نجم الدين الصميدعي
تَحَدثَ لي صديقي الذي كنت أتردد عليه بين حينٍ وأخر وكان في أحد الأيام منزعجاً نتيجة تشاجرهِ كالعادة مع زوجته لأسباب تافهة , وتطور الخلاف إلى أن قال لها إن وجودكِ في حياتي لا طعم فيه , فوجودكِ وعدم وجودكِ بالنسبة لي واحد, وكل ما تفعليه تستطيع أي خادمه أن تفعلها أو تفعل أفضل مما تفعلينَ أنتِ. فما كان منها إلا أن نظرت إلى زوجها بعينٍ دامعة وتركتهُ وذهبت إلى غرفة أخرى .
أما الزوج ترك ألأمور وراء ظهره بدون أي اهتمام وخلد إلى نومٍ عميق. وأثناء نومه تراود له (كابوس) بأنه يُشيع جثمان زوجته إلى قبرها وحوله جموع من الناس يعزونه بمصابه.
يقول وهو يروي ما تراودَ له في(الحلم) إني لم أشعر بفرق كبير ربما شعرت ببعض الحزن ولكني كنت أتذكر بأن (العشرة ) لها وقع على النفس فقلت في نفسي كلها يومين وسأنسى كل ذلك. استدرك قائلا عدت إلى البيت بعد انتهاء مراسيم العزاء ولكن ما أن دخلتُ البيت حتى أحسست بفراغ في المنزل لم أعتاده وكأن جدران البيت غادرت معها. استلقيت على السرير متحاشيا النظر إلى موضع نومها . بعد ثلاثة أيام انتهى مجلس العزاء استيقظت في الصباح متأخراً عن ميعاد العمل فنظرت إلى موضع نومها لأوبخها على عدم أيقاضي باكراً كما كنت معتاداً منها ولكني تذكرت إنها قد تركتني إلى الأبد ولا سبيل إلا أن أعتمد على نفسي. ذهبت إلى العمل متأخراً ومَرَ اليومَ عليَ ببط شديد ولكن أكثر ما افتقدتُ هو مكالمتها أليوميه لي لتخبرني بمتطلبات البيت يتبعها شجار معتاد على ماهية الطلبات وتخبرني بأن لا أتأخر عليها كثيراً , فكرت بالرغم من أن هذه المكالمة أليوميه كانت تزعجني ولكني لم أفكر قط أن طلبها مني أن لا أتأخر قد يكون بسبب حبها لي. تذكرتُ كلماتها الحنونة لكني لم أترجمها واقعاً كنت أتعمد التأخير عليها بزيارة أصدقائي ثم أعود إلى البيت وقلبي يتمنى أن يرى ابتسامتها الصافية وهي تستقبلني على الباب وأسمع جملتها المعتادة(كل إلي وصيتك عليها جبته) أجيبها نعم(ما تلكين حاجه نقص ) كنت أرى جملتها هذهِ كأنها سوء استقبال ولكني ألان اشتاق إلى سماعها ولو لمرة واحده فالبيت أصبح خاويا لا روح فيه , الدقائق تمر عليً وأنا وحيداً كأنها ساعات.
تذكرتُ كم كنتُ اتركها ساعات يومياً في البيت وحيدة بدون أن أفكر في إحساسها كم أهملتها وكنت انظر إلى نفسي فقط دون أن انظر إلى راحتها وسعادتها كم فكرت فيما أريد أنا لاما تريدهُ هيَ. وزاد الأمر عليً حين مرضت ولم أجد من يراعيني تذكرت رعايتها لي وسهرها عليً إلى أن يتم شفائي كأنها أمي وليست زوجتي.بَكيتُ على سوء حالي وبَكيتُ على فقداني لها وتظرعت إلى الله بالدعاء لها بالرحمة والمغفرة وشعرت بذنب كبير تجاهها .استيقظت من النوم فاعتدلت في فراشي وهرعت إلى الغرفة التي فيها زوجتي فوجدتها نائمة في مضجعها وتمتمتُ بكلمات الشكر لله تعالى أنه مجرد حلم (أضغاث أحلام) لم يحصل شيء اقتربت منها وقلبي يخفق دقاته وجدتها نائمة ووسادتها مغرقه بالدموع . أيقظتها فنظرت إلي باستغراب ولم أتمالك نفسي أمسكت بيدها وقبلتها وعانقتها وعيناي تذرف دمعاً وقلت لها أنا احبكِ أني لا أستطيع العيش بدونكِ.سألتها لما تبكين يا حبيبتي .قالت خفتُ عليكَ حين وجدتك تتنفس بصعوبة وأنت مغمور في أحلامك المزعجة .
الخلاصة :
*للأسف الشديد الكثير منا لا يدرك قيمة الأحبة في حياته حتى تفتقدهم.
*علينا تنشيط أواصر المحبة و الأخوة والروابط العائلية والصداقة وحسن المعاشرة واللين والكلمة الطيبة.
*أنشر العاطفة والمودة على أحبائك مادمت في أوساطهم وإلا بعد الفراق فليس للمشاعر قيمه في غيابهم .
*علينا أن نتعلم من الحياة إيجابياتها قبل أن يصدمنا مُسلمات الأقدار.
نسأل الله لنا ولكم حسن ألخاتمه
580 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع