من اشد واقسى انواع الدكتاتوريات في التاريخ هي الدكتاتورية الدينية حيث تعطي الحق الى دين معين في فرض مبادئه و مناهجه فرضا قسريا لامجال فيه للنقاش والحوار وتستند هذه الدكتاتورية على اسس (شرعية) ضيقة تتعامل وفق مفهوم ان المخالف كافر ويجب اقصائه, وقد مورست هذه الدكتاتورية في القرون الوسطى خصوصا في الاندلس بعد سقوطها في معركة بلاط الشهداء حيث اسست السلطة الحاكمة" محاكم تفتيش دينية" لتعقب المسلمين,كما برزت بعض نماذج الحكم في عالمنا المعاصر مثل نظام الحكم في ايران عام 1979 ونظام حكم طالبان في افغانستان.
اما الدكتاتورية الطائفية فهي الوليد الشرعي للدكتاتورية الدينية, واشد تطرفا منها واكثر استهدافا الى المخالف واخطر أثراّ تجاه وحدة الشعوب والمجتمعات وقد برزت للعيان في القرن الواحد والعشرين واصبحت احد اهم وسائل القوى المضادة في تفتيت الشعوب وتقسيمها بالرغم من ان هناك بعض الاشارات التي تشير الى ممارسة هذا النوع من الدكتاتورية في القرون الوسطى ,لكنها لم تكون تحت شعارات طائفية صريحة.
تعريف الدكتاتورية الطائفية:
نظام حكم تتمركز السلطة فيه بيد شخص واحد او مجموعة من طائفة محددة. لا يكون النظام في صالح مجموع الرعية بل يخدم طائفة معينة, ونادرا ما تحترم حقوق الإنسان .
الدكتاتورية االدينية (الثيوقراطية) :
هي التي تدعي أنها توجه مباشرة من قبل الله، وهي مباركة إلهياّ. حيث يميل النظام إلى أن يكون متعصب وغير متسامح مع الأديان والطوائف الأخرى وتسعى الدولة لتشريع قوانينها وفق الشريعة . وغالباً ما يتم اقصاء المواطنين من أتباع الديانات والطوائف الأخرى أو يتم اعاقتهم عن المشاركة أويتم ابعادهم .
الدكتاتورية الطائفية:
تعد من اسوء انواع الانظمة في التاريخ السياسي تتجاوز في تطرفها الدكتاتورية الدينية , حيث تتدعي انها تمثل كل اطياف الشعب ولكن في حقيقة الامر تحابي طائفة معينة, هذا النوع من الدكتاتورية يشترط وجود مرجعية دينية توجهه.
هذه المرجيعية تعلن وبشكل واضح تفضيل طائفتها على الاّخرين وتعتبرهم الطائفة المنصورة وقد تعتبر الطوائف الاخرى كافرة وان الغريب في الدكتاتورية الطائفية , اَن تعتبر الطائفة الاخرى هي الهدف الاول في الاستهداف والاقصاء ومن ثم تأتي الاديان الاخرى كهدف ثاني.
ان المؤمنين بالطائفية ممن يٌمنحون سلطة الحكم سوف يتقوقعون في اطارالطائفية الضيق ولايمكنهم ان يغادروه بل قد يزدادون ايمانا بطائفيتهم اكثر من مرحلة قبل استلام السلطة ,وكل ما تقدم الزمن يغرقون في مستنقع الطائفية, وان اسباب ذلك تعود الى مايلي:
1. يعتبرونها فرصة تاريخية للكسب السياسي والمادي.
2. فرصة لاتعوض لترسيخ دعائم حكمهم استنادا للمشروع الطائفي.
3. عندما يتعرضون لاي ازمة سياسية سرعان ما يتنادوا الى الاصطفاف خلف شعارات وندائات طائفية لانقاذ مشروعهم.
4. يتمادون في ايهام الاخرين او الخصوم انهم ديمقراطيون ومع الحوار الوطني وبعيدين عن الدكتاتورية.
5. ايقانهم بانهم لايمكنهم من العيش الا في وسطع المجتمع الطائفي.
الية عملها:
1. تصر انظمة الدكتاتورية الطائفية على القول بانها تعمل تحت مظلة الديمقراطية، وتسعى على إجراء الانتخابات ، وانهم نتاج هذه الديمقراطية.
2. تحشيد إعلامي حكومي ضخم .
3. تروج لحملات مرشحيها الدعائية على كل الأصعدة المحلية.
4. تستندعلى فتاوي دينية من شيوخ الطائفة لاعطائهم الشرعية في الحكم والتصرف.
5. تعمد الى حشد جماهيرها وفق مشروع طائفي.
نتائج سياستها :
1. حالة متكررة من الاعتداء على الدستور .
2. سلسلة من التجاوزات والازمات والاستثناءات التي لا تنتهي. وتشكل هذه بمجموعها بوابة واسعة وعريضة للدخول إلى عالم الفوضى والتخبط.
3. تفشي الرشاوى، ويصبح أمام كبار مسؤولي الدولة ورموز السلطة، القدرة الهائلة على الكسب والثراء، غير المشروع.
4.استغلال مناصبهم لاحتكار الامتيازات، وإدارة مشاريعهم الخاصة، والفوز بعقود المشاريع الكبرى. وكل ذلك من خزينة الدولة .
5. تشل حركة المجتمع من الناحية القانونية، محدثة فراغات في توازن القوى، ومراكز صنع القرار،
6. ينتج عنها قوة أمنية عمياء، مبنية على اسس طائفية , تحمي المخالفات والتجاوزات ومرتكبيها من محاسبة القانون وان قانون هذه القوة الأمنية ينحصر في "قانون "الولاء المطلق للحاكم، وتجاوز كل قوانين الدولة.
7. عدم وجود نظام يستطيع أن يضمن عدالة توزيع الفرص والثروات على الأفراد.
8. تسود الاستثناءات والواسطات في الدولة ولا يستطيع الفرد أن يؤمن أنه إذا اجتهد في دراسته وتفوق في تحصيله العلمي، سينجح وسيجني ثمارجهده.
9. لن يكون هناك نهج في تجسيد العمل الوطني.
10. الكسب غير المشروع هو الطريق الأسهل لتامين المال والثروة.
11. انتهاكات و ممارسات ضد حقوق الانسان , وعلى اسس طائفية في غالب الاحيان.
12. لكونهم طائفيون نراهم يتعاملون وفق مبدا " الغاية تبرر الوسيلة" بالرغم من تعارض هذا المبدا مع المبادئ الدينية بشكل عام .
الدكتور وليد الراوي
956 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع