لميعة عباس عمارة
ليس سهلا أن تأتي بعد أصحاب المعلقات والمتنبي وشوقي والجواهري، وتأتي بالجديد المدهش في القصيدة العمودية… فهذا جهد فائق وعمل شاق يعل القلب وينهك الجسد.
وعبد الرزاق أراد أن يتحدى قدرة الإنسان وهو يتجاوز الثمانين ليسجل رقماً قياسياً بأنه كان مع الشعر حتى الموت. ومما يذكر عن عبد الرزاق أنه دخلت عليه ابنته الطفلة يوما وهو منشغل بكتابة قصيدة فسألته بخوف: بابا… هل أنت مريض؟
هكذا هو الشعر مرض، غير معدٍ، ولكنه منهك ومهلك، نستسهله في الصبا والشباب لأنه دفق العواطف المتأججة يسيل بلا عناء… وتخف العواطف، فيجتهد العقل في ترميم ما يبيد منه. رغم ذلك فقد أعاد عبد الرزاق للقصيدة العمودية هيبتها ومجدها القديم، الذي أبتلعته القصيدة الحرة وما يسمى بقصيدة النثر. وصار السائد هو هذه الموجة الجديدة من الشعر، حتى صارت الأذن تسأل أختها أسمعتِ ما سمعتُ والأكف تنتظر النهايات لتصفق.
أعرض الناشرون عن قبول دواوين الشعر ومشاركتها في معرض الكتاب أينما أقيمت هذه المعارض، وقد يضطر الشاعر إلى حمل نسخ من ديوانه ليقدمها هدية وكثيراً ما كانت هذه الكتب تترك عند باب المكان.
لم يسبق قبل رحيل عبد الرزاق أن تقام مجالس العزاء من أستراليا إلى موريتانيا مروراً بعمان الأردن وما بين المحيط والمحيط، لم يسبق لشاعر قبله هذا الامتداد الواسع وشغل وسائل الإعلام. فقد تحول عبد الرزاق بموته إلى قضية، وانقسم الناس إلى مؤيد محب، وكاره شاتم، وصامت على التل لا يجرؤ على الإفصاح عن رأيه.
كانت وما زالت معركة انتخابية نزيهة لم تلوث بها الأصابع ولا أبطلتها الرشوة.
وفاز عبد الرزاق بكثرة الناخبين، لقد دفع حياته ثمناً لهذا النجاح.
1155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع