زيد الحلّي
لم يكتف اعداء العرب ، بلعب ادوارهم التآمرية المعروفة في تفتيت العضد العربي ، وتشتيت الرؤى في مجال الجغرافية والعرق والإصالة على مدى الدهور المنصرمة ،بل اتجهوا مؤخرا الى تمزيق النسغ القومي المتمثل باللغة العربية ، لغة القرآن الكريم والقاسم الاعظم للوشيجة القومية.. ولعل ما شهدته بعض اقطار المغرب العربي من دعوات الى احلال ( اللهجة) المحلية (القطرية)بدل اللغة العربية في التعليم الأبتدائي والجامعي ما يدل على ان مؤامرة اخراج العرب من خارطة العالم الحضارية و مسخ الهوية العربية مستمرة بقوة ، مرتدية أثواب من التملق ودغدة عواطف بسطاء الناس ..
فمن المغرب الشقيق ، انتقلت مؤخرا دعوة تدريس العلوم الانسانية والصرفة باللهجة العامية للطلاب ، الى الجزائر ، لكن المفرح ان هذه الدعوات سواء في المغرب او الجزائر جوبهت بردود افعال رافضة كبيرة من رجالات الفكر والوعي ... وقد وصل الأمر بالدعوات المشبوهة الى الطلب بتدريس العلوم الطبية والهندسية بلهجة شبيهة باللهجة العراقية الشهيرة ... ( شكو ماكو ) !!
سيتهمني البعض بأنني اناقش الموضوع من زاوية معتقدي القومي والعروبي ، وانني شيفوني النظر ... ولهؤلاء اقول : ارجوكم طالعوا كتاب ( بروتوكولات حكماء صهيون ) الذي يقع في 129 صفحة من القطع الصغير فقط ، لكنه الكتاب الاخطر في العالم وهو لا يزال لغزاً من الالغاز في مجال البحث التاريخي ، ففيه نستقرأ إن مساحة الكيان اليهودي الاستعماري هي قطرة في بحر الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبقاء هذا الكيان مرهون بأمرين، أولهما: الدعم الغربي اللامحدود لهذا الكيان، بضمان تفوقه على محيطه العربي والإسلامي، وثانيهما: بقاء هذا المحيط العربي والإسلامي كيانات ورقية تمزقها القطرية المتشرذمة، والخلافات التي يصنعها ويغذيها الصهاينة والاستعمار والعملاء.. فالتشرذم العربي والإسلامي هو الضمان لبقاء تفوق الكيان اليهودي الصغير على الجسم الكبير ، وليس اشد فتكاً من تعليم الجيل الجديد ، العلوم باللهجات المحلية التي تعزز الشرذمة !
في ضوء هذا الثابت من ثوابت العقيدة اليهودية الصهيونية، يجب أن نقرأ الفكر اليهودي، الذي يتابع التخطيط والتنفيذ لبقاء العرب والمسلمين كيانات مفككة ، وثقافاتهم مبنية على علوم ضيقة المفاهيم ، توفرها لهجات هجينة ..
وجاء على بالي في هذا الصدد قول الخبير الفرنسي ريتشارد شوفيلد، وهو خبير ومحاضر في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط في كينج كوليدج ببريطانيا، وكان يتحدث في ندوة اقامتها كلية لندن للاقتصاد والدراسات السياسية.. حيث ذكرباختصار انه بعد نحو مائة عام من توقيع اتفاقية "سايكس بيكو" فان الشرق الأوسط يقف اليوم على اعتاب اتفاقات جديدة ورسم خريطة جديدة وحدود جديدة للمنطقة...
وهنا ،لا اظن ان تفتيت التعليم الراقي الذي ينبغي ان يكون باللغات الحية ( العربية والانكليزية) يخرج عن رؤى الخبير الفرنسي .
ان دعوات تسييد اللهجات المحلية على اللغة العربية ، مؤامرة كبرى ومحنة اكبر، وعندما تأتي المحن تظهر معادن الشعوب ، وهاهو الشعب الاصيل في المغرب والجزائر يتعالى على جراح هذه الدعوة المشبوهة وتصرف بمسوؤلية ورؤية وحكمة والابتعاد عن الافعال التي تؤدي إلى النفخ في نيران الجهالة ..
تحياتنا الى شعبنا العظيم في المغرب والجزائر ... ومرحباً بالعروبة لغة وحضارة ..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
449 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع