من دفتر الذكريات اليوم الوطني للسويد .. وبلي بليبول ...!

                                                        

                              بدري نوئيل / السويد

كنت مع حفيدتي مدعوان من قبل بعض افراد الجالية العراقية لمشاركتهم احتفالهم بمنحهم الجنسية السويدية ، كان المكان حدائق سكانسن في ستوكهولم وتبدأ مظاهر الاحتفال بالعزف الموسيقي للنشيد الوطني ومسيرات لأطفال رافعين العلم السويدي ثم يشارك الفنانين والمطربين الغناء ويتخلل الاحتفال الرقص الفلكلوري ويلبس عدد كبير من السويديين الملابس السويدية التقليدية ، كما يرفع على جميع وسائل النقل العلم السويدي .

سألتني حفيدتي : هل كان عندكم في العراق يوما وطنيا .
اجبت بخجل : عندنا في العراق اعياد وطنية كثيرة فمثلا عيد الجيش ويوم الشهيد وعيد الشجرة .
سألت بفضول :هل تعرف تاريخ هذا الاحتفال السويدي .
قلت لها :نعم الاحتفال يصادف السادس من حزيران ولهذا اليوم ثلاثة تواريخ الاول هو يوم تتويج الملك السويدي غوستاف فاسا في العام 1523 والثاني هو اليوم الذي شهدت السويد فيه في العام 1809 اقرار الدستور الذي حصلت بموجبه السويد على قوانين مهمة تضمن حقوق المواطنين ، في حرية التعبير وحماية المواطن وملكيته الشخصية . اما اليوم الثالث فهو في العام 1916  ، حيث اقر العلم الخاص بالسويد ، وسمي السادس من حزيران بيوم العلم وأصبح عيد وطني يحتفل به كل السويديين .
قالت : الان عرفت لماذا بهذا اليوم يمنحون الجنسية السويدية للمستحقين لأنه العيد الوطني للملكة .
قلت لها : انظري الى السويديين الجدد كيف يشعرون بالاطمئنان وهم يحملون الجنسية السويدية متطلعين الى المشاركة في حياة المجتمع ، رغم العقبات وأثقال الماضي الثقيل التي خلفوا ورائهم .
سألت مستفسرة: وهل كان للعراق نشيد وطني .
قلت لها : نعم للعراق نشيد وطني مر بعدة مراحل فمنذ تأسيس الدولة العراقية وتنصيب الملك وحتى قيام الجمهورية في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم كان النشيد الوطني عبارة عن لحن فقط دون كلمات ، و بعد عام 1963 اصبح لدينا نشيد وطني مشترك مع مصر وكان (و الله زمان يا سلاحى) ، وفي عام 1981 تغيير النشيد وأصبح (وطن مد على الأفق جناحا)  كلمات الشاعر شفيق الكمالي ، وبعد احداث عام 2003 اعتمد النشيد موطني من كلمات الشاعر ابراهيم طوقان (موطني موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء) .
و هناك قصة طريفة تخص النشيد الوطني : كان في العراق مدرب سباحة للفتيان يهودي عراقي وكل دورة تتخرج ينزل معهم للماء ويصيح بأعلى صوته ( بلي يابلبول ) ، فيرد المتدربون ورائه  (بلي يا بلبول ، بلي ) ، ففي خلال فترة حكم الملك غازي للعراق عام 1933كان الفنان التشكيلي حافظ الدروبي على راس الوفد العراقي المشارك في مهرجان الكشافة العالمي الذي اقيم في المانيا قبل الحرب العالمية الثانية وعقد المهرجان برعاية الزعيم النازي هتلر، وضمن التقليد المعمول به في هذا المهرجان فعلى الوفد المشارك عندما يقترب من المنصة التي يقف عليها هتلر يردد النشيد الوطني الخاص ببلاده ، ولم يكن للعراق نشيد وطني ، فأحرج الوفد كثيرا ، وتدارك الدروبي الموقف وصاح بأعلى صوته عند الاقتراب من منصة الزعيم الالماني ( بلي يا بلبول ، فردد الفريق بعده ، بلي، ما شفت العصفور ، بلي ، ينكر بالطاسه ، بلي، حليب براسه ، بلي ) ، وردد الجمهور الذي ملأ الملعب بلي بأعلى صوت ، فرد هتلر التحية على الوفد ومضى الامر بسلامة ، والمفاجئة الاكبر ان الجمهور الذي امتلأ به الملعب تفاعل مع النشيد الوطني العراقي وتمايل طربا دون سائر الاناشيد الاخرى . هكذا تخلص الوفد العراقي من الاحراج ومر الامر بسلام ، وبقت الذاكره والتاريخ يحفظ لنا بلي يا بلبول ، بلي . والسؤال ماذا كان يحصل للوفد العراقي لو عرف هتلر وفهم أن حافظ الدروبي أنشد أمامه  كلمات بدون معنى ومؤلفها يهودي .
من التراث البغدادي حكاية نشيد (بلي يابلبول) - جريدة المشرق

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3164 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع