بقلم/ صباح ضامي
قبل أن أخوض في التفاصيل فأنسى أو ينسيني الشيطان فتُحرمون من فائدة جمة لمعلومة مهمة اوردتها قناة الديار الفضائية على لسان أحد ضيوف برامجها الثقافية و التوعوية ، و هو متخصص في قراءة الطالع و ضرب التخت رمل و شفاء مشاهديه من كل الامراض بما فيها ضمور خلايا المخ .
المعلومة مهمة للإنسانية جمعاء لكنها مخصصة للعراقيين و للعراقيات على وجه الدقة ، يقول الضيف ( العارفه ) : لا تخلعوا ملابسكم في الحمام قبل التأكد من عدم وجود " أبو بريص" ( الوزغ) تأكدوا جيدا من أنه لا يسترق النظر من ثقب الباب أو من أحد زوايا الحمام لأنه أجنبي لا يجوز لنا أن ننكشف عليه . جاءت هذه النصيحة القيمة في برنامج تحرص القناة على إبرازه بصورة تليق بمثل هذه البرامج لذلك انتدبت السيد فلاح العزاوي مدير العلاقات والأعلام في هذه الفضائية لمحاورة ضيفه و كان العزاوي يحاوره بالطريقة ذاتها التي يقدم برامجه الحوارية التي تتناول قضايا الخدمات و هموم المواطنين فيختار اللحظة المناسبة لكي ( يجفت) على ضيفه بمداخلة و ينتزع استنتاجه منه كأنه يصطاد سمكة من قاع البحر ليعرضها على مشاهديه ( مشاهداته عادة) مزهوا بانتصاره : افتهمتي اختي المواطنه ؟ لو أعيد الكلام ؟ تجيبين رجل عصفور على ان يكون أعزب و تجففيها و تطحنيها و تخلطيها ب .... الخ
للأمانة ليست الديار وحدها من يقدم هذه البرامج التي تقتات على آلام الناس و أوجاعهم و همومهم التي لا نهاية لها فبالاضافة الى القنوات المتخصصة بذلك فاجأتنا قناة آشور البعيدة كل البعد عن هذه المواضيع ببرنامج إسبوعي يستضيف رجلا يضع لحية صناعية أقسم ذات مرة على الانتقام من أم رفضت تزويج ابنتها التي اتصلت به من حبيبها و طمأن هذا الدعي الفتاة قائلا "اتركي الموضوع علي و ستسمعين عن قريب في أمك أخبارا تفرحك و تغيضها "!
لكن أكثر ما أغاضني أنا و جعلني أتصل لأول مرة في حياتي ببرنامج من هذه الشاكلة عندما نصحنا ( العارفه) بأن لا نلبس فردة واحدة من النعال أجلكم الله لأن الشيطان يفعل ذلك و اذا قلدناه في ما يفعل فسنأثم مثله ! ووجه كلامه الى المشاهدات خاصة : أختي البسي فردتين او امشي حافيه عافاك الله ! صرخت في وجهه : أي الفردتين يلبس الشيطان اليسرى أم اليمنى ؟ لماذا لا تقل له أن يعطيني فردته أو يأخذ فردتي فيسلم كلانا من الاثم ! ثم ما حاجة الشيطان لنعال اذا كان يطير في الهواء ؟ هل يخاف ان يدخل مسمار في رجله اذا نزل في ارض العراق ؟ كنت اريد ان استرسل في اسئلتي الغاضبة لولا ان اقفل الخط بوجهي و فهمت لاحقا ان الشخص الذي تحدث معي ما هو الا احد عمال الكونترول الذي تنحصر مهمته بجمع معلومات عن المتصل و تمريرها الى ( العارفه) لتعينه على ايهام المشاهد بأنه ، نستغفر الله ، يعلم الغيب !
لكن للأمانة أيضا قناة الديار تستحق الجائزة الاولى في ابراز مثل هذه البرامج التي ساعدت كثيرا من الخلق على الشفاء من أمراضهم التي عجز الاطباء عن شفائها (طبعا في مستشفياتنا التي يمرض فيها المعافى ) و فتكت بالكثير من الامهات و الآباء الذين يرفضون تزويج بناتهم بمن ذابوا في حبهم عشقا و هياما كما كان للقناة دورها البارز في "عقد ذيال" البنات ، أخوات الزوج عادة ، اللاتي لا تربطهن علاقة مودة بالمتصلات بالبرنامج الدافعات لكروت الاتصال التي تتقاسمها القناة و ضيف البرنامج و شركة الاتصال و للديار برنامج الضيف فيه يقود ميليشيا من الجن تعاقب على تقديمه و لا يزال اثنان من كبار فنانينا و مذيعة قديرة نأسف كل الاسف لانخراطهم في مثل هذه البرامج و لا نجد أن الحاجة المادية مبرر كاف لذلك
هل هذا كل ما لديك يا سيدي ؟ أمن اقصى اليسار الى أقصى اليمين ؟ هل هذا هو كل ما خرجت به من مسيرة نصف قرن في حقل الاعلام ؟ هل تبنيت أخيرا نظرية ( الجمهور عايز كده ) التي ضخت لنا مئات الافلام العربية الهابطة ساهمت في ضياع جيل كامل من الشباب خلال سبعينات القرن الماضي لتطبقها على برامج قناتك التلفزيونية ؟ أم هو عصر الانحطاط الثقافي الذي اكتسح كل شيئ و أباح كل المحرمات و عصف بافكاركم الثورية و التقدمية التي نشأتم عليها و طوح بها من أقصى اليسار الى اقصى اليمين ؟
659 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع