الاتفاق النووى مع ايران هل سيدفع امريكا الى حزم حقائبها لمغادرة المنطقة؟

                                           

                                 فلاح ميرزا

فى ظل التجاذبات العالمية التى اتت على الكثير من المقومات فى الوقت الذى تتداخل فيه مناطق النفوذ فى المنطقة

كان لزاما طرح السؤال عن مواطن القوى وقدرتها على الفعل حاضرا ومستقبلا فنحن بامس الحاجة الى قراءة واقعنا والبحث عن الاليات التى تحكمه  فى نطاق الصراع بين الدول الكبرى فى منطقة الشرق الاوسط للانعتاق من التهديدات والوصايا  الاجنبية كتبت مجلة فورن الامريكية فى 26\4\2015 مقالا تحت عنوان محور الشرق الاوسط الى اسيا ذكرت ان الرئيس الامريكى باراك اوباما فى ولايته الاولى اطلق شعار اعادة التوازن الاستتراتيجى وذكر, نحن سنعيد ترتيب اولوياتنا ونتجاهل الصراع فى الشرق الاوسط ونبذل قصارى جهدنا لوضع وتنفيذ استراتيجية للتعامل مع التحركات الاستراتجية الحيوية التى تحتاجها امريكا  لتفسير صعود المنطقة الاسرع نحو نمو العالم .. حدث شئ مضحك على الرغم من ذلك فى حين انتقلنا من محور الى دوران  سريع فى الشرق الاوسط فى محاولة للابتعاد لكننا عدنا مرة اخرى الى حيث بدأنا , عرف العالم  نوعا من الهدوء بعد انتهاء الحرب الباردة وبعد  سقوط المعسكر الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفيتى وخلال فترة الهدوء وكانت كثيرمن دول العالم الغنية والنامية والفقيرة والمتقدمة تشهد صراعات داخلية وازمات اقتصادية وسياسية وتهديدات ارهابية واحتقانا اجتماعيا وقد لعبت دورا فى تغذية هذه الصراعات والاضطربات الداخلية سياسة خارجية للدول الكبرى على راسها الولايات المتحدة وظل الوضع على حاله لسنوات عديدة حتى بدات ترتسم فى الافق ملامح خارطة جديدة للتوازنات الاقليمة والسياسات العالمية وان سطورها الاولى تشكلت في افغانستان ثم مع غزو العراق ثم وصلت الى مراحلها النهائية اثر اندلاع ثورات الربيع العربى كما اطلق عليها بدلا من الفوضى الخلاقة  لتبلغ اخطر مراحلها مع بداية الاتفاق الامريكى الايرانى الذى فى حقيقته له من الابعاد من الصعب التعرف عليها وان كان شئ من قد كشف عنه من خلال تصريحات الرئيس الامريكى اوباما ورئيس اركان الجيش الامريكى المتضمن الوضع الذى سيكون عليه وضع العراق دولة شيعية وكردية بدون السنة وكذلك فان الولايات المتحدة فى نيتها ان تغادر المنطقة ولكن هذا لايعنى بالضرورة انها ستحزم امتعتها وتغادر هذه المنطقة، فحتى لو ارادت فهى لن تستطيع , لذلك  فإن الاستدارة   عن المنطقة لاتعنى على الاطلاق عن الانفكاك عنها  استنادا الى  ثلاثة عوامل اساسيىة  وهى
أولاً، أن منطقة الشرق الأوسط منطقة حيوية وإستراتيجية دولياً، فهي تتوسط العالم ومعبر أساسي للتجارة الدولية وللمواصلات والاتصالات، وبها أكبر مخزون للنفط، وهناك حقول جديدة لازالت لم يستخرج منها النفط تقع ضمن مناطق الصراع الحالى فى منطقة البحر الابيض المتوسط لذلك فهي منطقة غير مستقرة داخلياً، وعليها صراعات خارجية، وبما أن الولايات المتحدة هي المتفرّدة حالياً على رأس النظام الدولي، وتحاول الحفاظ على مكانتها أمام تقدّم دول كبرى أخرى أهمها الصين، فإنها تجد  من الضروري لها بل من واجبها الحفاظ على وجودها وتدخلها في هذه المنطقة الحيوية كما وترى ان استمرار هيمنتها على  المنطقة ضرورى واساسى فى مواجهتها مع روسيا والصين والدول المنافسة الاخرى وهذا يعنى ان ترك المنطقة سوف يفسح المجال لغيرها لملء الفراغ  وستخسر فيما لو حصل ذلك  كثيراً ليس النفط فقط بل هناك مصالح حيوية تستوجب
ثانيا . موضوع الغاز الذى يمر عبر خط الاراضى الاوكرانية والعربية والصراع بين الرئيس الروسى الذى اسس شركة غاز بروم 1995 التى تتوالى ذلك مع منافستها الامريكية مجموعة نابكوالتى سوف تسعى الى ان تتولى تسويق الغاز القطرى الذى يمر عبر الاراضى السورية الى البحر الابيض المتوسط ومنه الى اوروبا ودخول كل من تركيا واسرائيل على الخط فى الوقت الذى سيحرمها من استغلال الاكتشافات الهائلة للغاز فى الساحل السورى من البحر الابيض المتوسط وكذلك الغازعبر اوكرانيا   صحيح ان هناك اكتشافات امريكية جديدة فى مجال الطاقة وخاصةً النفط الصخري، ولكن كلفة إنتاج النفط من هذا الصخر مرتفعة جداً بالقياس إلى سعر البرميل المستورد من منطقة الخليج العربي، لذلك ستستمر الولايات المتحدة في حاجتها لاستيراد هذا النفط ومن مصلحتها الحفاظ على استمرارية تدفق التجارة الدولية عبر منطقة الشرق الأوسط، والتي تضم أهم المضائق المائية دولياً. فعدا عن أن المنطقة بذاتها تشكّل سوقاً استهلاكية هامة للسلع الأميركية والغربية عموماً فإن استمرار الهيمنة الأميركية على المنطقة يضمن لامريكا كما تعتقد استمرار هيمنتها على مقدّرات التجارة الدولية ماليا واستثماريا  وفيما     يتعلق بالعامل الثالث وحسب اعتقادي بعدم صحة الافتراض أن أميركا تغادر منطقة الشرق الأوسط فهو وجود حلفاء لها في المنطقة عليها أن ترعى وجودهم ومصالح اهمها اسرائيل على راس قائمة هؤلاء الحلفاء، وضمان وجودها فإسرائيل تعتبر شأناً داخلياً وليس شأن سياسة خارجية، لأميركا وبالتالي، فإن استمرار الوجود الأميركي في المنطقة يُعتبر أمراً ضرورياً وحيوياً لحماية إسرائيل وتأمين مصالحها. قائمة الحلفاء بعد ذلك تطول وتشمل الكثير من الدول العربية، وخصوصاً دول الخليج العربي ومصر والأردن.
إن الحفاظ على وجود أمن هذه الدول حيوي لواشنطن إذ إن انهيار أي منها سيخلخل أمن المنطقة ويؤثر سلباً على المصالح الأميركية فيها ومن هنا ياتى اهتمام امريكا بمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية وقد تكون واشنطن قامت بتحديد ادق  وقد تكون واشنطن , قامت بتحديد أدقّ لاولويات تحركاتها الخارجية هذا ماقد يفسر احجام الادارة الحاليةعن شن الحملات العسكرية، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط بعد إنهاء التورط المسلح في الحرب على العراق وهو ما جعل البعض يقفز إلى الاستنتاج المتسرع بأن واشنطن تخلّت عن المنطقة هذا الاستنتاج الخاطئ هو ما أثار حفيظة الكثيرين في المنطقة وقاد إلى ازدياد التنافس والصراع الداخلي الدائر حاليا ويجب ان لا يغيب عن البال فى هذا الشان إمكانية أن يكون لهذا الاستنتاج الذي يُروَّج له في الأوساط السياسية والأكاديمية الأميركية غرض تخويف حلفاءها في المنطقة ودفعهم باتجاه تحالف أوثق معها , هذه المنطقة حيوية للاحتياجات الأميركية كافة وعلى صُناع السياسة والسياسات في المنطقة أخذ هذا الأمر بالاعتبار عند صياغة توجهاتهم وحساب خياراتهم طلما ارتبط الامن القومى الامريكى بموضوع تامين حقول النفط والغاز العربية وان مايحدث فى المنطقة العربية تحت شعار الفوضى الخلاقة فانها تقاس على مسطرة المصالح الامريكية

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

702 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع