تأليف
الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد والفاتح وصفاقس / سابقاً
القائمقام أبوعَـزام !
رواية واقعية تنقصها الصـراحة,من الحياة الأجتماعية
في العراق,.. في الحقبة بين سنة 1948- 1958م
يشعرأبوعزام بأنهيارقوته وفشل مخططاته,..أمام مطالب" صبرية ", ويغمره الشوق والرغبة في التمتع بأنوثتها, فيزداد ولهاً وأشتياقاً, ولامَ نـَفـسَـهُ على تركها, وسرح بحلم اليقظة قائلاً: * ** أحقاً كنت أضم هذه الغادة لصدري وكانت طوع أرادتي؟ كم كنت غبياً؟,عندما رميت نفسي على راغبة خاتون كأعمى في طريق مـُظلم , من أجل المال, فأين الثرى و وأين الثريا ؟
** يسترجع أبو عزام خططه الخسيسة ليجرب ردة فعل" صبرية ", ويقول لها :
لماذا لا تعطينا أبنتك لنربيها تحت أشراف أم عزام والخدم؟, ولاأعتقد ستوافقبن بالعيش معنا, لأنك متعودة بالعيش مع خالتك في البيت الذي كأنه زريبة للبهائم !,.. فأنا لا أرضى أن تترعـر أبنتي ألا في الوسط الأرسـتقـراطي الراقي, وسأشرف على دراستها لتكون مفخرة لجيلها !
* يكتنف "صبرية " الوجوم,.. ويصفروجهها لكلماته المسمومة التي أخترقت أذنها, وتقول:
* وماذا ستقول لحرمكم الخاتون ؟!,..هل هي لقيطة وجدتها عند باب مكتبك في الصباح ؟!
* لا,..سأقول لها أنها طفلة يتيمة, وأطلب أن ترعاها لتكسب من وراءها الثواب من عند الله!,
وسوف أسجلها واعطيها أسمي كأب وراغبة خاتون كأم,..وستعود كافة ثروة أم عزام بعد عمر طويل الى " نيران ",.. وسأردك كزوجة شرعية لي, فما هو رأيك يا حبيبتي "صبرية" ؟!,..
فتنظر"صبرية" لذلك الرجل الذي أقسم عند تخرجه أن يكون عادلاً ويحمي الناس من الظلم,.. وها هوويخطط لتحطيم آمالها, بعد أن وهبته زهرة شبابها وآمنت به كزوجة,.. والآن يساومها بشراء أبنتها عندما شـعربضعفها وعدم تمكنها من مقاومة متطلبات الحياة مع أبنتها الرضيعة!
* بعد نهاية أبو عزام من محاضرته, ..تجيبه بكل هدوء,..وماذا سيكون مصيري أذا ما أخذ الله عمرك قبل عمر راغبة خاتون؟, وتكلمه بعنف قائلة : وهل من أم تستطيع رمي فلذة كبدها في أحضان شخص عديم الضمير,.. يا أقذر خلق الله!
* ويبتسم لها لتخفيف غضبها ويقول: حسناً,..تعالي معها, وأشرفي على تربيتها,.. فتستغرب, " صبرية " وتقول له : بأية صفة ادخل بيت أم عزام؟!, وفوراً وبسخرية يقول: خادمة للطفلة, وللعناية بالسيدة راغبة خاتون!, لأنها طريحة الفراش!
** ثم يحاول تبرير خسته بالعيش مع راغبة خاتون ويقول: أنني فقط أشفق عليها وأنتظر يوم رحيلها لأستولي على ثروتها ونقيم مع بعضنا بهذا القصر الفسيح ونيران بيننا تترعرع , وانا وأنت نمرح ونسرح مع بعضنا بالنعيم وننسى عذاب السنين وجحود أهل الشطرة وسأصل الى المجد الذي كنت أحلم به!,.. وستكونين محط أنظارنساء بغداد فلا تتركي الفرصة تضيع منك, وسَـــنـُعـيـد ليالي الشطرة الجميلة !
* تصمت " صبرية " وتكاد تفقد النطق, وتحاول تجميع قدرتها للردعليه فتقول: خـَســـيــس!,
من المستحيل تصيرلك جاره, لم تعلمك الجامعة ولا المهنة,فمن أية ملة أنت وماهي جيناتك؟,
ولم يكترث أبو عزام للشتائم, ويستهزئ من منطقها, ويحاول أثارتها مرة أخرى, قائلاً: وهل
لديك أقوال أخرى؟!,..أنت عـُمري وحياتي مُلك يديك!,..فتردَ عليه باحتقار:
* (طيح الله حظك!),.. هذه هي ثقافتك التي تعلمتها من دراستك للقانون وحقوق الأنسان؟!!,
والآن زال عجبي من تسائل الملايين من الناس عن سبب تخلفنا, حتى أصبحنا أســفل البشر!,
متى يصحو ضميرك ياعديم الشـ.., تريدني خادمة لضرتي وتحرمني من أمومة أبنتي, فهل في الكون مثيلا لك,..يا ......, فيقاطعها ليمنعها من التمادي ويقول:
* أسمعي" صبرية ", لن تحصلي على شيئ أذا لم تذعني لأرادتي, فأسلوبك لن يفيدك البته !,
فالزواج السري لن يمنحك أي حقوق, وفكري بالأمرقبل فوات الأوان وقد أعذر من انذر!,...
فأذا كنت تعتقدين أنك تملكين وثيقة تثبت زواجي السري (المتعة),(فنكعيها وأشربي مايهه!),
ولايمكن تهديدي بها, لقد حسبت حساب هذا اليوم,..فلو دققت في تاريخ زواجنا لوجدتيه متأخر بعد عدة أشهر من تاريخ ميلاد نيران,..يعني أن البنت غير شرعيه!,.. وسوف أطعن بشرفك أمام المحاكم وأفضحك أمام خالتك وســكان محلتها,.. وحتماً شرفاء المحلة لا تقبل أن تـَعـيش بينهم فتاة باعت شرفها من دون عقد شرعي ولا حتى العقد الموسوم: (الزواج الموقت) !
*** يدب اليأس عند " صبرية " وترهبها قساوته وأحتمال التشهير بها بين أبناء المحلة, فتلين بعض الشيئ وتقول: أكيد فقدت عقلك, ما الذي تجنيه من تلطيخ سمعتك, فالبنت تشبهك وسوف
أحملها وأذهب الى عائلتك في مدينه هبهب, وأسلمها لهم وأقص عليهم ما أقترفت من ذنوب في مدينة الشطرة,.. وكيف خدعتني بالزواج السري لغاية يوم طردك!
* يهتز أبو عزام من الصفعة الجديدة ويعرض عليها سيناريو آخر يتلخص بتأجيره دار صغيرة تعيش فيه مع بنتها ويزورها بالســر,وقت ما يشاء, لحين وفاة راغبة خاتون,..عندئذ سيتزوجها بالطريقة الشرعية على سُنةَ الله ورسوله!
* يدب اليأس عند " صبرية ", ولا تلوح لها أية بادرة أمل من هذا الصفيق!, وتصمت قليلاً,..
والحسرة تكاد تمزق أحشاءها وتقول:
* لا فائدة من الكلام معك, وليس لي المقدرة على السجال مع أنسان فقد كل انسانيته,..لا فائدة
من الكلام معك,..فقد تركت أبنتي مريضة بأحضان خالتي من دون حليب , وجأت متوسلة بك من أجل مساعدتي بعرضها على طبيب وأستخراج وثائق ولادتها, لأدخالها مستشفى الأطفال, وكما أخبرتك فانا وخالتي على البلاطه, ولا نملك قوت يومنا,..وصارالجيران يتصدفون علينا ببقايا قوتهم اليومي,..وأكثرما نعانيه يكمن بتوفيرالحليب والعلاج للبنت الريضيعةحتى لا تموت اوتقع بمرض خطير,..فهل لك أن تنقذ هذه المخلوقة قبل فوات الأوان, فالأمرلا يحتمل التأخير ويرد عليها بكل برود,..ولم يكترث لمعاناة " صبرية " والشحوب الذي كســى وجهها !
* والله " صبرية " الآن غير ممكن,لدي اشغال مهمة,عودي ثانية الى المكتب بعد يومين!,ثم يـَمدَ يده في الخزانة ويستخرج منها رزمة من الدنانيرويقدمها لها قائلاً :
** هذه بعض الدنانير لعلاج أبنتك عند احد الطباء وشراء الدواء لها!,..فتتجمد الدماء بعروقها وتأبى أن تمدَ يدها الى الدنانير,..وتقول له: يا عديم الضمير, هذه أبنتك بحاجة الى لمسة حنان وليس لحزمة دنانير,والله لن أنسى موقفك هذا, وسيأتي اليوم الذي أقدم لك فيه فاتورة نذالتك !,
وسترى اليوم الأسود الذي سأنتقم فيه منك, فيقف أبوعزام منفعلاً وبوجه عبوس, صارخاً بها:
* هيا أخرجي ,.. ولا تريني وجهك ثانية,..أفهمت أم أستدعي الشرطة لك!؟
**فتنهض " صبرية " ولبسـت عباءتها, تنظر أليه بنظرات مفعمة بالحقد والضغينة, وكادت أن تخلع حذاءها لتضربه, فأنهارت قواها ولعنت الشيطان, وبصقت في الهواء , وقالت: تفوووووووو,..على القدرالذي رماني عليك, أنا وأنت والزمن طويل, وراحت تنتحب بصوت عال , فدفعها برفق حتى أخرجها من مكتبه !,. يتبع في الحلقة / 16 مع محبتي !
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
http://www.algardenia.com/maqalat/20444-2015-12-01-22-43-24.html
1365 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع