بقلم : عباس الخفاجي
دولة الرئيس ...
في الثمانينات تم القاء القبض على ثلاثة من الجنود الهاربين من الخدمة العسكرية ( أفرارية بالمصطلح العامي ) وتم أحالتهم الى المحكمة العسكرية ، وحين دخلوا على القاضي سأل أولهم : ولك ، من يا منطقه أنته؟
أجابه الجندي الأول : سيدي من البياع ، فرد القاضي : أنعل أبوك لابو البياع ، خمس سنوات سجن ، أخذوه.
سأل الثاني : وأنته لك من يا منطقة ؟ أجابه الجندي الثاني : سيدي من الصليخ ، فرد القاضي : أنعل أبوك لابو الصليخ ، خمس سنوات سجن ، أخذوه.
التفت القاضي صوب الجندي الثالث وسأله : ولك أنته من وين ؟ تمتم الجندي : سيدي آني من مدينة صدام ، فقال القاضي : أنعل أبوك لابو ... كسرة وعطش ، خمس سنوات سجن ، أخذوه.
رباط سالفتنه : أن الشعب العراقي خرج يتظاهر ضد وزير الكهرباء ، فتمت أقالة وزير حقوق الأنسان ، ونخشى أن يتظاهر ضد وزير النفط فتتم أقالة الكابتن حكيم شاكر.
لم يخرج الشعب للتظاهرات ترفا أو بطرا بل خرج بعد أن ضاقت به الحال الى أبعد ما يتصوره العقل ، فأنعدام الخدمات بشكل كلي عن كل المحافظات أدى الى تردي الأحوال المعيشية لآبناء الشعب ، أنعدام الكهرباء ، شحة الماء الصافي ، عدم وجود خدمات بلدية ، تراكم النفايات ، أزدياد نسب الفقر ، أزمة في السكن ، الأيجارات المرتفعة ، أنعدام الأمن ، أنعدام الخدمات الصحية ، كل ذلك وغيره هو السبب الحقيقي لخروج المتظاهرين بعد أن يئسوا من الوعود وملوا من التصريحات ، وفي الوقت الذي يعتاش الكثير من أبناء شعب أرض السواد على بقايا الطعام المرمي في النفايات ، يتنعم السياسيين بامتيازات لا حدود لها أضرت وبشكل كبير في موازنة الدولة وأنهكت مواردنا المالية حتى بتنا ننتظر اليوم الذي نجلس فيه جميعا على بساط المروة والفقر.
ترى ما الجرم الذي أجرمه شعب الرافدين كي تتم معاقبته بصورة جماعية من قبل أحزابكم وكتلكم جميعا ؟
هل لأننا بقينا طوال الحقبة الماضية في العراق ولم نغادره برغم الحروب وقوافل الشهداء الذين قدمنا ، ومن لم يمت بالحرب مات جراء الحصار الأقتصادي ، أم أنكم تعتبرون الشعب بأجمعه مشمول بالأجتثاث؟
صارحونا بالله عليكم : أجئتم لبناء العراق أم لتدميره ؟
لأننا لو علمنا مقصدكم أرتحنا وأرحناكم ،فلن يكون هناك حسابا معكم ولا تظاهر ضدكم ، بل سوف نترك الوطن الذي ولدنا ونشأنا فيه لكم ، تنعموا بموارده وخيراته بعيدا عن الشعب الذي بات يقلق نوم الكثيرين منكم .
ماذا حصدنا بعد العام 2003 ؟
دمرت الصناعة المحلية ، وأندثرت مئات المعامل والمصانع التي كانت تنتج وتستوعب أنتاجها الأسواق المحلية ، وشرد عمالها ، و أهملت الزراعة حتى باتت المنتجات المستوردة أرخص من منتجاتنا المحلية.
الخدمات البلدية المقدمة للمواطن في تراجع كبير حالها حال الخدمات الصحية والتعليم ، وكل ذلك بسبب الفساد الكبير لكثير من أولئك الذين تم تكليفهم بمناصب هم ليسوا أهلا لها سوى لأنهم كانوا ( من المعارضين لنظام صدام ) دون الألتفات لتحصيلهم الدراسي أو قدرتهم على الأدارة أو كفائتهم أو نزاهتهم ، ففشلوا في مناصبهم ، ثم سرقونا وهربوا تحت غطاء الجنسية المزدوجة التي يحملونها ، وفشلت كل الحكومات المتعاقبة بأستقدام أي واحد منهم أو أسترداد أي مبلغ سرقوه ، أما لأنهم أعضاء في أحزابهم أو كتلهم السياسية ، أو تربطهم علاقات قربى مع متنفذين.
وبعد كل هذه السنوات العجاف تأمل شعبنا خيرا بالحزم الأصلاحية التي قدمتموها عسى أن تكون مفتاح الفرج لهذا الشعب المسكين المظلوم ، لكنا وللأسف لم نلمس من هذه الأصلاحات شيئا يذكر سوى أرتفاع سعر كارت الموبايل الذي طبق في نفس يوم أعلان الخبر ، وطبعا لأن فيه ضررا للمواطن.
دولة الرئيس ...
لازلنا نقف معك نساندك ونشد على عضدك أن تضرب بكل ما أوتيت من قوة على يد الفاسدين والمجرمين والمنتفعين وسراق المال العام ، وننتظر حزم أصلاح حقيقية تمس حياة المواطن اليومية وأسلوب معيشته ، فهو غير معني بدمج الحي الصناعي في البياع مع مستشفى اليرموك التعليمي .
أودعناكم أغاتي ...
858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع