المقدمة:
دأب الكثير من الباحثين والسياسيين الى اجراء عملية ربط بين نجاح الثورة السورية وما ستعقبه من تأثيرات على الوضع في العراق حتى ذهب البعض الى ان يتأملوا قيام "ربيع عراقي " بعد ان يحسم الامر في سوريا بالرغم من طرح عدة سيناريوهات لما قد يحدث في العراق..
ان لسوريا تاثير مباشر على العراق اكثر من تاثير العراق على سوريا وخير دليل على ذلك الدور السوري اثناء الحرب العدوانية على العراق واحتلاله في التاسع من نيسان 2003 , كما استقبلت سوريا اكثر من مليون لاجئ عراقي قدمت لهم كافة التسهيلات المناسبة , اما الدور الشعبي فكان أكبر بكثير حيث قدم الاف المتطوعين السوريون للقتال في العراق قبل الاحتلال و بعده بالرغم من ان بعضهم ذهب مع تنظيم القاعدة عبرتنسيق وتوجيه المخابرات السورية ولمناقشة هذا الموضوع , يرى الباحث تحديد بعض العوامل المهمة في العلاقة بين سوريا والعراق.
1. تجاورسوريا محافظات عراقية عربية سنية هي الانبار ونينوى.
2. تشابك العشائر العراقية السورية وخصوصا في المناطق الحدودية.
3. ساندت الحكومة العراقية النظام السوري.
4. ساند الشعب العراقي في المحافظات السنية الثورة في سوريا.
نتيجة لما يعانية العراق من صراع بين القوى السياسية , اتخذ وللاسف طابع طائفي في كثير من الاحيان بحيث اصبح المواطن العراقي "السني" يعلن صراحة انه يعاني من الاقصاء والاستهداف , وبات بعض العراقيين السنة يترقبون قيام التغير في سوريا لكي تبدا صفحة العراق مستندا على قاعدة انطلاق " طائفية."
المقاتلين الاجانب في سوريا:
يقدر عدد عناصر تنظيم القاعدة والمقاتلين الأجانب الذين قدموا الى سوريا (10000عنصر) .تدفقوا للقتال ضد النظام السوري بعد قيام الثورة , اذ قدموا من العراق ولبنان واليمن وليبيا وتونس ودول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية والاجنبية ، بعد أن اصبحت "الشام أرض جهاد وليست أرض نصرة" حسب فكرالسلفية الجهادية.
صدرت العديد من البيانات من قيادات ( دولة العراق الاسلامية ) تدعو للجهاد في سوريا، والتي نشرت في عدة مواقع منها موقع (شبكة الجهاد العالمي) والتي تدعوا إلى (فتح باب التطوع للجهاد في سورية) .وكذلك في موقع (منتديات شبكة حنين)، وقد اعلن زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في الثالث عر من شهر شباط 2012 الجهاد ضد نظام بشار الأسد ودعم الشعب السوري ، وهو ما استجابت له عناصر تنظيم القاعدة ( الخلايا النائمة ) في سوريا والعناصرالقادمة إليها بعد انطلاق الثورة ، كما اعلن "أمير المؤمنين" في دولة العراق الإسلامية أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي في رسالة معنونة الى (المجاهدين في بلاد الشام) يحثهم على المضي في (ثورتهم)، "امضوا بارك الله فيكم، وإياكم أن ترضوا بحكم أو دستور غير حكم الله وشريعته المطهرة" هذا التقارب العقائدي والمكاني بين دولة العراق الاسلامية وبعض الخلايا النائمة اوجد تنظيم " جبهة النصرة لاهل الشام , ان وجود تنظيمات سلفية جهادية عديدة مثل" تنظيم فتح الإسلام وكتائب احرار بلاد الشام " في هذه المدن السورية القريبة من الحدود العراقية يؤدي الى رفع مستوى التداخل في العمل ، بل برر طارق الفضلي القيادي في تنظيم القاعدة في اليمن انسحاب تنظيمه من منطقة ابين وزنجباروتوجههم الى "الجهاد في سوريا ".
ان توجه العناصر الأجنبية لتنظيم القاعدة الى سوريا يذكرنا بمرحلة الجهاد الافغاني والقتال في العراق فيما اصبح يطلق عليه " عالمية الجهاد في سوريا ".
من غير المستبعد دخول هؤلاء المتشددين الى العراق والقتال ضد الحكومة وفق مشروع قتال طائفي ويصبح العراق "ارض جهاد وليس ارض نصرة "كما هو الحال عليه في سوريا ,مع تيسر ظروف ذاتية وموضوعية تساعد على قيام ذلك وفي هذه المرة ستجابه الحكومة العراقية عملا واسعا يشترك به الكثير مع بعض مجالس الصحوات نتيجة لما كابدوه من عناء نتيجة افعال الحكومة وقواتها المسلحة ضدهم وضد مناطقهم, وهم يعتبرون ان هذه فرصة ذهبية تيسرت بها عوامل متعددة اهمها:
1.انسحاب القوات الامريكية من العراق .
2.وجود نظام حكم في بغداد مؤسس وفق قاعدة محاصصة طائفية.
3. عملت هذه الجماعات المسلحة وخلال السنوات الثلاث الماضية على استرداد الحاضنة الشعبية وتامين مساندتها لهم .
4. عانت الحاضنة الشعبية السنية كثيرا من التصرفات االطائفية من بعض القوى الامنية .
من نتائج تغير النظام السوري:
1. صعود سلطة "سنية :في دمشق تعمل على دعم سنة العراق الذين يدعون الاضطهاد من الحكومة.
2. اشعال العنف الطائفي في العراق.
3. سيحرض النظام السوري الجديد على قيام كيان فدرالي سني في المحافظات المجاورة الى سوريا وقد يعملوا على ضمه اليهم اذا ما استقطع الجزء الساحلي من سوريا لتكوين دولة علوية.
اسباب تفاعل سنة العراق مع هذا المشروع:
1. اقصاء اهل السنة وحرمانهم الكثير من حقوقهم.
2. المحاصصة الطائفية.
3. الحشد الديني السني المدعوم داخليا واقليميا.
4. وجود الجماعات المسلحة "الجهادية".
5.قناعتهم بان موقف الحكومة العراقية في دعهما لنظام الاسد نابعا من رؤية طائفية.
محور ايران سوريا مرورا بالعراق
طالما اتهمت الحكومة العراقية بمساندتها للنظام السوري تنفيذا لاوامر ايران حيث تتهم بعض الاحزاب الحاكمة في العراق بارسال ميلشيات ومنها جيش المهدي وفيلق بدرللقتال الى جانب النظام السوري, كما يذكر دائما مشروع الهلال الشيعي كهدف تعمل قوى اسلامية "سنية" على تحطيمه وقد بات يروج لهذا المشروع في تصريحاتهم, بالمقابل تعمل قوى اقليمية على التهديد به من خلال جملة افعال تتلخص بالعلاقة مع حزب الله في لبنان والموقف المضاد من الثورة السورية والتحرك الايراني باتجاه الخليج العربي, وتمدد النفوذ الايراني في العراق, حتى بات البعض يطرح ان الوضع في العراق سيتغير نحو الافضل بسقوط النظام السوري وتحطيم الهلال الشيعي وامام هذه الطروحات بدا يطرح مشروع الجيش العراقي الحر وحاول البعض من العراقيين العمل على خلق هكذا مشروع من خلال محاولة الاتصال ببعض القوى الاقليمية , في حين صرح القسم الاخر بعدم ضرورة وجود مثل هذا الجيش بسبب وجود فصائل مقاومة متنوعة يستلزم تقديم الدعم لها, كل هذا لم يكن يحدث لولا العملية السياسية الفاشلة في العراق المبنية على اسس المحاصصة الطائفية والعنصرية بحيث اوجد مناخا لتقبل هذه المشاريع بل ذهب البعض الى القول باستحالةاستمرارالعيش المشترك على ارض واحدة.
امام زحف الثوار السوريون باتجاه مدينة دمشق قد يعمد النظام السوري الى الانسحاب الى الساحل ليؤسس دولة طائفية كدولة منفى على جزء" محرر" من سوريا بانتظار ظروف مناسبة ليتم تحرير كامل سوريا هذا المشروع سيلاقي الدعم من ايران حيث سيبقى في سوريا قاعدة لها القدرة على التواصل مع حزب الله في لبنان وسيبقى المحور الايراني مارا بسوريا ومنها الى حزب الله في لبنان بالرغم من محدودية تاثير هذا الخيار , و ستدعم ايظا روسيا هذا المشروع لانه سيظمن تواجد قواعدها البحرية في سوريا.
ماهو المطلوب من العراقيين:
امام هذا التحدي الخطيرالذي يهدد مستقبل العراق وحتى لاينجر العراق وراء هذه الاحداث يرى الباحث ضرورة معالجة بعض القضايا الهامة والعالقة والتي اذا ما اهملت ستؤدي الى ما لايحمد عقباه وعلى ضرورة اعادة تكوين اسس المواطنة الحقيقية وبث روح الولاء والانتماء الى العراق وليس الى ايران او تركيا اوغيرها من المحاور وهي:
1. على الحكومة العراقية العمل على اجراء مصالحة حقيقية وليس شكلية واعلامية .
2. اصدار جملة من القرارات التي من شأنها اعادة الثقة بين اطياف الشعب العراقي ومنها تطبيق قرار العفو.
3. الابتعاد عن كل سلوك وفعل من شأنه ان يزيد الاحتقان الطائفي والقومي.
4. اعادة تشكيل الحكومة على اسس الكفائة والنزاهة.
5. اجراء حوار مباشر بين الحكومة والمواطنين خصوصا في المناطق والمدن التي يشعر ابنائها بالتهميش بغية معالجة المشاكل العالقة.
6. اجراء حوارات سياسية مع نخب من الشعب العراقي بعيدة عن الاحزاب والقوى السياسية "التي تتاجر بمستقبل العراق " بغية حل كافة المشاكل العالقة.
الدكتور وليد الراوي
779 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع