خالد القشطيني
حتى الرأي العام الأميركي أخذ يمل من سلبية رئيسهم وبرودته. هذا ما جاء في الأنباء عن مشاعرهم حيال مجزرة باريس ورد فعل أوباما. فبين معظم زعماء الدول الغربية، وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي هولاند الذي قال إننا في حالة حرب، أظهر الرئيس أوباما برودة عجيبة. فما كان منه غير أن حثنا على عدم الخوف من «داعش»، وتمنى ألا يؤثر ما جرى في باريس على استعداد الأوروبيين لقبول مزيد من اللاجئين! والطريف في الأمر أنه نطق بذلك بعد أيام قليلة من إصدار حكومته قرارًا بالتشدد في قبول اللاجئين!
الموقف الأميركي حيال ما جرى ويجري في سوريا منذ انطلاق الربيع العربي وانتفاضة الشعب السوري، أصبح أمرًا محيرًا ومثبطًا، لا سيما عندما نقارنه بما جرى في العراق وليبيا. لقد ضحوا بأرواح ما يزيد على أربعة آلاف من جنودهم، وإنفاق المليارات من الدولارات على غزو العراق للإطاحة بدولة قائمة وآمنة ومستقرة لمجرد إشاعات عن امتلاكها أسلحة دمار شامل سمعها الرئيس بوش من نفر من الكذابين العراقيين. ولكن خليفته، الرئيس باراك أوباما راح يشيح بوجهه عن التضحية بقطرة دم أميركية واحدة من أجل إنقاذ شعب معذب تراق دماؤه
بالجملة كل يوم. يبدو أنه من رئيس طائش انتقلت الولايات المتحدة إلى يد رئيس عاجز لم يستطع أن يحقق حتى أمل شعبه في تقييد حمل السلاح في بلده.
ولعلنا نتساءل، هل سارعت الولايات المتحدة للتدخل العسكري في العراق وليبيا لأن فيهما نفطًا وليس في سوريا غير زيت الزيتون!
كانت لأميركا سياسة واضحة بالنسبة للشرق الأوسط، نحبها أو نكرهها ولكننا نعرفها. تبدد ذلك اليوم. كنا ننتظر منه اتخاذ خطوة جريئة حيال المسألة الفلسطينية. عين السيناتور ميتشل ليتولى ذلك. ذهب لمقابلة رئيس الحكومة
الإسرائيلية فجعله يجلس وينتظر لساعتين حتى يقابله. عاد الرجل لبلاده العظمى ولم يملك غير أن يقدم استقالته مهانًا ويائسًا من هذه المهمة. لم يقم الرئيس الأميركي بأي شيء للثأر لكرامة مبعوثه الرسمي. ولماذا نعجب؟ فهو
نفسه تعرض لمثل ذلك بين البيت الأبيض ونتنياهو قبل أسابيع قليلة، ولكنه الظاهر نسيه واستقبل غريمه نتنياهو في مكتبه باحترام ثم قدم له هدية بسيطة، ثلاثين مليون دولار من المساعدات الأميركية العسكرية. وحدث ذلك أثناء
المصادمات الدامية بين الجنود الإسرائيليين والشباب الفلسطينيين.
ومما يزيد في حيرتنا، أنه لم يبق لباراك أوباما غير أشهر قليلة في الحكم.
يقضي المنطق أن يبدي من الشجاعة وروح الإقدام الآن ويحقق ما كان يصبو لتحقيقه وتأمله البشرية منه. ولكن يبدو أن مهمات البيت الأبيض وضغوط اللوبيات السياسية قد أرهقته وجردته من أي عزيمة. فلم يعد لكثيرين منا ومن غيرنا أيضًا غير أن يجلسوا وينتظروا بفارغ الصبر رحيله من البيت الأبيض.
ولكَم حلمنا بدخوله فيه رئيسًا من سلالات العالم الثالث.
1563 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع