محمود الوندي
راود الشعب العراق بعد عام 2003 احلام كثيرة على ان تستند الحكومة الجديدة على مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وتزدهر فيه العدالة الاجتماعية وحريات الانسان، ويتصف بالعقلانية والتنوع والاختلاف، ورؤية مجتمع ديمقراطي جديد ، يطبق فيه مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، وتعين من أصحاب الكفاءات والوطنيين وأصحاب الأيادي البيضاء في مؤسسات وهياكل الدولة لخدمة الشعب والوطن. لكن هذه الاحلام تلاشت بسرعة، وبعد جراء بناء عملية سياسية قائمة على أساس المحاصصة الطائفية والإثنية، وطمس الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهويات الفرعية.
وبدأ خوف الإنسان العراقي على حياته من العنف الذي استشرى في جسم المجتمع العراقي ، وسال فيه الدم حتى غطى خارطة العراق بكل أجزاءها وصبغها باللون الأحمر القاني وسيطرت الميليشيات الطائفية على المشهدين السياسي والأمني في العراق.
أستمرت بعض المستفيدين والمستنفعين من المحاصصة في الجلوس على نفس الكرسي وبعناوين عديدة ، فالوظائف لهم والتعيينات لأقربائهم حصرا وخزينة الدولة أصبحت ملكا طابو لهم، وكما يتقلبون في الوظائف والمناصب الكبيرة كما يحلو لهم دون ان يراعوا هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره. وأصبح الفاسد والسارق هو صاحب اليد الطولى في المجتمع العراقي!!. لذلك أن التظاهرات التي تشهدها المدن العراقية حالياً خرجت من إطارها الخدمي أو المطلبي بعد أن ضاقت العراقيين بهم السبل وتحطمت آمالهم طيلة اثني عشر عاما من الحكم المحاصصة، إلى فضاء أوسع يتعلق بمصير وطن، ويطالب بتغيير المشهد السياسي الحالي الذي أنتج طبقة "لا تكترث" لمصير البلد ومصلحة الشعب.
بعد انتظار العراقيين على مدى 12 سنة للحكومات المتعاقبة وأجبروا على العيش الذل والهوان طيلة تلك السنين، كي تتقدم بالبلد إلى الامام لكن ما حصل هو "تراجع أمورهم وتفاقم" الأزمات وتتلكأ الحكومات المتعاقبة على الحكم في العراق (بعد 2003) في اداء واجباتها حيال العراقيين، ويأس الشارع العراقي من كل الوعود الكاذبة ، ﮐﻤﺎ أﺼﺒﺢ ﺘﻔﺸﻲ اﻟﺒطﺎﻟﺔ ﻻﺴﻴﻤﺎ ﺒﻴن اﻟﺸﺒﺎب ، وانتشار نسبه الفقر والفقراء بين الشعب العراقي.
اصبحت الحياة لا تطاق ببركة الاحزاب السياسيه الفاسده والمفسده لكل ما هو جميل في العراق ، لقد بلغ الفساد المتفشي في أجهزة الدولة العراقية، وتردي الخدمات ومنها أزمة الطاقة الكهربائية، وسوء معاملة الموظفين في دوائر الدولة للمراجعين، وعدم تمشية معاملاتهم إلا بعد دفع الرشوة، إلى حد أن بلغ السيل الزبى مما أدى إلى إنفجار الجماهير في تظاهرات احتجاجية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد والمدن الاخرى, علت الأصوات وطالبت الحكومة بكشف ملفات الفساد وتقديم الخدمات الحياتية والانسانية ومنها توفير الكهرباء والماء الصافي، حيث تلجأ إليه متظاهرين الضغط على حكومة العبادي من أجل تحقيق مطلبهم بتشريع عاجل للقوانين التي تقوي قبضة القانون وتضرب المفسدين.
صحى الشعب العراقي على انتفاضه كانت شرارتها لم يحسب لها حساب لا من بعيد ولا من قريب لا من الجهات الحكوميه ولا من الاحزاب السياسيه الاسلامويه . وتشهد ساحة التحرير في بغداد والمدن الاخرى العراقية أكبر المظاهرات ضد الفاسدين والسراق الذي ابتُليت به مؤسسات الدولة العراقية منذ التغيير ولحد الان، والذي انتشر بشكل مُرعب خلال السنوات الأربع الاخيرة على وجه التحديد.
ان العراقيين اليوم بأمس الحاجة الى قول الحق والتصدي للفساد الاداري والمالي وكشف عن السراق وتقديمهم الى العدالة ,ان المال العام يجب ان يصرف للمواطن العراق لا ان يستفاد منه أصحاب النفوذ الضعيفة، وعلى السيد حيدر العبادي (رئيس الوزراء) ان يضع العراق وشعبه نصب أعينه ويستغل الفرصة الذهبية ليكسب ثقة الشعب وعليه أن يكون أكثر "جرأة وشجاعة" في خطواته الإصلاحية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والضرب بيد من حديد لمن "يعبث" بأموال الشعب ومحاكمه الفاسدين والمفسدين وتشكيل حكومه تكنوقراط ، وإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وان تصنع تحولاً ملموساً وواضحاً ووضع "الرجل المناسب في المكان المناسب” من خلال تعديل حكومي ، وترشيق الوزارات والهيئات. هذه الإجراءات سيرفد ميزانية الدولة بالاموال الضخمة.
1356 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع