بقلم : سالم ايليا
ربما سيستغرب القارئ الكريم من عنوان مقالي هذا والذي سيستفز مشاعر البعض من حيثُ المطالبة بتطبيق القوانين الإسرائيلية في بلداننا العربية، لِذا أتقدم بإعتذاري وأسفي الشديدين سلفاً لِمن سأتقاطع معه في الرأي بمطلبي هذا، خاصة وإننا قد نشأنا منذُ نعومة أظافرنا على كره الإسرائليين وإعتبارهم العدو الأول لنا لإغتصابهم أرض فلسطين وتشريدهم لمئات الآلاف من أبناءها !!.
ان الغاية من المقال ليست لتجميل صورة (عدوّنا) وإظهار إنسانيته على حساب نشر غسيلنا الوسخ على الملأ وإظهار وحشيتنا وكره بعضنا البعض، لكننا في ذات الوقت لا يجوز أن نفعل كالنعامة فندفن رؤوسنا في الرمال ونغض النظر عن الجرائم اليومية التي ترتكب بحق مواطنينا الأبرياء.
فكل يوم تقريباً تتناقل وكالات الأنباء المحلية والعالمية اخبار الإنفجارات والقتل المجاني وعلى مدار السنة للأبرياء من ابناء شعبنا وجلّهم من الأطفال والنساء والكسبة في الأسواق الشعبية ومناطقها الفقيرة، إذ بلغت تلك الأعداد المخيفة من الضحايا أضعاف أي رقمٍ في اي حربٍ خارجية خاضها العراق ضد اي دولة أجنبية.
كذلك كل يوم تقريباً تخرج علينا وسائل الإعلام بتصريح لهذا المسؤول أو ذاك بفضيحة فساد يكون بطلها مجهول الهوية وكأن الفاسد ليس (منّا وبينا) وإنما قد جاء من بلاد الواق واق سرق ونهب ثمّ إختفى.
نعم لقد شرّد الإسرائيليون الكثير من الفلسطينين لأنهم ليسوا من أبناء جلدتهم، فما بالنا وطوائفنا تشرّد بعضها البعض وتقتل بعضها البعض بطرق بربرية، حيثُ إمتلئت مساحات واسعة من البراري بخيم المهجّرين الذين يفتقدون الى أبسط الخدمات الإنسانية، كما (غصّت) دول المعمورة باللاجئين من جميع الطوائف نتيجة الحروب الطائفية المذهبية/القومية.
وما بالنا حين سمعنا بموت أحد الفلسطينيين تحت التعذيب في أول إسبوع إستلمت فيه السلطة الفلسطينية مقاليد إدارة الضفة الغربية بعد الإتفاق الفلسطيني – الإسرائيلي !!، فليس غريباً أو خافياً على أحد موت العشرات لا بل المئات تحت التعذيب في كل بلداننا العربية سنوياً، إذ إننا لربما (نتفهم) موت السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أو العكس، لكننا لم نسمع أبداً بموت إسرائيلي واحد نتيجة التعذيب في إسرائيل.
وفي تقديري هذا ما دفع بمجموعة من الفلسطينين للدفاع عن إسرائيل (وهم من عرب 1948 كما يطلق عليهم) !!، حين سمحت لي الظروف لحضور لقاءٍ في الأردن سنة 1995م بين أفراد عائلتين لأخوين التقيا بعد غياب إستمر منذ النكبة (في الخامس من حزيران سنة 1967م) حتى عام 1995م، وكان لقاءاً عاصفاً إمتزجت فيه الدموع بالضحكات، حيث كان جدال ابناء العمومة مع أحد أبناء عمهم (المقيم في الأردن) حين سألهم عن معاناتهم تحت ظل حكومة الإحتلال؟ ـ ـ فكانت إجابتهم : "نحن أفضل منكم بكثير أنتم الذين جئتم لاجئين الى الأردن، فلنا حرية الكلام ولدينا ممثلين في الكنيست الإسرائيلي يستطيعون تقديم رئيس الحكومة الى المسائلة أو حتى المحاكمة إذا كان لديهم أي دليل ضده ـ ـ فهل تستطيعون أنتم في الأردن فعل ذلك) !!، في حينها إتهمهم بعض الحضور بالمتواطئين مع العدو أو المتهودين، وحيثُ أن الإتهامات جاهزة في جعبنا !!.
كذلك خرجت علينا وسائل الإعلام قبل أكثر من سنة (تحديداً في يوم الأثنين المصادف الحادي والثلاثين من شهر آذار من عام 2014م) بخبرين منفصلين لكنهما يشتركان في فحواههما المتمثل بالفساد المالي، وأولهما : بيان هيئة النزاهة (الحمدلله لا زلنا نذكر أسم النزاهة فقد تصورت يوماً ما بأنه الغي من قاموس العراقيين) بشأن الأموال العراقية المهربة للخارج والبالغة تريليوناً واربعة عشر مليون دولار فقط لا غيرها (التريليون يساوي الف مليار دولار)!!!، حيثُ أوضح حينها مدير عام إسترداد الأموال المهربة في الهيئة المذكورة محمد علي في حديث خاص لإحدى القنوات الفضائية من "وجود بعض المعوقات في موضوع تسلم المتهمين واسترداد الأموال لاختلاف النظم الداخلية، إضافة إلى ازدواج الجنسية وإحكام قضائية يختلف عليها بين الدول"!!، انتهى كلام السيد محمد على، وهذا يعني بالعربي الفصيح ان الأموال وسارقيها عليهم الحصانة (الدولية) ذات الخمس نجوم !!، و" راحت فلوسك يا صابر"، إذ أن منظمة الشفافية العالمية صنّفت العراق كثالث أكثر دولة فساداً في العالم بعد الصومال والسودان في تقريرها للسنة الماضية، وافرحوا يا عرب، الدول الثلاثة الأولى المتصدرة للفساد في الترتيب العالمي هي دول عربية !!.
أما الخبر الثاني الذي ذكرته وسائل الإعلام تضمن قيام احدى المحاكم الإسرائيلية بالحكم بعقوبة السجن الفعلي لمدة ست سنوات على رئيس الوزراء الأسبق لإسرائيل "إيهود أولمرت" وبغرامة مالية مقدارها مليون شيكل (حوالي 289 الف دولار أمريكي) ومصادرة بعضاً من أملاكه بعد إدانته بقبول رشوى بقيمة (560) الف شيكل في مشروع "هولي لاند" العقاري عندما كان رئيساً لبلدية القدس للفترة (1993-2003م)، حيثُ قدم أولمرت إستقالته في عام 2009م اي بعد ثلاث سنوات من توليه منصب رئاسة الوزراء وقبل توجيه تهمة الفساد اليه، وليس كما يفعل سياسيو الصدفة الآن في التشبث بالمنصب حتى بعد ثبوت جرائم الرشوة والفساد عليهم مع سبق الإصرار والترصد.
وفي السياق ذاته سبق لمحكمة إسرائيلية أخرى ان قضت بعقوبة السجن على الرئيس الإسرائيلي السابق "موشيه كتساف" في قضية بعيدة عن الفساد المالي لكنها مرتبطة بالفساد الأخلاقي المتمثل بالتحرش الجنسي، فشكرنا الله لعدم وجود اي فساد اخلاقي في منظومة الساسة العراقيين عدا بعض الأفلام المسربة بواسطة التلفونات المحمولة لجلسات السمر وحفلات (الكاولية) وارتياد الملاهي الليلية في لبنان والدول الأوربية وما خفي كان أعظم.
وبعد هذا الذي ذكرته فليتهمني أحدهم بالوقوف مع (العدو) الصهيوني والدفاع عنه وتبرير جرائمه تجاه شعبنا العربي والتي لم تصل في أي حالٍ من الأحوال الى نقطةٍ في بحرٍ من الجرائم التي نرتكبها ضد أنفسنا.
628 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع