مصطفى العمري
بعدما تشوهت القوانين الكونية عند نزو العوامل الأرضية عليها , ماجت رائحة المهبل الشيطاني فتولدت شياطين مصبوغة بلون الجنس البشري , تتزاحم على لفظ الجلالة ( الله ) , تحاول تبرير كل الأعمال وفق السياقات السماوية , تترنح أمام الواقع تنهزم عند الحقيقة , لا تصمد أمام العمل ، تضحي بالعقل على حساب الجهل و المعرفة على حساب الطقوس و العبادة على حساب العادة .
تترنح قوانين الله على شفاه الناس ، يتعاملون مع اللفظ و يهملون الواقع ، الواقع الذي يقهر الطبائع و النواميس و يخزي الشعور الإنساني الجميل .
اعتقد ان الامم التي تكثر فيها الدعوة لعبادة الله ، هي اكثر الامم بعداً عن الله ، لانها تريد تسويق الله لكي تتحايل على عباده ، ولو كانت هذه الدعوات الإيمانية في بلادنا العربية و الاسلامية صادقة في فحواها و حركتها ، لما وصل المجتمع الى هذا الانحطاط و العزلة و القتل و الارهاب .
هناك خلل في المنهج العام عندنا بقي لسنوات طويلة لا يستطيع احد المساس به او مناقشته او مفاتشته ، انها الدوغمائية الدينية التي تحرم البحث في الأشياء لئلا يستفيق الناس فينتبهوا .
الواقع القائم ينبأ ان بعض الناس قد استفاق و القادم سيكون اكثر وعياً وجرأة و تفتيشاً عن كل المربعات التالفة في بناء الوعي الإنساني .
عدت من العراق حديثا سجلت ذاكرتي و قلمي اشياءً مثيرة و كثيرة سأحاول الاختصار و تبيان ان مقولتي الاولى ( الامم التي تكثر فيها الدعوة لعبادة الله هي اكثر الامم بعدا عن الله )
في العراق معظم الناس تتكلم بقوانين الله ، و يدعون للتمسك بها و يحاولون اجترار اكثر عدد لمعرفة هذه القوانين ، لكني مقتنع ان معظمهم لا يعرفون الله و لا قوانينه و احكامه . دليلي على قولي هذا القصة التالية :
في احدى المناطق الجنوبية تعاقد مقاول بناء مع الحكومة لبناء مبنىً ضخم على ضفاف الهور أطلقوا على البناء فيما بعد اسم ( المرسى )
شرع هذا المقاول ( المسيحي ) الغريب عن المنطقة جغرافياً و اجتماعياً و دينياً ، شرع في مشروعه الكبير و بدأ في إنزال بعض من المواد الأولية للبناء ، جاء له مجموعة من المنطقة من الذين يتحدثون كثيرا بقوانين الله ، طلبوا منه أموالاً مدعين ان ملكية الارض قبل ما يقارب الألف عام كانت لهم !
استجاب الرجل على مضض لانه يخشى ان احد هؤلاء الذين يعرفون الله يستخرج قانوناً إلهياً فيفتي بقتله لانه مسيحي !
لم يكمل الرجل إنزال جميع مواد البناء حتى اقدم عليه بعض من الأهالي يفرضون عليه قوانين قبلية ( الگوامة ) مفاد هذه القوانين لا يمكنك العمل مالم ترضي جميع الأطراف ، قالوا له نريد منك مواد البناء الطابوق الإسمنت الحديد الرمل و غيرها ، قال لهم ساخسر في عملي و ( سينهجم بيتي )
لكن الناس الذين لا يسقط الله من السنتهم اصروا على موقفهم و تراخى المقاول المسيحي الغريب عن أهله و اطفاله .
بدأ الرجل بالعمل الذي تعاقد عليه و بدأ الأهالي ببناء بيوتهم من كد و تعب و شقاء و أموال المقاول ( المسيحي )
لم يكتمل بناء المرسى بعد حتى اكتملت أبنية قريبة منه معتمدة على سرقة أموال و مواد لم تعرق فيها جباههم .
بعد حين اكمل الرجل عمله بعد توقفات عديدة كان الابتزاز فيها قوياً و الإرهاق عنيفاً ، بعد ان أنهى عمله اقدم عليه مجموعة من المنطقة قالوا له :
والله يا استاذ انت خوش ولد ( رجل جيد ) أحببناك كثيرا ، لكن عندك نقص واحد لو تسويه تصير تمام ، قال لهم ما هذا الشيء ؟ قالوا له تصير مسلم شيعي !
قال لي اكثر من شخص ، ان الرجل أجابهم بطريقة فيها الم و حزن قال : الاسلام الذي تمثلونه أنتم لا ارغب فيه أبدا .
هذه قصة حاولت ان اختصر بعض مآسيها و ألمها ، لكن شفيعي بها ان المجتمعات اذا بلغت غاية في التلوث و الانحدار و الانحطاط ، صارت تتكلم بالدين و تعاليمه ، لا تعبأ بتعاليمه و سلوكياته .
985 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع