أحمد الملا
وصل المشهد السياسي في العراق إلى مرحلة الذروة والى خط النهاية, خصوصاً بعد ازدياد وتيرة التظاهرات الشعبية وارتفاع سقف المطالب التي تلاحق رموز الفساد من قادة ورؤساء أحزاب وكتل سياسية مشتركة في العملية السياسية, وهذا جعل المشهد السياسي يصبح أكثر تعقيداً, فأما القبول بمطالب المتظاهرين وتنفيذها, وهذا ما لا يقبل به الشركاء السياسيين, وأما تسويف تلك المطالب وهذا ما لا يقبل به الشعب المنتفض ضد الفساد ورموزه.
فالمطلع على الحراك السياسي الآن في العراق يجد إن الخلافات السياسية تعصف في أقوى مكون سياسي في البرلمان وهو التحالف الوطني الشيعي, الذي انقسم لمحورين, محور يتكون من أحزاب تريد الوصاية الإيرانية وتعارض ما اسماه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالحزمة الإصلاحية، كونها أضرت بمصالح إيران وأطاحت بمناصب بعض القيادات والرموز في التحالف الوطني الشيعي.
أما المحور الأخر هو مجموعة من الكتل والأحزاب التي ركبت موجة التظاهرات وساندت إصلاحات العبادي وأيدتها من أجل مصالح ومنافع فئوية ضيقة تجعل منهم يبرزون كقيادات جديدة تبرز إلى الساحة عوضاً عن القيادات السابقة, وكذلك جاء تأييدها للإصلاحات هو من اجل التشفي والانتقام من الأحزاب الحاكمة في الحكومة السابقة.
وهذه الخلافات والتضاد في داخل التحالف الحاكم في العراق سيجعل من عملية الإصلاحات بوابة لأزمات سياسية مستقبلية قد تؤدي بالعراق إلى أزمة أمنية تعصف في محافظات الوسط والجنوب العراقي نتيجة لصراع " شيعي – شيعي " بسبب تلك الحزم الإصلاحية التي أطاحت وستطيح بأحزاب وترفع من شأن أحزاب أخرى, وبالتالي ستكون نتيجة العملية الإصلاحية أكثر ضرراً بالعراق وشعبه, وتكون هي عبارة عن مقدمة لخراب وانهيار الوضع في العراق, والذهاب به إلى نقطة اللاعودة.
لذلك فالحل الأمثل والأسلم الذي يجب أن يطبق في العراق هو تغيير العملية السياسية, وذلك من خلال التغيير الجذري للحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني مخلصة عاملة وتحت إشراف منظمة الأمم المتحدة والجامعة العربية, وإلا فإن المطالبة بعملية الإصلاح لا يقدم شيء فيجب أن تكون مطالب المتظاهرين العراقيين هي المطالبة بالتغيير الجذري وإلا فإن الوضع سيؤول إلى ما هو أسوأ, وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في بيان " الكهرباء ... أو ... الأطفال والنساء والدماء ؟؟!! " الذي أكد فيه على ضرورة التغيير الجذري وليس الحلول الجزئية والترقيعية.. حيث قال ...
{{...8ـ أنا معكم معكم معكم في الخروج بتظاهرات من أجل التغيير الحقيقي الجذري وليس من أجل التغرير والإبقاء على الفساد والفاسدين ، وإلّا فالقعود والسكوت أوْلى وأرجَح ...}}.
فالعراق الآن أصبح في مفترق طرق, أما طريق الإصلاحات الشكلية التي ستؤدي إلى خلق أزمات سياسية وأمنية تعصف به وبشعبه, أو اختيار الطريق الأخر وهو تغيير الحكومة والبرلمان وإلغاء الدستور وهو الأمر الذي فيه ضمان لطرد كل المفسدين وعدم السماح لهم بالتحكم والتلاعب بمصير وخيرات وثروات ومقدرات العراقيين.
839 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع