بثينة خليفة قاسم
نالت حادثة سقوط الطائرة الروسية على أرض سيناء المصرية اهتماما كبيرا من قبل القوى الكبرى في العالم، وهذا أمر طبيعي، فكل حوادث سقوط الطائرات تكون مؤلمة وتظل فترة من الزمن متداولة في صدر نشرات الأخبار وفي عناوين الصحف وتطلق التكهنات والتحليلات ولكن لا يصدر التقرير النهائي إلا بعد تحليل المعلومات التي يحتويها الصندوق الأسود، ولكن بالنسبة للطائرة الروسية نجد المسألة مختلفة بدرجة كبيرة، فهناك استباق للأحداث وسعي من قبل بعض الأطراف لترجيح فرضية معينة على غيرها قبل أن تنتهي اللجان الفنية من عملها.
من الطبيعي أن تهتم روسيا بالحادثة على اعتبار أنها فقدت عددا من مواطنيها وكذلك سعيا منها لحماية مواطنيها من حوادث مشابهة في المستقبل، ولا أحد يستطيع أن يلوم الرئيس الروسي الذي اتخذ قرارا بتعليق الطيران إلى مصر، فالرجل يريد إطفاء الغضب الشعبي في بلاده ويريد حماية مواطنيه في المستقبل.
ومن الطبيعي أيضا أن تهتم الولايات المتحدة وبريطانيا بالموضوع من زاوية الخوف على السياح الذين يأتون لزيارة مصر، ولكن ليس من الطبيعي أن تقوم كل منهما باستباق الأحداث ومحاولة ترجيح فرضية وجود عمل إرهابي وراء الحادثة، وذلك من خلال التسريبات الإعلامية التي نشرتها الصحف في البلدين، لأن هذه التسريبات تضر بالاقتصاد المصري الذي يكافح ليقوم من كبوته ضررا بليغا على اعتبار أن السياحة تشكل ركنا ركينا فيه، وليس من الطبيعي وليس من الأخلاقي أن تقوم بريطانيا بسحب رعاياها من مصر قبل أن تتمخض التحقيقات عن شيء لأنها بذلك تقوم بتقوية فرضية وجود عمل إرهابي
خلف هذه الحادثة وتظهر نوايا سيئة تجاه مصر واستقرارها في هذه الظروف الحساسة.
هل يعقل أن تقوم جريدة بريطانية بحجم “الديلي ميل” في هذا التوقيت بنشر تقرير يقول إن طائرة بريطانية تعرضت قبل أشهر لإطلاق صاروخ عليها وإن مهارة قائد الطائرة وقيامه بالانحراف جعلاه يتفادى الصاروخ وينجو هو
والركاب؟
هل هناك طائرة مدنية مهما كانت مهارة قائدها على وجه الأرض تستطيع أن تتفادى صاروخا موجها ضدها؟ وإذا كان هذا قد حدث بالفعل فلماذا سكتت الديلي ميل وسكتت بريطانيا كل هذه الأشهر ولم تكلم إلا بعد سقوط الطائرة الروسية؟ لقد أطلق هذا التقرير الهزلي نوعا من السخرية اللاذعة ليس فقط من رواد الفيس بوك ولكن حتى من الروس أنفسهم.
فقد سخر الصحافي الروسي فلاديمير كرافيتس في تعليق له على الفيسبوك: “من الروايات البريطانية، قائلا: الركاب هربوا من صاروخ هاهاهاهاها، الطائرات الحربية نفسها لا تستطيع فعل هذا، وتمكنوا من فعلها بطائرة ركاب؟! يا
جدتي “ملكة بريطانيا” أحب سماع قصص ما قبل النوم”.
هل من الطبيعي أن تزعم بريطانيا أن لديها معلومات استخباراتية حول وجود عمل إرهابي خلف الحادثة وترفض في نفس الوقت إمداد مصر بهذه المعلومات؟ هل هناك دليل أكثر من هذا بأن بريطانيا تريد ضرب الاقتصاد المصري في مقتل؟ هل هناك دليل أكثر من هذا بأننا نشهد صراعا دوليا في منطقتنا ونشهد سعيا دؤوبا لإسقاط الدول الكبيرة في المنطقة؟
إن ردود أفعال الدول الكبرى في العالم تجاه هذه الحادثة تفتح المجال واسعا نحو طرح أسئلة كثيرة حول من المستفيد من هذه الحادثة ومن الذي يريد تقليم أظافر روسيا وإحراج الرئيس الروسي أمام شعبه ومن الذي يريد القضاء على الاقتصاد المصري؟
زبدة القول
لا يمكن فصل حادثة الطائرة الروسية عن بقية ما يجري في المنطقة من صراعات
بين القوى الكبرى.
1378 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع