عدنان حسين
أمس بدأ أسبوع النزاهة الذي تنظمه هيأة النزاهة.. إنه الحدث السنوي السادس من نوعه على مدى السنوات الأخيرة. من الصعب أن نتصور أنه سيفيدنا في شيء إلا بقدر ما يفيد الاحتفال بعيد الشجرة في زراعة كم شجرة، أو بأسبوع المرور الذي لا ينجم عنه تطبيق قانون المرور والالتزام بنظام المرور ولو لساعة واحدة في شارع واحد في حي واحد من أحياء العاصمة أو أية مدينة أخرى! . وأرجو ألا يكون الحق معي في ظني هذا.
الشكّ في النتيجة المؤمّلة من الأسبوع الوطني السادس للنزاهة له ما يبرره، فما الذي حققته الأسابيع الخمسة السابقة لكي يأتي هذا الأسبوع بالمعجزة المطلوبة التي تعيد لملايين العراقيين الفقراء ملياراتهم المنهوبة، أو تفتح الباب لعملية كهذه؟
الكتاب يُقرأ من عنوانه، وكتاب الأسبوع الجديد للنزاهة قرأنا محتوياته من عنوانه الذي هو جلسة الافتتاح، فهذه المرة ايضاً، كما في كل مرة سابقة، امتلأت كراسي عديدة في القاعة بفاسدين كبار لم يتردد بعضهم من الجلوس في المقاعد الأمامية في تحدّ صلف لنا جميعاً، وافتراضاً لهيأة النزاهة نفسها أيضاً. في المرات السابقة حفلت مؤتمرات النزاهة وندواتها بفاسدين من هذا الحجم أو القياس. وعلى الدوام يجعلنا هذا نسأل: إذا كان كل هؤلاء غير فاسدين فمن يكون الفاسدون إذاً؟.. بالطبع لا يتبقى غيرنا!
أفترض أن هيأة النزاهة ستنشط في أسبوع النزاهة هذا للدعاية ضد الفساد الإداري والمالي في منشورات توزّع على المدارس والدوائر الحكومية.. هذا لا ينفع في شيء في الواقع، بل هو نفسه مظهر من مظاهر الفساد.
بالأعمال يُكافح الفساد، وكنّا ننتظر أن يفجّر رئيس هيأة النزاهة قنابل مدوية أمس وهو يفتتح الأسبوح السادس الذي يتوافق مع الأسبوع العاشر للحركة الاحتجاجية العارمة التي تتصدر مكافحة الفساد الإداري والمالي شعاراتها ومطالبها.. كنا ننتظر هذا لأن رئيس الهيأة نفسه وعد الخميس الماضي بأنه "سيسرُّ الوطنيِّين، ويُرعب المفسدين والمتجاوزين على المال العام"، بالإعلان عن نتائج أعمال فرق الهيأة الميدانيَّة العاملة على ملفات الفساد في وزارتي الكهرباء والتجارة وأمانة بغداد، كاشفاً عن أنه تسلّم تقارير هذه الفرق قبيل عطلة عيد الأضحى، وواصفاً نتاج عمل الفرق بأنه "خطير وكبير"، بحسب ما منشور في الموقع الإلكتروني للهيأة.
عوضاً عن هذا سمعنا من رئيس الهيأة أمس كلاماً لم نستطع معه أن نتمالك أنفسنا لنمتنع عن الضحك، فهو دعا رئيس مجلس الوزراء إلى "الإعلان عن العام 2016 عاماً للنزاهة"، وأعضاء مجلس الوزراء إلى "ارتداء الزي الأبيض في اجتماعاتهم للتعبير عن النزاهة والإخلاص والنقاء"!!
إذا ما استمع رئيس الوزراء الى الإقتراح الرئاسي هذا وبادر هو ووزراؤه إلى ارتداء الأبيض، ستكون لدينا دولة ناصعة البياض، فلن يبقى موظف فيها لا "يبيّض" نفسه، وأوائل المبيّضين سيكون الفاسدون الكبار الذين تصدّر بعضهم مشهد افتتاح الأسبوع السادس للنزاهة أمس.
1135 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع