سارة مطر
لم يتعرض زي لأحد الأوطان في امتهانه وقسوة تجريمه، مثلما تعرض له الزي الإسلامي أو التقليدي إن أحب بعضهم تسميته،
يعتمد الزي الإسلامي على اللون الأسود في غالبه، وتغطية الوجه بكامله مع جواز إظهار الكفين، وأحياناً تعمد بعض النسوة إلى إظهار أعينهن من خلال ارتداء البرقع أو النقاب، مع فرضية الاحتشام، هذا الزي لقي اضطهاداً كبيراً في المجتمعات الأوروبية، بعد تتالي عدد من الجرائم الإرهابية، لذا منعت السلطات الحكومية الفرنسية ارتداء النقاب، وتحميل كل من ترتديه دفع غرامة مالية أو حضور دروس عن المواطنة الفرنسية، وقد أشارت إلى أن الحظر لا ينتهك الحريات الدينية، ويستهدف ضمان احترام الحد الأدنى لمنظومة القيم الخاصة بمجتمع ديموقراطي منفتح، والتي تشمل الانفتاح على التفاعل الاجتماعي.
الفكرة تبدو مضطربة لكونها تلحق الإزعاج والضرر، كما أنها تهين النساء المسلمات وتحقر من لباسهن الذي ارتضين به، القرار الحق الكثير من الأذى النفسي والشعور بالدونية للمرأة المسلمة، وشعرن بكم من الغضب المتزايد وبقوة، وفتح جدالاً طويلاً لم ينتهِ حتى الآن، ويمكن لنا أن نقول إن هذا القرار سعى إلى مد حجم الثغرة في تواصل السيدات المسلمات المهاجرات، مع الوطن الذي لجئن إليه للعمل فيه أو الاستقرار، لكن الواقع يقول إن من حق أي دولة، أن تفرض قوانينها ونصوصها طالما أنها رأت بأن ذلك لربما يضر بمصالحها الأمنية، وقالت منظمة العفو الدولية في بيان سابق لها إن حظر ارتداء النقاب، يسبب ضرراً عميقاً، ويمثل تراجعاً كبيراً عن الحق في حرية التعبير والحرية الدينية، وأيدت ذلك البيان جمعية حقوق الإنسان التي رأت بأن الحظر المطبق في فرنسا وبلجيكا وأخيراً في مقاطعة تيسينو في سويسرا، يمس حقوق النساء في خيارهن ارتداء الحجاب، ولا يقوم بالكثير لحماية النساء اللواتي يرغمن على ارتدائه، بيد أن السلطات الفرنسية تعتبر أن النقاب الذي يغطي الوجه كاملاً كما أسلفت، يشكل تهديداً أمنياً لأنه يحول دون التحقق بدقة من هوية الأشخاص.
قضية ارتداء النقاب تصدرت الصحف الأوروبية بشكل فاعل، بحثاً عن مخرج ما بين الامتيازات التي تقدمها البلاد الأوروبية للمهاجرين المسلمين، وما بين الحفاظ على التنوع في طيات المجتمع، والحفاظ على مصالح الأمن الخاص للبلاد.
ونحن نعرف أن الإرهابيين قد استخدموا اللباس الإسلامي؛ من أجل التخفي عن أنظار العالم، والقيام بمختلف الأعمال الإرهابية، مثلما حدث في حي العنود في الدمام شرق المملكة، حينما قام احدهم بارتداء الزي التقليدي لنساء المملكة، وحاول اقتحام المسجد وتفجيره، مستفيداً من غطاء الوجه والجسم.
قصص كثيرة حولت هذا اللباس الساتر، إلى شبهة جنائية للأسف حتى قسم العالم إلى قسمين، فبعضهم ضد هذا اللباس وآخرون مع حرية أن تختار أي امرأة ما يناسب عقيدتها ومجتمعها، ومثلما نحترم المرأة الهندية التي ترتدي زي الساري في أي مكان في العالم، على رغم أنه يظهر جزءاً من جسدها، فعلى الدول الأخرى أن تحترم رغبة المرأة في أن تغطي كامل جسدها، احتراماً للدين الذي تنتمي إليه، من دون أن تتعرض لأي خدش لمشاعرها، لمجرد أن هناك من استغل هذا الزي بطريقة أو بأخرى، فيما أنها لم تكن السبب في ذلك يوماً، إنما السبب هو بمن استخدم هذا الزي، ليعرضه للمهزلة والإساءة، وهو ما فعلته عارضة الأزياء الشهيرة «جيزيل بندشن» أخيراً، حينما التقطت عدسات المصورين وهي متنكرة بالبرقع خلال زيارة سرية لجراح تجميل شهير في باريس، في محاولة فاشلة لخداع مصوري الباباراتزي. من وجهة نظري لا بد من أن تحاكم العارضة؛ لأنها استغلت الزي الإسلامي بطريقة سببت للمرأة المسلمة انزعاجاً كبيراً، فإن أرادت التخفي عن أنظار الباباراتزي، فيمكن لها أن تفعل ذلك بأكثر من طريقة، لا أن تسيء إلى الزي الذي نحترمه نحن المسلمين وننظر له بنظرة فيها الكثير من التبجيل والاحترام، وإن كان بعضهم يجد أنه مجرد لباس تقليدي، فحتى إن كان كذلك، فلن ترضى السيدة الهندية بأن يساء إلى لباسها الساري أو المرأة اليابانية إلى لباس الكيمونو أو حتى القفطان المغربي لدى نساء المغرب، لو قامت إحدى الشهيرات بانتقاص حقه كما فعلت العارضة الشهيرة.
688 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع