من عون ومساعدة وإعادة إعمار رغم كل المتاعب
آخر القول: حفظ الله قطر وقيادتها الباسلة وشعبها أهل الخير من كل مكروه ومن عاديات الزمان إنه سميع مجيب.
1429 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع