صديق الگاردينيا الدائم
في سابقة من نوعها في عالم كرة القدم، أنهى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز مباراة السوبر بين بطل موريتانيا والفائز بكأس الرئيس عند الدقيقة 65، حيث لجأ الفريقان لضربات الترجيح ليفوز بها فريق تفرغ زينة بعد أن كان الفريقان تعادلا في الوقت الذي مضى من المباراة بهدف لمثله، قبل أن يصدر الرئيس قرار إنهاء المباراة، والذهاب لركلات الجزاء.
وحظيت خطوة الرئيس الموريتاني، بإيقاف المباراة قبل نهايتها بعشرين دقيقة، معتذراً بضيق وقته، وزحمة جدول أعماله بأصداء واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبروها واقعة فريدة من نوعها في عالم كرة القدم، حيث من المعروف أن وقت المباراة الأصلي خلال الشوطين 90 دقيقة.
تبرير الاتحاد الموريتاني
حاول الاتحاد الموريتاني لكرة القدم تبرير قيام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز بإنهاء مباراة "السوبر" لكرة القدم قبل وقتها الرسمي ودفع الفريقين المتنافسين إلى ضربات الجزاء لتتويج بطل السوبر، بسبب ضيق وقت الرئيس الذي حضر المباراة، بالقول إن المباراة احتفالية أكثر منها رياضية.
وقال رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، أحمد ولد يحيى، إن "مباراة نهائي السوبر ليست مباراة رسمية بالمعنى القانوني لهذه الكلمة، مضيفاً أنها مباراة احتفالية تم استحداثها منذ موسم 2011، للمشاركة في تخليد ذكرى الاستقلال، بحدث رياضي جذاب يجمع بين بطلي الدوري والكأس".
وقال ولد يحيى في بيان له، إنه وبناء على ذلك فإن اتخاذ قرار بوقف مثل هذه المباريات برضا الطرفين لا يعد خرقاً للقوانين "لأنها مباراة منفردة لا ترتبط بأي حقوق لمنافسين آخرين، ثم إن كرة القدم معروفة بمرونتها مع الظروف المختلفة، خاصة في حالة حصول الوفاق بين طرفين ما، دون أن يؤثر ذلك على طرف ثالث".
وأكد ولد يحيى أنه من يتحمل مسؤولية قرار إيقاف مباراة السوبر بين بطل موريتانيا والفائز بكأس الرئيس عند الدقيقة 65، حيث لجأ الفريقان لضربات الترجيح ليفوز بها فريق تفرغ زينة، وإنه لا علاقة للرئيس ولد عبدالعزيز بقرار الإيقاف.
وأوضح أنه كان من المقرر أن تبدأ المباراة في وقت مبكر من الذي انطلقت فيه، من أجل أن تنتهي وتوزع جوائزها في وضح النهار، "نظراً لانعدام الإنارة في ملعب نواذيبو، لكن انطلاقتها تأخرت عن ذلك لأسباب متعلقة بالتنظيم ودخول الجماهير وبعثتي الفريقين".
وأضاف "مع مرور الوقت، تبين لنا استحالة استكمال الوقت الأصلي للمباراة وتوزيع الجوائز قبل حلول الظلام، بسبب الغمام الذي كان يعم الجو، وقرب غروب الشمس، إضافة إلى حرص لاعبي ومسؤولي كل فريق على تتويجه من طرف رئيس الجمهورية شخصياً، والذي كانت عنده أيضاً بعض الارتباطات الأخرى، في هذه الحالة تشاورنا مع رئيسي الناديين ومدربيهما، ووافقوا على وقف المباراة واللجوء إلى ركلات الترجيح، لكون النتيجة متعادلة في ذلك الوقت. وبعد موافقتهم، اتخذنا قراراً بوقف المباراة، ولعب ركلات الترجيح".
من التاريخ القريب: صدام حسين يسحب منتخبه من كاس الخليج لصالح الكويت!!
حادثة تدخل الرئيس الموريتاني لإيقاف مباراة كرة القدم عند الدقيقة 65 قبل وقتها المقرر بسبب ارتباطات الرئيس وعدم سماح وقته للبقاء حتى النهاية، يعيد الى الاذهان قصة اخرى مختلفة عن تدخل الرؤساء في ايقاف مباريات كرة القدم.
القصة ترتبط بقرار الرئيس العراقي صدام حسين (يرحمه الله) ابان بطولة كأس الخليج بدورتها السادسة (19 آذار/ مارس لغاية 4 نيسان/ أبريل 1982) التي استضافتها دولة الامارات العربية المتحدة وافتتحها الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان وسط مهرجان كبير تخللته لوحات فنية وحضرها رئيس اللجنة الاولمبية الدولية في حينها خوان انطونيو سامارانش. حيث فازت الامارات في المباراة الافتتاحية على قطر بهدف وحيد سجله فهد خميس بحضور النجم البرازيلي بيليه.
وفي اليوم السابق للقاء العراق مع الكويت، وكان العراق هو الأرجح نقاطاً ونتائج لنيل اللقب، تسلم رئيس الوفد العراقي رسالة من الرئيس صدام حسين طالبه فيها بانسحاب المنتخب العراقي من الدورة لمصلحة نظيره الكويتي الذي كان يستعد حينذاك لتمثيل الكرة الخليجية في مونديال اسبانيا عام 1982.
وقد استقبل منظمو الدورة القرار بالدهشة والاستغراب واجتمع رئيس دولة الامارات مع رؤساء الوفود المشاركة ورفعوا مذكرة الى الرئيس العراقي للعدول عن قراره من دون جدوى فاستبعد العراق والغيت نتائجه وبالتالي توجت الكويت بطلة بعد ان تصدرت الترتيب برصيد 8 نقاط، امام البحرين (7) والامارات (6) والسعودية (5) وقطر (4) وعمان (من دون نقاط).
وكان الدافع الاساسي للرئيس صدام في انسحاب المنتخب العراقي امام المنتخب الكويتي بعدما اخذت منافسات الكرة وتفاعل جماهير دول الخليج مع فرقها، الى تأزم الاوضاع بين دول مجلس التعاون، وأثَّرَت بشكل واضح على العلاقات الشعبية بين تلك البلدان وبخاصة بين الكويتيين والعراق، في وقت كان يخوض العراق غمار حرب ضروس مع العدو الشرقي دفاعا عن الخليج وشعوب الخليج، فكان الدافع هو تهدئة الامور والقضاء على التشنج الذي ساد علاقات الشعوب وبخاصة بين العراق والكويت، ورغم ان صدام على معرفة مفصلة بالأثار التي تستتبع القرار في معاقبة العراق وتغريمه ماليا وشطب نتائجه بالدورة واعتباره خاسرا جميع مبارياته المفترضة مع الدول الاعضاء في البطولة، وبرغم التماس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات وشخصيات خليجية اخرى رياضية وسياسية الا ان الرئيس صدام اصرَّ على قراره بانسحاب المنتخب العراقي لصالح المنتخب الكويتي.
نص رسالة صدام حسين بانسحاب المنتخب العراقي لصالح الكويت:
اعلن انسحاب العراق من الدورة السادسة بناء على رسالة الرئيس العراقي صدام حسين الى رئيس واعضاء الوفد العراقي. وقد جاء في حيثيات قرار الانسحاب أنه جاء لمصلحة منتخب الكويت ودفعه لها وهي تستعد لخوض غمار المباريات النهائية لكأس العالم لكرة القدم وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لحث العراق على العودة لمواصلة مبارياته في الدورة إلا انه لم يتراجع.
وكان العراق قبل قرار الانسحاب قد فاز على منتخب الإمارات 4/صفر وعلى البحرين 3/صفر وفاز على السعودية 1/ صفر وعلي قطر 2/1 ولم يلتق مع الكويت وحل منتخب البحرين في المركز الثاني وجاء منتخب الامارات في المركز الثالث فالسعودية رابعا ثم قطر في المركز الخامس واخيرا منتخب الإمارات سادسا.
نص رسالة صدام حسين الى الوفد العراقي:
((.. ايها الإخوة رئيس واعضاء الوفد العراقي بدورة كأس الخليج العربي السادسة لكرة القدم ..
بعد التحية
لاحظت من خلال متابعتي لبعض فصول المباريات بين فرق الأشقاء المشاركة في الدورة أن الجمهور غالبا ما يأخذه الحماس فى التشجيع لفرقه الوطنية بما قد يضعه أحيانا في إطار من التعصب الذى ينعكس سلبياً على جانب من نظرته إلى العلاقات الأخوية .
إن ما نحرص عليه أشد الحرص هو أن يخطو العرب كل يوم خطوة إيجابية بقدر وحسب الظروف ومعطياتها وبما يحقق علاقات الأخوة والمحبة مع الجميع، ومن الطبيعي أن يتصرف العراق فى كل ميدان ونشاط على هذا الأساس، وبما يعزز بناء مستلزمات طريق المصير المشترك وهكذا ينبغي أن تحرصوا على أن تمثلوا شعب العراق وثورته بموجب هذه المبادئ ووفق هذه الصورة وأن يكون تصرفكم على أساسها وبما يضع نصب أعيننا جميعا خدمة الأمة العربية فى كل مكان، ويجعل علاقاتنا أخوية وصحيحة مع الجميع دائما، ولذلك نجد إن المصلحة القومية تقتضي منكم وربما تتدارسون هذا مستقبلا كذلك مع الفرق الرياضية الشقيقة لكل الأقطار العربية على أن تكون مبارياتكم ودية وأخوية من شأنها أن تنقل الخبرة الرياضية بين فرق الأقطار العربية وتعمق روح الأخوة، وأن تبتعدوا عن المباريات التي تهدف إلى إعلان الفوز والبطولة والكؤوس، وحتى تنضج في المستقبل إن شاء الله عوامل الروح الرياضية التي تجعل المباريات في كل ميادينها وأنواعها ونتائجها من شأنها أن توحد ولا تفرق وتحقق الألفة وتبعد التناحر.
ونظرا لأن هذه اللعبة بالذات تحتل تأثيرا كبيرا في نفوس أشقائنا في الكويت ولما للكويت من خصوصية في الصلة القومية الأخوية باعتباره بلد شقيق ومجاور للعراق نرجو أن تعلنوا انسحابكم من الدورة لصالحه، وأن يجري هذا بطريقة مفهومة الغرض ودون أي تأثير سلبي على استمرارية الدورة وروحها المقررة، مع تحياتي للجميع".
بعض التقارير الصحفية غير المؤكدة أرجعت سبب الانسحاب إلى غضب الرئيس الراحل من هتافات بعض جماهير الإمارات (من الجلية والأصول الإيرانية) ضد العراق، وضده وضد نظامه، وقيامهم بتمزيق صوره في شوارع أبو ظبي بعد انتهاء مباراة العراق والإمارات التي انتهت لصالح العراق 4/صفر.
شتان بين الحادثتين:
في الختام فاننا سقنا الحادثتين في سياق استعراض وقائع تدخل الرؤساء في مباريات كرة القدم، لكن شتان شتان بين واقعة موريتانيا وواقعة كاس الخليج، حيث كان قرار الرئيس العراقي بسحب منتخب العراق وهو على وشك نيل لقب وكاس البطولة من اجل ان يثبت للاخرين ان العراق ارفع شانا من المهاترات والتشنجات التي تخرب العلاقة بين ابناء العرب في منطقة الخليج العربي.
1194 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع